قمة «عن بُعد» للاتحاد الأفريقي هيمنت عليها الجائحة

على الطاولة ملفات اللقاح والإرهاب والصراعات الحدودية وسد النهضة

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يسلم رئاسة الاتحاد لرئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي (إ.ب.أ)
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يسلم رئاسة الاتحاد لرئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي (إ.ب.أ)
TT

قمة «عن بُعد» للاتحاد الأفريقي هيمنت عليها الجائحة

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يسلم رئاسة الاتحاد لرئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي (إ.ب.أ)
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يسلم رئاسة الاتحاد لرئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي (إ.ب.أ)

تسلمت جمهورية الكونغو الديمقراطية أمس (السبت)، الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي خلال «قمة عادية» عقدها القادة الأفارقة عبر تقنية الفيديو، بسبب «الظرف الاستثنائي» الذي تفرضه جائحة كورونا، التي هيمنت على الحيز الأكبر من نقاشات القمة الأفريقية الرابعة والثلاثين.
القمة التي تستمر ليومين (السبت والأحد)، بدأت بجلسة مفتوحة ألقى خلالها قادة دول القارة خطباً حددت ملامح النقاش، أعقبها تبادل رئاسة الاتحاد الأفريقي ما بين رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي. وعقد القادة الأفارقة جلسات مغلقة خصصت لمناقشة أزمة جائحة «كورونا» وآليات حصول القارة على نصيبها من اللقاحات، بالإضافة إلى الصراعات الحدودية المزمنة والإصلاح المؤسسي للاتحاد، كما حضرت أزمة سد النهضة والحرب على الإرهاب في منطقة الساحل وخليج غينيا، ومناطق أخرى من القارة، وينتظر أن تفضي هذه الجلسات المغلقة إلى إصدار البيان الختامي للقمة اليوم (الأحد).
وصوّت أعضاء الاتحاد الأفريقي «إلكترونياً» لاختيار رئيس لمفوضية الاتحاد الأفريقي، وجددوا الثقة في وزير الخارجية التشادي السابق موسى فقي محمد، ليقود المفوضية لولاية جديدة مدتها أربع سنوات، وهو الذي يرأسها منذ 2017، وهي المرة الأولى التي يُجدِّد الاتحاد الأفريقي لرئيس مفوضيته.
ووصف فقي محمد تجديد الثقة فيه بأنه «حدث غير مسبوق» في تاريخ الاتحاد الأفريقي، لأنه حصل على «أغلبية ساحقة» من أصوات الأعضاء، 51 من أصل 55 عضواً صوّتوا لصالح تمديد رئاسته لمفوضية الاتحاد الأفريقي، كما انتُخبت الرواندية مونيك إنسانزاباغنوا لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.وخلال افتتاح القمة قال فقي محمد إن «الإرهاب والصراعات المجتمعية والتطرف العنيف، والأزمات الانتخابية والجريمة العابرة للحدود، هي الآفات الحقيقية لأفريقيا»، وأضاف أن هذه التحديات هي التي «تمنع القارة السمراء من المضي قدماً في التنمية والازدهار». وشدد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي على ضرورة وضع خطط جادة للحد من هذه «المآسي»، مشيراً إلى أن الخطة التي سبق أن وضعها الاتحاد الأفريقي من أجل «إسكات البنادق» لا تزال تشكل «هدفاً استراتيجياً مهماً». وكان الاتحاد الأفريقي قد أعلن أنه يسعى لإسكات البنادق في أفق 2021، ولكنه «فشل» في تحقيق ذلك.
وأوضح فقي محمد أن «الاضطرابات» التي سببتها جائحة كورونا لم تدفع الاتحاد الأفريقي لتغيير «أهدافه»، وبشكل خاص «التكامل الإقليمي وقضايا السلام والأمن والحكم والتنمية»، على حد تعبيره. ولكن القمة الأفريقية التي تنعقد تحت شعار «الفنون والثقافة والتراث: روافع لبناء أفريقيا التي نريد»، لم تحد كثيراً عن الملفات التقليدية المعهودة في كل قمة، على غرار ملف الإصلاح المؤسسي للاتحاد، والنزاعات والصراعات والتطرف والإرهاب.
