بايدن وخامنئي يتمسكان بشرط العودة للاتفاق النووي

ظريف يرفض إعادة مناقشة الاتفاق... وتباين إيراني حول «الإجماع» على التفاوض مع واشنطن

بايدن وخامنئي يتمسكان بشرط العودة للاتفاق النووي
TT

بايدن وخامنئي يتمسكان بشرط العودة للاتفاق النووي

بايدن وخامنئي يتمسكان بشرط العودة للاتفاق النووي

تبادلت واشنطن وطهران، أمس، اشتراط «الخطوة الأولى» للعودة إلى الاتفاق النووي، على أعلى المستويات. ورفض الرئيس الأميركي جو بايدن رفع العقوبات عن طهران ما لم توقف تخصيب اليورانيوم. وفي المقابل، قلل «المرشد» الإيراني علي خامنئي من فرص عودة بلاده إلى الاتفاق ما لم تُرفع العقوبات الأميركية، وأصر على إجماع المسؤولين الإيرانيين على الموقف من الإدارة الأميركية الجديدة، محذراً الأميركيين من «خطأ في الحسابات»، وذلك غداة تأكيد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على غياب الإجماع أو الاتفاق الداخلي على التفاوض مع واشنطن.
وشدد الرئيس الأميركي جو بايدن على سياسته حول العودة للاتفاق النووي، وقال رداً على سؤال في مقابلة خاصة مع شبكة «سي بي إس» الأميركية حول ما إذا ستكون الخطوة الأولى من جانب الولايات المتحدة برفع العقوبات عن إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات: «لا».
وفي وقت سابق، نقل موقع خامنئي الرسمي قوله: «لا يحق للأميركيين والأوروبيين وضع أي شروط؛ لأنهم انتهكوا الاتفاق النووي، والطرف الوحيد الذي يحق له وضع الشروط هو الجمهورية الإسلامية؛ لأنها التزمت بتعهداتها في الاتفاق النووي»، حسبما أورد موقعه الرسمي.
وكرر خامنئي في خطاب تقليدي أمام قادة القوات الجوية وطيارين من الجيش الإيراني بمناسبة ذكرى ثورة 1979، مرة أخرى شروطه لتراجع طهران عن انتهاكات كثيرة في اتفاق فيينا عام 2019، رداً على العقوبات الأميركية، فقال إن «إيران ستعود إلى التزامات الاتفاق النووي عندما ترفع أميركا جميع العقوبات؛ عملياً وليس بالكلام أو على الورق، يجب أن تتحقق إيران من رفع هذه العقوبات». وخلص إلى أن هذه «سياسة مؤكدة للجمهورية الإسلامية، ولا رجعة عنها، وجميع المسؤولين الإيرانيين متفقون عليها، ولن يحيد عنها أحد».
وفي ما بدا رداً سريعاً على تصريح بايدن، ظهر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس، في مقابلة مفاجئة مع شبكة «سي إن إن» وقال إن «الاتفاق النووي لا يمكن إعادة التفاوض حوله»، مشدداً على أن 21 فبراير (شباط) الحالي هو الموعد النهائي لوقف الالتزام بـ«البروتوكول الإضافي»، مضيفاً أن وقف إيران تطبيق «البروتوكول الإضافي» لن يعني إغلاق الباب تماماً في وجه الاتفاق النووي، وأن تصرفات إيران يمكن الرجوع عنها. وتابع أن حصول إيران على تعويض من واشنطن عن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي ليس «شرطاً مسبقاً» لإحياء الاتفاق، حسب «رويترز».
وتناقض تأكيد خامنئي على وحدة الصف الإيراني من العقوبات الأميركية أمس، قليلاً مع مقابلة لظريف قال فيها لصحيفة «همشهري»، أول من أمس، إنه «لا يوجد اتفاق في إيران حالياً على مستوى الدولة حول التفاوض مع أميركا».
ورأى ظريف أن تفاوض إيران وأميركا موضوع «يحتاج إلى إجماع في البلاد، واتفاق بين المستويات العليا من البلاد»، قبل قوله: «لدينا حالياً ظروف هي أنه لا يوجد إجماع في البلاد على التفاوض مع أميركا»، وذهب إلى حد التحذير من أن «الدخول إلى هذا المجال دون إجماع ليس عملاً صحيحاً فيما يخص السياسة الخارجية».
والاثنين الماضي، قال ظريف لموقع «جماران» الإخباري، إن شروط الأميركيين للعودة إلى الاتفاق النووي «لا تعني شيئاً»، مضيفاً أن بلاده «الطرف الوحيد» الذي يمكنه فرض الشروط؛ «لأنهم الطرف المنسحب من الاتفاق».
وبعد ساعات، حذر نظيره الأميركي أنتوني بلينكن من قدرة إيران على إنتاج مواد مشعة تكفي لصنع قنبلة نووية، في غضون أسابيع. وفي أعقاب التحذير، أبدى ظريف في تعليق عبر شبكة «سي إن إن»، تراجعاً عن شروط إيران، واقترح «عودة متزامنة» للبلدين إلى الاتفاق النووي، على أن يقوم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بتنسيق الخطوات.
