نقابات عمالية لبنانية تلوّح بـ«التمرد» على الإقفال العام

لبنان يبدأ اليوم تدريجياً إنهاء الإقفال العام (رويترز)
لبنان يبدأ اليوم تدريجياً إنهاء الإقفال العام (رويترز)
TT

نقابات عمالية لبنانية تلوّح بـ«التمرد» على الإقفال العام

لبنان يبدأ اليوم تدريجياً إنهاء الإقفال العام (رويترز)
لبنان يبدأ اليوم تدريجياً إنهاء الإقفال العام (رويترز)

لوحت نقابات عمالية في مختلف المناطق اللبنانية بالتمرد على قرار الإقفال العام الذي لم تعدله السلطات اللبنانية إلى مستويات تتيح فتح البلاد، وذلك في ظل محاولة السلطات احتواء انتشار فيروس «كورونا» من غير أن تقدم بديلاً حيوياً للقطاعات المهنية والمؤسسات التجارية المقفلة منذ 3 أسابيع.
وتخفف السلطات اللبنانية، بدءاً من اليوم، قرار الإقفال العام، لكنه لم يبلغ مستوى حرية التنقل أو ممارسة النشاط الاقتصادي بأكمله كما المعتاد. وتشمل الخطة إعادة فتح البلد تدريجياً على 4 دفعات.
وقال مدير «مستشفى رفيق الحريري»، فراس أبيض، إن «استراتيجية التخفيف من آثار العدوى والتعايش مع الفيروس لم تعطِ النتائج المرجوة. لقد ترافقت دورات الفتح والإغلاق في لبنان مع زيادة الوفيات والتدهور الاقتصادي»، لافتاً إلى أن بلداناً أخرى «اتبعت سبيلاً غير الذي اتبعناه، ووصلت إلى ما نرجو الوصول إليه».
ودفع تمديد الإقفال قطاعات اقتصادية واسعة إلى رفع الصوت، وصولاً إلى التلويح بعصيان القرار. وطالب «اتحاد نقابات العمال والمستخدمين» في صيدا والجنوب، في بيان، بـ«تعديل قرارات الإقفال، فعدم فتح الأسواق التجارية والمدن الصناعية ضمن ضوابط الصحة والسلامة، وضع العمال وأصحاب العمل في عنق الزجاجة، ولم يعد أمامهم إلا عصيان القرار».
وقالت «نقابة أصحاب المؤسسات والمحال التجارية» في البقاع (شرق لبنان) و«جمعية تجار بعلبك»، في بيان مشترك، إن «كبار المؤسسات أصبحت مهددة بالإفلاس والإقفال، وفي ظل هذا الوضع يأتي قرار التمديد بالإغلاق ويحمل القطاع التجاري ما آلت إليه الأمور من تفش لوباء (كورونا)، رغم أن القطاع التجاري بأجمعه تجاوب مع قرارات الحكومة وتحمل المسؤولية كاملة تجاه الصحة العامة والسلامة المجتمعية».
ودعت الحكومة إلى «تحمل مسؤولياتها والأخذ في الاعتبار ما تعانيه المؤسسات التجارية من استنفاد لقدراتها وانهيارها وعدم صمودها في ظل هذه الظروف الاقتصادية والمالية والمعيشية الصعبة»، مناشدة المعنيين «تعديل القرار والسماح بفتح الأسواق التجارية ضمن المعايير الصحية والضوابط اللازمة».
وعدّت «جمعية تجار محافظة عكار»، في بيان تلاه رئيس الجمعية إبراهيم الضهر، أن «قرار تمديد الإقفال للمؤسسات بسبب انتشار وباء (كورونا) جائر، لأن الحكومة تغاضت به عن الواقع المأساوي الذي يتخبط به التاجر لجهة حجم الالتزام الملقى على عاتقه، والذي لم يعد يستطيع تحمله، وصولاً إلى الإفلاس». ونبهت إلى «خطورة المرحلة المقبلة لجهة تفاقم الوضع المعيشي الذي سيؤدي إلى إقفال عدد كبير من المؤسسات، مما يزيد عدد العمال المصروفين من أعمالهم ويفاقم أزمة البطالة».
وناشدت «جمعية تجار طرابلس»، في بيان، وزيري الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، والصحة الدكتور حمد حسن، و«لجنة كورونا» المعنية، «تعديل قرار معاودة النشاط الاقتصادي». وذكرت أنه «نتيجة للمسح الميداني الذي قام به أمين السر غسان الحسامي، تأكد لنا آسفين أنه تم إقفال 270 محلاً ومؤسسة تجارية في طرابلس إلى غير رجعة، وما نجم منها من تداعيات وأزمة اجتماعية من جراء صرف للموظفين والعاملين، ونؤكد اليوم ارتفاع هذا العدد بسبب تفاقم تداعيات جائحة (كورونا)، ومنها إجراءات التعبئة العامة والإقفال العام».
كذلك، أعلنت «جمعية تجار محافظة النبطية»... «عدم قدرة التجار على دفع رواتب موظفيهم وإيجاراتهم وسائر الرسوم والديون المتراكمة».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.