الرئيس المصري يشكل قيادة عسكرية موحدة لمنطقة شرق القناة.. ويتعهد بدحر الإرهاب وداعميه

قال إن بلاده تواجه أخطر تنظيم سري قياداته تقود دولا.. و«لن نترك سيناء لأحد»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب اجتماع مطول بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب اجتماع مطول بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)
TT
20

الرئيس المصري يشكل قيادة عسكرية موحدة لمنطقة شرق القناة.. ويتعهد بدحر الإرهاب وداعميه

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب اجتماع مطول بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب اجتماع مطول بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)

قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس (السبت) تشكيل «قيادة عسكرية موحدة شرق القناة لمكافحة الإرهاب»، في أول خطوة للرد على سلسلة عمليات متزامنة استهدفت مواقع للجيش في ثلاث مدن بشمال سيناء سقط خلالها عشرات القتلى. وقال الرئيس السيسي، عقب اجتماع مطول بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، إن بلاده تواجه أخطر تنظيم سري في العالم، لافتا إلى أن قيادات التنظيم تقود في الوقت الحالي دولا، مشددا على أن الجيش لن يترك سيناء لأحد.
وعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة جلسة طارئة أمس، برئاسة الرئيس السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصدر السيسي في ختام الاجتماع قرارا جمهوريا بتشكيل قيادة موحدة لإدارة العمليات في منطقة شرق القناة ومكافحة الإرهاب، بقيادة اللواء أركان حرب أسامة رشدي عسكر، مع ترقيته إلى رتبة الفريق. وتقليديا، يرقى في القوات المسلحة إلى رتبة الفريق رئيس أركان الجيش وقادة الأسلحة الرئيسية (القوات البحرية، والقوات الجوية، وقوات الدفاع الجوي). وقال الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف الليزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بترقية الفريق عسكر كخامس ضابط برتبة فريق في الجيش المصري يصبح قائدا للجيشين الثاني والثالث المتمركزين غرب قناة السويس».
وبث التلفزيون الرسمي المصري كلمة مسجلة للرئيس السيسي الذي ظهر محاطا بقادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وكشف السيسي خلال الكلمة عن جلسة جمعته بقيادي إخواني بارز لمدة 40 دقيقة، في شهر يونيو (حزيران) عام 2013، مشيرا إلى أن ذلك القيادي هدد الجيش بتدفق المقاتلين من أفغانستان وباكستان وسوريا والعراق وليبيا وفلسطين (في حال أقدم الجيش على التدخل في المسار السياسي في البلاد).
وأصدر الجيش، في أعقاب اللقاء الذي أشار إليه السيسي، بيانا يمهل الساسة في البلاد للتوصل إلى حل قبل مظاهرات دعت إليها حركة تمرد، التي قادت المظاهرات الشعبية التي انتهت بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013، بعد توافق الجيش وقادة سياسيين وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية.
وقال الرئيس السيسي إن «القرار الذي اتخذه الشعب كان كبيرا وقويا (في إشارة للمظاهرات الحاشدة ضد حكم الإخوان منتصف عام 2013).. وهو قرار اتخذه المصريون وليس أحدا آخر.. قلتم لا لن نكمل، ولهذا أنا قلت يوم 24 يوليو (2013) إنني أريد تفويضا في مواجهة الإرهاب والعنف المحتمل، لأنني كنت متأكدا أن هذا سيبقى المسار الذي سنتحرك فيه».
ووصف الرئيس السيسي جماعة الإخوان بأخطر الجماعات السرية في العصر الحديث، قائلا إن المصريين قرروا مواجهة هذه الجماعة في أقوى مراحلها، لافتا إلى أن قيادات بعض الدول يقودها حاليا قادة من الجماعة. وأضاف السيسي أن «إرادة مصر هي المستهدفة من العمليات الإرهابية»، مشددا على أن بلاده سوف تنتصر في معركتها مع الإرهاب. وأكد الرئيس المصري في كلمته التي بدا خلالها غاضبا أن المؤتمر الاقتصادي الذي تعتزم مصر تنظيمه في مارس (آذار) المقبل سيعقد في موعده. ووصف السيسي المؤتمر بأنه «ذراع مصر». وتابع السيسي «مش عاوز (لا أريد أن) أقول الدول اللي خاضت معارك ضد الإرهاب في أفغانستان وفي العراق كانت بتمشي وتسيب الإرهاب.. ولكن في مصر مش هنسيب (لن نترك) ده (الإرهاب).. إحنا مش هنسيب سيناء لحد ما تبقى بتاعة المصريين أو نموت». وأضاف الرئيس المصري أنه «عندما يختار الشعب المصري خيارا أنا سأنفذه بمنتهى القوة والأمانة والإخلاص.. إنما الصراع هذا نحن مصرون عليه، وأنا مدرك جيدا جدا ما أقول إننا سأنتصر فيه.. هذه معركة، لا أريد أن أقول الدول التي خاضت معارك ضد الإرهاب في أفغانستان والعراق وفي مناطق كثيرة من العالم كانت تترك الإرهاب، لكن في مصر لن نتركه.. لن نترك سيناء إلى أن تبقى سيناء ملك كل المصريين.. يا إما نموت».
وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا قال فيه إن اجتماعه أمس «بدأ بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهدائنا الأبرار»، كما استعرض المجلس أبعاد وتداعيات الحادث الإرهابي الذي تعرضت له منطقة شمال سيناء يوم الخميس (الماضي).. «واستمع الرئيس لشرح تفصيلي لملابسات الحادث، والإجراءات التي تقوم بها القوات المسلحة لمجابهة آثار الحادث وتطهير منطقة سيناء من العناصر الإرهابية والإجرامية». وأشاد الرئيس خلال الاجتماع بـ«جهود القوات المسلحة في التصدي للعمليات الإرهابية والإجرامية في كل ربوع مصر، بالتعاون مع أشقائهم من عناصر الشرطة المدنية، وما يبذلونه من تضحيات فداء لشعب مصر العظيم»، بحسب البيان.
وقال اللواء سيف الليزل إن الفريق عسكر يملك بحكم صلاحياته الجديدة ورتبته أن يتصرف ميدانيا مباشرة من دون الرجوع للقيادة المركزية، لافتا إلى أن بإمكانه حاليا تحريك الجيوش وإعادة تمركزها وشن حملات وتحريك قوات جوية وبحرية شرق القناة، مؤكدا أنه بات يملك ما سماه «صلاحيات مطلقة» في سيناء.



«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.