مسبار «الأمل» الإماراتي... أول مهمة من ثلاث تصل إلى المريخ

صورة التُقطت في 20 يوليو 2020 لبث إطلاق مسبار المريخ «الأمل» بمركز محمد بن راشد للفضاء في دبي (أ.ف.ب)
صورة التُقطت في 20 يوليو 2020 لبث إطلاق مسبار المريخ «الأمل» بمركز محمد بن راشد للفضاء في دبي (أ.ف.ب)
TT

مسبار «الأمل» الإماراتي... أول مهمة من ثلاث تصل إلى المريخ

صورة التُقطت في 20 يوليو 2020 لبث إطلاق مسبار المريخ «الأمل» بمركز محمد بن راشد للفضاء في دبي (أ.ف.ب)
صورة التُقطت في 20 يوليو 2020 لبث إطلاق مسبار المريخ «الأمل» بمركز محمد بن راشد للفضاء في دبي (أ.ف.ب)

من المتوقع أن يصل مسبار «الأمل» الإماراتي، أول رحلة عربية استكشافية من نوعها، إلى مدار كوكب المريخ بعد غد (الثلاثاء)، ما يجعله أول مهمة من أصل ثلاث تبلغ الكوكب الأحمر هذا الشهر.
وأطلقت كل من الإمارات والصين والولايات المتحدة مهمات إلى كوكب المريخ في يوليو (تموز) الماضي، مستفيدةً من تموضع فضائي مؤاتٍ لإرسال دفعة جديدة من آليات البحث إلى المدار أو إلى سطح الكوكب الأكثر استقطاباً للاهتمام في المجموعة الشمسية.
وفي حال نجاح المهمة، ستصبح الإمارات خامس دولة في العالم تصل إلى المريخ بينما ستصبح الصين السادسة في اليوم التالي.
وقبيل الموعد المرتقب، أضاءت الإمارات معالمها باللون الأحمر ليلاً، ووضعت الحسابات الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي صورة مسبار «الأمل»، بينما يستعد برج خليفة، أطول مباني العالم، لعرض احتفالي ضخم.
وعلى عكس مشروعي المريخ الآخرين، «تياونوين - 1» الصيني و«المريخ 2020» الأميركي، لن يهبط المسبار الإماراتي على الكوكب الأحمر بل سيدور بدلاً من ذلك حوله لمدة عام مريخي كامل، أي ما يعادل 687 يوماً.
وحدها الولايات المتحدة والهند والاتحاد السوفياتي السابق ووكالة الفضاء الأوروبية نجحت في إرسال بعثات إلى مدار الكوكب الأحمر.
بعد انطلاقه بنجاح من اليابان في يوليو الماضي، تواجه مهمة مسبار «الأمل» مناورتها «الأكثر أهمية وتعقيداً»، وفقاً لمسؤولين إماراتيين، مع نسبة نجاح تبلغ 50% لدخول مدار المريخ.
وستكون عملية إبطاء سرعة المركبة الفضائية إلى الحد الذي يسمح بإدخالها في مدار جاذبية المريخ دقيقة جداً، وستبدأ مساء الثلاثاء في الساعة 19:30 بالتوقيت المحلي (15:30 ت غ).
وسيدور المسبار إلى الحد الذي يسمح بإدخاله في مدار الالتقاط، وتستمر عملية حرق الوقود باستخدام ستة محركات للدفع العكسي لمدة 27 دقيقة ليقوم ذاتياً بخفض سرعته من 121 ألف كيلومتر إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة.
وستستهلك هذه العملية المعقدة نصف الوقود في المسبار، مع 11 دقيقة لتصل إشارة من مسبار «الأمل» إلى كوكب الأرض.
وقال مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ عمران شرف، إنه «لَفخر كبير» أن تكون الإمارات أول من يصل إلى الكوكب الأحمر هذا العام. وأضاف: «نشعر بتواضع لكوننا في مثل هذه الشراكة، لم يكن هذا سباقاً بالنسبة لنا أبداً، فنحن نتعامل مع الفضاء على أنه جهد وتعاون».
وفي حين أنّ هدف المهمة تقديم صورة شاملة عن ديناميكيات الطقس في أجواء الكوكب وتمهيد الطريق لتحقيق اختراقات علمية، فإن المسبار جزء من هدف أكبر هو بناء مستوطنة بشرية على المريخ خلال مائة عام.
وهذه أول مهمة من نوعها في العالم العربي، وقد صُمِّمت لتكون مصدر إلهام للجيل الشاب في منطقة غالباً ما تشهد صراعات وأزمات اقتصادية.
ويستخدم المسبار ثلاث وسائل علمية لمراقبة الغلاف الجوي للمريخ، ومن المتوقع أن يبدأ في إرسال المعلومات إلى الأرض في سبتمبر (أيلول) 2021.
ولن يتأخر المسبار الفضائي الصيني «تياونوين - 1» أو «أسئلة إلى السماء» في اللحاق بالمسبار الإماراتي، حيث من المتوقع أن يصل إلى محيط المريخ، الأربعاء.
وقام المسبار بالفعل بإرسال أول صورة للكوكب الأحمر، الجمعة، تُظهر تجمعاً غازياً وما يشبه الحُفَر. والتقِطَت الصورة بالأبيض والأسود من مسافة نحو 2,2 مليون كيلومتر من المريخ، وفقاً لوكالة الفضاء الصينية.
ويتألف «تياونوين - 1» من مسبار مراقبة سيدور حول الكوكب الأحمر، ومركبة هبوط، إضافة إلى روبوت مسيّر بعجلات سيتولى تحليل تربة المريخ.
ويُتوقع إنزال الروبوت الموجود في المسبار على الكوكب في مايو (أيار)، وهو يزن نحو 240 كيلوغراماً وجُهّز بأربعة ألواح شمسية.
وتأمل الصين في أن تحقق في هذه المحاولة المستقلة الأولى لاستكشاف المريخ كل ما أنجزته الولايات المتحدة تقريباً خلال سنوات من المهمات إلى المريخ منذ ستينات القرن العشرين، أي وضع مسبار في المدار، وإنزال مركبة هبوط، ثم إخراج روبوت مسيّر منها.
وكانت محاولة صينية - روسية سابقة في 2011 قد توقفت قبل الأوان بعدما فشلت عملية الإطلاق.
أمّا الروبوت الجوال «برسفيرنس» الذي أرسلته وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، فإنّه مصمَّم لاكتشاف آثار لجراثيم قديمة كان يعجّ بها الكوكب الأحمر على الأرجح قبل ثلاثة مليارات سنة.
ويحمل المسبار معه أيضاً مروحية صغيرة ستحاول إنجاز أول تحليق جوي على كوكب آخر.
وفي حال وصول المركبة الأميركية من دون أضرار في 18 فبراير (شباط) 2021 ستكون الخامسة التي تنجح في إتمام هذه الرحلة منذ عام 1997.
وتتمثل مهمة «برسفيرنس» الرئيسية في البحث عن آثار حياة سابقة على المريخ، ومن المتوقع أن تتواصل لنحو عامين.
وسيتولى «برسفيرنس» في سابقة أيضاً، أخذ نحو ثلاثين عينة من صخور المريخ ووضعها في أنابيب ستعيدها مهمة أميركية أوروبية مقبلة إلى الأرض في 2031 على أقرب تقدير.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.