الخبز والوقود والأمن... مطالب الليبيين العاجلة من القيادة الجديدة

ليبيون في فسحة وسط ساحة الشهيد بطرابلس (رويترز)
ليبيون في فسحة وسط ساحة الشهيد بطرابلس (رويترز)
TT

الخبز والوقود والأمن... مطالب الليبيين العاجلة من القيادة الجديدة

ليبيون في فسحة وسط ساحة الشهيد بطرابلس (رويترز)
ليبيون في فسحة وسط ساحة الشهيد بطرابلس (رويترز)

انحسرت مطالب الليبيين من السلطة التنفيذية الجديدة في أمور حياتية عاجلة، بعيداً عن المشاريع التي قد تستغرق وقتاً طويلاً، وتكلف أموالاً طائلة، ورأوا أن الخدمات والسلع المدعمة من الدولة، التي كانوا يحصلون عليها تضررت، وارتفع سعرها بسبب الحروب والاشتباكات، وتفشي الفساد والسرقات في البلاد.
ويفترض أن تتولى السلطة الجديدة، المكونة من رئيس الحكومة ورئيس المجلس الرئاسي، إدارة شؤون البلاد بعد موافقة مجلس النواب بمدينة طبرق عليها. لكن أزمة ارتفاع أسعار الخبز والوقود، فضلاً عن انعدام الأمن في بعض المناطق، دفعت عددا من الليبيين إلى مطالبة رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة لوضعها في مقدمة أولوياته، فور توليه مهام عمله.
وقال إلياس عبد الرحمن، الذي يقطن مدينة سبها (جنوب)، إن «مناطقنا تعاني منذ سنوات شح الوقود وارتفاع أسعاره بشكل مبالغ فيها»، متابعاً: «نضطر لشرائه من السوق السوداء، إذ يصل سعر اللتر إلى ثلاثة وأربعة دنانير، في حين يباع بوسط البلاد بنصف دينار، وذلك بسبب السطو على الشاحنات، التي تنقل الوقود من قبل جماعات مسلحة قبل أن يصل إلى محطات الوقود».
وأضاف عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «كما نعاني منذ بداية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي من ارتفاع أسعار الخبز، حيث تباع ثلاثة أرغفة بدينار»، فيما يرجع أصحاب المخابز الأزمة إلى ارتفاع سعر الدقيق بشكل مفاجئ.
وسبق أن حمّل نقيب الخبازين، سعيد بوخريص، جانبا من الأزمة لشركات المطاحن العامة والخاصة، وقال إنها رفعت سعر الدقيق لأعلى مستوى، من 150 إلى 210 دنانير للقنطار، أي ما يعادل 47 دولاراً تقريباً، بعد ما كان يباع بـ155 ديناراً فقط، إلى جانب ارتفاع أسعار الخامات المستخدمة مثل الخميرة والزيت.
ورفض بوخريص في تصريحات نقلتها فضائية «ليبيا بانوراما» تحميل أصحاب المخابز المسؤولية بشكل كامل، قبل أن يلفت إلى أن اعتمادات استيراد الدقيق لم تفعّل منذ 8 أشهر، وأن أسعار الدقيق «تشهد ارتفاعاً منذ سنوات، لكن هناك استغلالا واضحا للظروف الحالية من قبل الشركات المختصة».
ودعا غالبية أعضاء المنتدى السياسي من جنيف رئيس الحكومة إلى الاهتمام بالتركيز على الأولويات، لأنها تمثل ضرورة لدى الليبيين في الوقت الراهن، وقالوا إنه «يستوجب التركيز على إعادة الأمن سريعاً، وتوفير الغذاء والعلاج، ومكافحة فيروس (كورونا)»، بالإضافة إلى أهمية «توفير الوقود والتصدي لعمليات تهريبه».
ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، تعاني ليبيا انفلاتاً أمنياً كبيراً أدى إلى انتشار عمليات الخطف والاغتيال والسرقة، بالإضافة إلى تفشي الفساد في المصالح الحكومية.
وبجانب مطالب النخب الليبية والمواطنين للحكومة، المرتقب تشكيلها، بالعمل على إعادة الأمن والتحكم في أسعار الخبز والوقود، دعا بعضهم القيادات التقليدية إلى التنحي كي لا يكونوا عثرة أمام التحول الديمقراطي بالبلاد. وفي هذا السياق، قال الدكتور فوزي الحداد، رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة طبرق: «من الأفضل لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن يستقيل من رئاسته. فقد خسر المعركة وعليه تحمل نتائجها بشرف كما تعهد»، متابعاً: «اختفاؤه من الساحة السياسية أصبح واجباً وطنياً للاستمرار نحو اعتماد سلس لحكومة دبيبة، بواسطة رئيس جديد لمجلس النواب».
وأضاف الحداد في إدراج له على «فيسبوك» مساء أول من أمس، «تشظي المجلس لا يمكن أن ينهيه إلا رئاسة جديدة، تحظى بثقة جميع الأعضاء. وكل ما يهمنا الآن تعبيد الطريق نحو الانتخابات في موعدها المقرر نهاية هذا العام».
وتسببت العملية العسكرية، التي شنّها «الجيش الوطني» على طرابلس منذ 4 أبريل (نيسان) الماضي في انقسام أعضاء مجلس النواب. ومنذ مطلع مايو (أيار) 2019 قاطع نحو 60 نائباً جلسات البرلمان، المنعقد في طبرق برئاسة صالح، وبدأوا في عقد جلسات موازية في فندق «ريكسوس» الشهير بالعاصمة طرابلس.
في السياق ذاته، تساءل السفير إبراهيم موسى جرادة، كبير المستشارين بالأمم المتحدة سابقاً: «هل يفعلها عقيلة صالح تأسيا بدرس استقالة الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول، ويسجل سطراً مشعاً في التاريخ؟».
وزاد جرادة من تساؤلاته قائلاً: «بعد خسارة بعض قادة الساسة، ومنهم رئيس مجلس النواب، بعد قرابة سبع سنوات، عانى فيها الليبيون أصعب وأحلك الفترات في تاريخهم المعاصر، هل سيقدم استقالته ويسهل الطريق، أم أنه ينتظر حتى يعاون في اعتماد نتائج اختيار السلطة التنفيذية برلمانيا حتى لا يترك فراغاً معقداً؟».



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.