التونسيون يتظاهرون مجدداً احتجاجاً على «تجاوزات الشرطة»

تزامناً مع مسيرات تطالب بمعرفة ملابسات اغتيال القيادي شكري بلعيد

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
TT

التونسيون يتظاهرون مجدداً احتجاجاً على «تجاوزات الشرطة»

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)

شهدت شوارع العاصمة التونسية، أمس، تحركات اجتماعية عنيفة مطالبة بالتنمية والتشغيل، اعتبرت الأضخم في تونس منذ سنوات، وذلك رغم الطوق الأمني الذي فرضته الشرطة على العاصمة.
وجاءت المظاهرات، التي دعا إليها الاتحاد التونسي للشغل، احتجاجاً على انتهاكات من جانب الشرطة، قال المحتجون إنها عرضت للخطر الحريات المكتسبة في ثورة 2011 التي أطلقت شرارة «الربيع العربي». وأيضاً إحياء للذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في مثل هذا اليوم من سنة 2013.
وشهدت شوارع العاصمة، منذ ساعات الصباح الأولى، تعزيزات أمنية مكثفة، وأغلقت الوحدات الأمنية جميع الشوارع المؤدية إلى شارع الحبيب بورقيبة، وأقامت نقاط تفتيش موجهة للفئات الشابة وسؤالهم عن أسباب المرور. كما منعت المتظاهرين الموجودين بشارع محمد الخامس بالعاصمة من دخول شارع الحبيب بورقيبة للاحتجاج أمام مقر وزارة الداخلية؛ بهدف منع الاحتكاك بين المحتجين وقوات الأمن.
كما كثفت الوحدات الأمنية من الحواجز الحديدية لمنع المرور باتجاه شارع الحبيب بورقيبة، فيما رفع المحتجون شعارات مناوئة أبرزها: «لا خوف... لا رعب... السلطة ملك الشعب» و«مَن وراء اغتيال الشهيد شكري بلعيد؟»، و«أطلقوا سراح الموقوفين».
وطالب المحتجون في مظاهراتهم بالقطع مع ثقافة الإفلات من العقاب، والكشف عن ملابسات الاغتيالات السياسية، والتمسك بالحقوق الدستورية، كحق التعبير وحق التظاهر والاحتجاج السلمي، باعتبارها مكاسب لا يمكن الالتفاف عليها بأي شكل من الأشكال، وإطلاق سراح كل موقوفي الحراك الاحتجاجي، ووقف كل الملاحقات القضائية في حقهم.
وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن دعمه لهذه المسيرة الاحتجاجية، وقال سمير الشفي، القيادي النقابي، إنه تفاجأ من حجم الانتهاكات والتجاوزات التي استهدفت عدداً من الشبان الموقوفين خلال التحركات الاحتجاجية التي وقعت في يناير (كانون الثاني) الماضي بمناطق مختلفة من تونس. وعبر عن أمله في ألا تكون هذه التجاوزات «مدبرة أو تعبر عن سياسة ممنهجة»، خاصة بعد أن أعلنت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن رصدها «عمليات تعذيب شديد وانتهاكات في صفوف الموقوفين».
وجدد حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) تمسكه بكشف الحقيقة كاملة بخصوص جريمة اغتيال شكري بلعيد، مديناً ما اعتبره «مساعي محمومة لأطراف الحكم، وعلى رأسها حركة النهضة للهيمنة على القضاء، وتعطيل مسار كشف الحقيقة في كل القضايا المتعلقة بالإرهاب، وعلى رأسها قضايا الاغتيال السياسي».
في السياق ذاته، أكدت بسمة الخلفاوي، زوجة شكري بلعيد، لـ«الشرق الأوسط»، تواصل المعركة بين الدفاع والقضاء منذ ثماني سنوات من أجل افتكاك الحقيقة، مبرزة أن القضاء «لم يتعامل بجدية مع المعلومات التي قدمتها هيئة الدفاع عن بلعيد، وتعمد تشتيت الملفات بهدف تشتيت الحقيقة»، واتهمت الخلفاوي الجهاز السري لحركة النهضة بالتورط في عملية الاغتيال، مؤكدة وجود ضغوطات مسلطة على القضاء لطمس الحقيقة. على صعيد غير متصل، وبشأن مآل الأزمة الدستورية بين رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس الجمهورية قيس سعيد، دعت «حركة الشعب» المعارضة، رئيس الحكومة إلى سحب الوزراء الأربعة الذين تحوم حولهم شبهات فساد وتضارب مصالح، أو يعلن استقالته.
وقال أسامة عويدات، القيادي في حركة الشعب، إن حزبه يرفض وجود وزراء تحوم حولهم شبهات فساد، كما يرفض سياسة الكيل بمكيالين، التي ينتهجها حزب حركة النهضة، الذي أسقط حكومة إلياس الفخفاخ بتهمة تضارب المصالح، وفي الآن ذاته يدعم التعديل الوزاري، الذي يضم وزراء تحوم حولهم شبهات فساد، على حد تعبيره.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».