حيثيات قرار {الجنائية} بخصوص فلسطين

قررت المحكمة الجنائية الدولية أن ولايتها فيما يخص حالة فلسطين تشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (إ.ب.أ)
قررت المحكمة الجنائية الدولية أن ولايتها فيما يخص حالة فلسطين تشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (إ.ب.أ)
TT

حيثيات قرار {الجنائية} بخصوص فلسطين

قررت المحكمة الجنائية الدولية أن ولايتها فيما يخص حالة فلسطين تشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (إ.ب.أ)
قررت المحكمة الجنائية الدولية أن ولايتها فيما يخص حالة فلسطين تشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (إ.ب.أ)

أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية، أول من أمس، قرارها بخصوص طلب مدعي المحكمة فيما يخص الولاية الإقليمية داخل فلسطين. وقررت الدائرة، بأغلبية الآراء، أن الولاية الإقليمية للمحكمة فيما يخص الحالة في فلسطين، الدولة الطرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تمتد إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وتحديداً قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
فما حيثيات هذا القرار؟
أشارت الدائرة التمهيدية الأولى، في قرارها، إلى أن المحكمة الجنائية الدولية غير مختصة دستورياً بالبت في المسائل المتعلقة بالدولة التي من شأنها إلزام المجتمع الدولي. ومن خلال حكمها المتعلق بالنطاق الإقليمي لولايتها القضائية، فإن الدائرة لا تفصل في نزاع حدودي بموجب القانون الدولي، ولا تحكم مسبقاً في مسألة أي حدود مستقبلية، وإنما الغرض الوحيد من وراء الحكم الصادر عن الدائرة يتركز في تحديد الولاية الإقليمية للمحكمة، بحسب ما جاء في نص الحكم الذي وزعته المحكمة.
وكانت الدائرة التمهيدية الأولى قد نظرت في طلب المدعي، وكذلك مذكرات مقدمة من دول ومنظمات ومفكرين آخرين شاركوا بصفة صديق للمحكمة، بجانب مجموعات من الضحايا. وقضت الدائرة بأنه، وفقاً للمعنى العادي لشروطها في إطارها، وفي ضوء موضوع النظام الأساسي والغرض منه، فإن الإشارة إلى «الدولة التي وقع على أرضها السلوك المعني» في المادة 12 (2) (أ) من النظام الأساسي يجب تفسيرها بصفتها إشارة إلى دولة طرف في نظام روما الأساسي.
وخلصت الدائرة إلى أنه بغض النظر عن وضعها في ظل القانون الدولي العام، فإن انضمام فلسطين إلى النظام الأساسي اتبع الإجراءات الصحيحة المعتادة، وإن الدائرة لا تملك سلطة الطعن على ومراجعة نتيجة إجراءات الانضمام التي أجرتها جمعية الدول الأطراف. وعليه، فإن فلسطين وافقت على إخضاع نفسها لبنود نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتملك الحق في أن يجري التعامل معها مثل أي دولة طرف في الأمور المتعلقة بتنفيذ النظام الأساسي.
وأشارت الدائرة التمهيدية الأولى إلى أنه من بين القرارات ذات الصياغة المماثلة، فإن الجمعية العام للأمم المتحدة في القرار 67-19 «(أعادت التأكيد) على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واستقلال دولته الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية التي تعرضت للاحتلال منذ عام 1967». وعلى هذا الأساس، وجدت الأغلبية، المؤلفة من القاضية رين أديلايد صوفي ألابيني غانسو والقاضي مارك بيرين دي بريشامبو، أن الولاية الإقليمية للمحكمة في الحالة في فلسطين تمتد إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وتحديداً غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، بحسب ما جاء في نص القرار.
بالإضافة إلى ذلك، خلصت الدائرة، بالأغلبية، إلى أن الحجج المتعلقة باتفاقيات أوسلو، وبنودها التي تحد من نطاق الولاية القضائية الفلسطينية، ليست ذات صلة بتسوية مسألة الولاية الإقليمية للمحكمة داخل فلسطين. ويمكن فحص مثل هذه الأمور وغيرها من المسائل المتعلقة بالولاية القضائية عندما يقدم المدعي طلباً لإصدار أمر إلقاء القبض أو استدعاء.
وأوضحت المحكمة أن القاضي مارين بيرين دي بريشامبو أرفق رأياً منفصلاً جزئياً حول الأسباب التي تجعل المادة 19 (3) من نظام روما الأساسي قابلة للتطبيق في الموقف الراهن. وأرفق القاضي بيتر كوفاكس، القاضي الرئيس، رأياً مخالفاً جزئياً، أبدى في إطاره اختلافه في الرأي مع حقيقة أن فلسطين تعد «الدولة التي وقع على أراضيها السلوك المعني» تبعاً لأغراض المادة 12 (2) (أ) من نظام روما الأساسي، وأن الولاية الإقليمية للمحكمة في الحالة في فلسطين تمتد -على نحو شبه تلقائي، ودونما أي قيود- إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وتحديداً غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.