وتقترب مهلة حددها البرلمان الإيراني في 21 فبراير الحالي لرفع العقوبات، وإلزام الحكومة بخطة جديدة لتقليص ارتباط إيران بالاتفاق النووي، في محاولة لممارسة «ضغوط قصوى» على إدارة بايدن الذي رهن العودة إلى الاتفاق النووي، بالتزام إيران أولاً.
وبالفعل بدأت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية اتخاذ خطوات ضمن الخطة الجديدة للبرلمان، وأنتجت الشهر الماضي أول 17 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، وباشرت أبحاثاً لإنتاج اليورانيوم المعدني. وأبلغت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية تركيب أجهزة طرد مركزي في منشأتي «فردو» و«نطنز». ولوحت طهران بخفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية، بتخليها عن «بروتوكول التفتيش الإضافي»، دون أن تلجأ إلى طرد المفتشين الدوليين. ورغم تحفظ الحكومة الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية في البداية على قرار البرلمان، فإن وزارة الخارجية الإيرانية التزمت تطبيق القرار في الساعات الأولى، قبل أن تتراجع الحكومة عن موقفها الرافض وتعلن امتثالها للقانون الجديد، الذي يتضمن بنوداً تنص على ملاحقة وسجن أي مسؤول إيراني يعرقل القانون.
ونشطت خطوط التواصل بين الإدارة الأميركية وحلفائها حول الملف الإيراني وخفض التوتر الإقليمي، خلال الأيام الأخيرة، وسط ازدياد التكهنات حول مستقبل الاتفاق النووي، والخطوات الأولى لفريق الخارجية الأميركية، الذي منح المفاوض السابق في الاتفاق النووي، روبرت مالي، شارة القيادة لدخول ملعب التفاوض مع جديد مع إيران.
وكانت وكالة «بلومبرغ» قد أفادت؛ نقلاً عن 4 مسؤولين أميركيين، بأن إدارة بايدن تدرس سبلاً لتخفيف معاناة طهران المالية دون رفع العقوبات الاقتصادية الساحقة؛ بما في ذلك مبيعات النفط، في خطوة نحو إحياء الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، في مايو (أيار) 2018، وتبنى استراتيجية «الضغوط القصوى» بفرض عقوبات اقتصادية لتعديل سلوك إيران الإقليمي وضبط برنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية، فضلاً عن قيود مشددة على برنامجها النووي تتجاوز فترة الاتفاق.
وبحسب المسؤولين الأربعة، فإن فريق بايدن يناقش خيارات تتمثل في «مبادرة إنسانية» تقضي بدعم طلب طهران الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتخفيف آثار فيروس «كورونا»، وتخفيف العقوبات التي حالت دون وصول المساعدات المتعلقة بالفيروس.
ونقلت «بلومبرغ» عن المسؤولين أن الرئيس جو بايدن «يمكنه التوقيع على أمر تنفيذي يعارض قرار ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي، لكن إصدار إعفاءات من العقوبات النفطية ليس مطروحاً في الوقت الحالي».
ونشر موقع «نور نيوز»؛ المنبر الإعلامي لـ«مجلس الأمن القومي»، 6 ملاحظات في دعم موقف خامنئي ورداً على تسريب «بلومبرغ» أول من أمس، وقال إن المعلومات تأتي في سياق ما عدّها «تتمة سيناريو لعبة بايدن الفارغة». وانتقد الموقع «عدم اتخاذ خطوات عملية» رغم المواقف الانتخابية لفريق بايدن، وأشار تحديداً إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن ونائبته ويندي شيرمان، ورئيس وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز.
كما عدّ أن التسريب يهدف من جهة إلى جس النبض الإيراني والروسي والصيني، قبل الإجماع واتخاذ القرار، ومن جهة أخرى يهدف إلى «ضغوط» على إيران، عبر منح بعض الامتيازات، و«تسليط الضوء على الفرق بين بايدن وسلفه ترمب لدى الرأي العام».
وعدّ الموقع أن «اللعبة الفارغة» من بايدن «تهدف إلى كسب الوقت لتقريب معارضي سياسة ترمب من (أميركا بايدن)». وفي النهاية رأي أن الخطة «تمنح الأوروبيين الفرصة لاستمرار مسارهم السابق في خفض التزامات الاتفاق النووي بموازاة الضغط على إيران».



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».