الحوثيون يهددون المسيحيين اليمنيين بمصير قس معتقل منذ 4 أعوام

TT

الحوثيون يهددون المسيحيين اليمنيين بمصير قس معتقل منذ 4 أعوام

دخل أتباع الديانة المسيحية من اليمنيين ضمن دائرة القمع والتنكيل الحوثية، إلى جوار أفراد الديانة اليهودية والطائفة البهائية، حيث أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بوجود القس المسيحي مشير خليدي (50 عاماً) في سجن تابع لمخابرات الجماعة منذ 4 أعوام، بالتزامن مع حملة اعتقالات شنتها الجماعة في أوساط أتباعه المقدرين بـ2000 شخص.
وفي حين يشرف وجود أتباع الديانة اليهودية في اليمن على الانتهاء، مع إصرار الحوثيين على ترحيل آخر أسرتين في صنعاء، كانت الجماعة قد أبعدت زعماء الطائفة البهائية إلى خارج البلاد، مع الاستمرار في محاكمة 19 منهم، رغم إصدارها في العام الماضي قراراً بالعفو عنهم، بعد اعتقال ومحاكمات استمرت 4 أعوام.
مصادر في العاصمة اليمنية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيا الحوثي استهدفت أتباع الديانة المسيحية من اليمنيين تحديداً، واعتقلت عدداً منهم، بينهم قس الطائفة الذي أودع سجن المخابرات منذ 4 سنوات، ويتعرض لصنوف التعذيب في ذلك السجن، مع آخرين. كما تواصل مخابرات الحوثيين التحري عن آخرين لم تكتشف معتقداتهم الدينية بعد، خاصة أن أغلب معتنقي المسيحية من اليمنيين قد غادروا البلاد في أوقات سابقة.
وأفاد لـ«الشرق الأوسط» سجناء سابقون أفرج عنهم مؤخراً من سجن المخابرات الحوثية، وأصدقاء لأتباع الديانة المسيحية، بأن الميليشيات الحوثية نفذت حملة ملاحقة ليمنيين تشتبه في أنهم من أتباع الديانة المسيحية، واعتقلت بعضهم، فيما لا يزال قس الطائفة التي يقدر عدد أفرادها بنحو 2000 شخص في سجن المخابرات منذ اعتقاله قبل 4 أعوام.
وفي حين تجنبت أسرة القس مشير خليدي الحديث عن ذلك خشية مضاعفة التنكيل به، ذكرت المصادر أن آخرين فروا من مناطق سيطرة الميليشيا إلى خارج اليمن، فيما انتقل بعض آخر للعيش في مناطق سيطرة الشرعية.
وقال أحد السجناء الذين أفرج عنهم أخيراً لـ«الشرق الأوسط» إنه تعرف في سجن المخابرات على قس الطائفة مشير خليدي، وآخرين سجنوا بسبب اعتناقهم المسيحية، وإن الرجل الذي يبلغ من العمر50 عاماً متزوج ولديه 5 أطفال، هم 3 بنات وولدان.
وأوضح أن خليدي اعتقل بعد فترة من سيطرة الحوثيين على صنعاء، وأخفي تماماً من ذلك الوقت، وهو يتعرض للتعذيب بشكل مستمر، وأن السجانين كانوا يقومون بين فترة وأخرى بوضعه لأسابيع في زنزانة انفرادية، وأن سجناء آخرين من معتنقي المسيحية تراجعوا عن معتقدهم تحت وطأة التعذيب، بحسب تأكيد المصدر.
إلى ذلك، ذكر اثنان من أصدقاء خليدي لـ«الشرق الأوسط»، مشترطين عدم ذكر اسميهما لأسباب أمنية، أن الرجل اعتنق المسيحية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وأن جالية يمنية من أتباع هذه الديانة يبلغ عددها نحو 2000 شخص كانوا قبل اقتحام الحوثيين للعاصمة يؤدون الشعائر الدينية سراً في منازل متفرقة في صنعاء وتعز وإب، وأن معظم هؤلاء هاجروا من اليمن، حيث يتم نقلهم إلى بيروت أو قبرص، وبعد ذلك ينتقلون إلى دول أخرى.
وبحسب هذه المصادر، فإن زوجة القس وأبناءه الخمسة يعيشون في شقة مستأجرة في صنعاء، وهم عاجزون عن فعل شيء، لأن الحوثيين لا يتسامحون مع اليمنيين من أتباع الديانات الأخرى، وسط مخاوف على حياتهم من التصفية بسبب نزعة التطرف التي تحملها الجماعة وأذرعها المخابراتية.
وتقول المصادر إن القيادي الحوثي خالد المداني يتولى الإمساك بملف ما تصفه الجماعة بـ«مظاهر التغريب»، وتشمل مهامه، إلى جانب ملاحقة أتباع الديانات الأخرى، طبيعة الأعمال التي يسمح للنساء بالعمل فيها، وضوابط ارتداء الملابس، والاختلاط في الجامعات والمعاهد.
وفي سياق متصل، أصدرت الجماعة البهائية العالمية بياناً، قالت فيه إن السلطات الحوثية تمارس مضايقات مستمرة ضد الأقلية البهائية في البلاد، وتقوم بممارسات تهدف إلى ترويع البهائيين، وتعريض حياتهم للخطر، والاستيلاء على ممتلكاتهم. وذكرت الجماعة أنه تم استدعاء 19 بهائياً أمام محكمة حوثية بهدف محاكمتهم، ليتم تصنيفهم على أنهم فارين من العدالة، إن لم يمثلوا أمام المحكمة. وحذرت من أنه في حال مثول البهائيين الـ19 المعنيين أمام المحكمة، فمن شبه المؤكد أنهم سيواجهون تهماً لا أساس لها من الصحة بسبب معتقدهم. وتشمل هذه التهم في العادة عدم «إظهار حسن الخلق» وعدم «الامتثال بالسلوك القويم»؛ ومن ثَمَ سجنهم، وتعريضهم لممارسات مسيئة.
‏وقالت ديان علائي، ممثلة الجامعة البهائية العالمية لدى الأمم المتحدة في جنيف: «إن ما يحدث لهؤلاء الأشخاص التسعة عشر هو أمر مشين، ولكنه أصبح مألوفاً للغاية بالنسبة لنا»، وذلك في إشارة إلى ما تعرض له 6 بهائيين يمنيين آخرين في السنوات السابقة. وكان البهائيون الستة قد اعتقلوا بين عامي 2013 و2017، وتم سجنهم وتعرضوا للتعذيب، إلى أن أدت حملة مدعومة من الأمم المتحدة إلى قيام الحوثيين بإخراجهم من السجن، شريطة نفيهم من اليمن. وبعد ذلك، قام الحوثيون بتصنيفهم «هاربين من العدالة»، رغم أنهم من قام بنفيهم وإجبارهم على مغادرة البلاد.
‏وتوقعت الجامعة البهائية أن تقوم الجهات الحوثية بنشر أسماء البهائيين التسعة عشر في وسائل الإعلام بصفتهم مطلوبين، ضمن خطوات الاستدعاء القضائي، مشيرة إلى أن الخيارات أمامهم محدودة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.