وساطة أوروبية لنزع التوتر بين السودان وإثيوبيا

اتفاق بين الخرطوم و«الجنائية الدولية» لتسهيل مهامها في دارفور

TT

وساطة أوروبية لنزع التوتر بين السودان وإثيوبيا

أجرى المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، محادثات مع كبار المسؤولين في الحكومة السودانية وقادة في الجيش بشأن الأوضاع الأمنية على الحدود الشرقية مع إثيوبيا، وكيفية إيجاد حلول سلمية للأزمة.
ووصل هافيستو الخرطوم، مساء أول من أمس، في زيارة ليومين، لإجراء مشاورات مع المسؤولين في السودان وإثيوبيا في إطار مبادرة وساطة يسعى من خلالها الاتحاد الأوروبي، للمساعدة في تخفيف حدة التوتر الحدودي بين البلدين.
وعقد هافيستو لقاءات شملت أمس رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، كما التقى وزيري الخارجية والري.
وتشهد الحدود حشوداً عسكرية واشتباكات متقطعة بين البلدين، إثر إعادة الجيش انتشاره داخل أراضيه والسيطرة على مناطقه، عقب اعتداءات لقوات وميليشيات إثيوبية على قوات من الجيش السوداني.
وذكر بيان الاتحاد الأوروبي، أن مبعوثه استمع لموقف السودان القانوني وتحركاته الدبلوماسية بشأن التوتر على حدوده الشرقية مع إثيوبيا، وأوضاع اللاجئين الإثيوبيين في المعسكرات السودانية.
وأشار البيان إلى أن اللقاءات مع العسكريين في مجلس السيادة الانتقالي وقادة الجيش، تطرقت إلى الأوضاع الأمنية بشرق السودان مع إثيوبيا، ودور الجيش في دعم الحكومة المدنية والانتقال الديمقراطي في السودان.
ودحض وزير الخارجية السوداني عمر قمر الدين الادعاءات الإثيوبية التي تنقض اتفاقية 1902 لتخطيط الحدود المتفق عليها دولياً، بحجة أن الاتفاقية وقعت في زمن الاستعمار، وقال إن «إثيوبيا تستخدم الخرائط المتفق عليها دولياً لتحديد حدودها مع إريتريا بينما ترفض اعتمادها لترسيم حدودها مع السودان».
وتصاعد التوتر الحدودي بين البلدين إبان النزاع في إقليم تيغراي الإثيوبي، بعد مهاجمة قوات وميليشيات إثيوبية لقوات سودانية داخل أراضيها، أدت إلى مقتل 3 أفراد وضابط برتبة رفيعة. وعلى إثر الهجوم، أعاد الجيش السوداني انتشاره داخل أراضيه وسيطر على أكثر من 80 في المائة من المناطق التي كانت تشهد وجوداً إثيوبياً لسنوات.
ومن جهة ثانية، بحث المبعوث الأوروبي ووزير الري السوداني ياسر عباس، آخر تطورات المفاوضات بين السودان وإثيوبيا ومصر حول «سد النهضة» الإثيوبي.
وعرض عباس على المسؤول الأوروبي مقترحاً سودانياً بضرورة توسيع مظلة الوساطة في المفاوضات لتشمل الأمم المتحدة، وحذر من مخاطر إعلان إثيوبيا البدء في الملء الثاني للسد بصورة أحادية في يوليو (تموز) المقبل. وذكر الاتحاد الأوروبي أن وزير الخارجية الفنلندي، كُلّف من قبل الممثل السامي للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، بزيارة السودان وإثيوبيا كمبعوث خاص، للمساعدة في تخفيف التوترات وتقديم الدعم الدولي لإيجاد حلول سلمية للأزمات الحالية التي تواجه المنطقة.
من جهة أخرى، اتفقت الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية الدولية على توقيع «مذكرة تفاهم» توضح شكل التعاون بين الطرفين، وتسهل مهام وفود المحكمة، غداة استقبال قمر الدين وفداً من المحكمة برئاسة فاكيسو موشوشوكو الذي وصل البلاد في زيارة رسمية.
وتطالب المحكمة الجنائية بتسليم كل من الرئيس المعزول عمر البشير ووزير دفاعه الأسبق عبد الرحيم محمد حسين ووزير الدولة بوزارة الداخلية الأسبق أحمد محمد هارون، لمواجهة اتهامات تتعلق بالإبادة الجماعية، والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ارتكبت إبان حكمهم في إقليم دارفور السوداني.
وقالت الخارجية السودانية في نشرة صحافية، أمس، إن الطرفين اتفقا على «توقيع مذكرة تفاهم مستقبلاً بين السودان والمحكمة»، فيما أشاد وفد المحكمة بـ«التعاون مع حكومة الفترة الانتقالية، لتحقيق العدالة لضحايا الحرب في دارفور».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».