وقال الرئيس الدوري الجديد للاتحاد الأفريقي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، إنه في الوقت الذي يتسلم فيه رئاسة الاتحاد «تحيط تحديات كبيرة بالقارة»، مشيراً إلى أن التحدي الأكبر أمامه هو «إسكات البنادق»، خصوصاً أن «الأفارقة يموتون يومياً في منطقة الساحل على وقع الهجمات الإرهابية البشعة، وفي جمهورية أفريقيا الوسطى تهدد الجماعات المسلحة والمتمردون السلم واستقرار المؤسسات الديمقراطية المنتخبة، وفي شرق الكونغو الديمقراطية ينتشر انعدام الأمن بسبب جماعات مسلحة محلية وتنظيمات إرهابية أجنبية، الشيء نفسه في أفريقيا الاستوائية المعروفة بالاستقرار والسلم، ينتشر الإرهاب في المنطقة الشمالية من موزمبيق». ورغم اللوحة القاتمة التي رسمها الرئيس الدوري الجديد للاتحاد الأفريقي، فإنه قدم ما قال إنها «خطة عمل» لمواجهة هذه التحديات خلال العام المقبل الذي سيقود فيه الاتحاد الأفريقي، مشيراً إلى أن العنوان الأبرز لهذه الخطة هو «اتحاد أفريقي في خدمة الشعب الأفريقي»، وأضاف أن ذلك سيتم من خلال «التكامل القاري».
ومع «الرمزية» التي يحظى بها الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، وهو منصب يتداوله قادة الدول الأفريقية الأعضاء سنوياً، فإنه يبقى شبيهاً بالمنصب «الشرفي»، في ظل الصلاحيات القوية التي تمنح لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وإمساكه بأغلب الملفات المهمة داخل مؤسسة الاتحاد الأفريقي، وهيمنة «مجلس السلم والأمن» على الملفات ذات الطابع الأمني، مع أن الأخير واجه مؤخراً انتقادات عديدة بسبب غيابه عن نزاعات كبيرة وقعت في القارة، على غرار التمرد في شمال الكاميرون وتعاظم خطر الإرهاب بشمال موزمبيق، وأزمة تيغراي في أثيوبيا. وكان ملف «سد النهضة» حاضراً في نقاشات القمة الأفريقية، حين قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «مصر انخرطت في المسار الأفريقي أملاً في التوصل إلى الاتفاق المنشود، بما يراعي مصالح وحقوق الأطراف المعنية، وهو الهدف الذي لن يتأتى تحقيقه إلا بتوافر الإرادة السياسية لكل الأطراف».
وأكد الرئيس المصري حرص بلاده «الشديد» على حل مسألة سد النهضة عبر «المفاوضات الجادة بما يعزز الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة»، وعبر عن ثقته في «قدرة الاتحاد الأفريقي، تحت قيادة الرئيس تشيسيكيدي، في المساهمة بدفع مساعينا الرامية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، حول ملء وتشغيل سد النهضة، قبل تنفيذ المرحلة الثانية من عملية ملء سد النهضة، وبما يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث».
وتأتي الثقة المصرية في رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بعد زيارته الأسبوع الماضي إلى القاهرة وتعهده بأنه سيعمل على الاستئناف الفوري للمفاوضات حول سد النهضة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وعبر عن ثقته في أن الحوار السلمي سيفضي إلى «نتيجة» ترضي الأطراف الثلاثة.
ويعاني ملف سد النهضة من الجمود منذ أن فشلت محادثات بين مصر والسودان وإثيوبيا، نظمت الشهر الماضي، وألقى كل طرف باللوم على الآخر وحمله مسؤولية إفشالها، إلا أن رئيس الكونغو يرغب في إعادة الأطراف إلى طاولة التفاوض من جديد.
وكان رئيس جنوب أفريقيا قد أكد بعد أن سلم رئاسة الاتحاد الأفريقي إلى تشيسيكيدي، أنه سيواصل العمل معه «لضمان أن تصبح أفريقيا قارة متكاملة، وموحدة سياسياً، بناءً على مُثُل الوحدة الأفريقية ورؤية النهضة الأفريقية».
ويقوم التكامل الأفريقي الذي يسعى تشيسيكيدي للدفع نحوه على عدة مشاريع؛ أولها تفعيل «منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية»، التي انطلق العمل بها فاتح يناير (كانون الثاني) الماضي، بالإضافة إلى مشروع «سوق النقل الجوية الأفريقية الموحدة»، واعتماد بروتوكول «حرية الحركة والمبادئ التوجيهية لجوازات السفر الأفريقية»، وتنفيذ خطة البنية التحتية الشاملة للطاقة الزراعية في أفريقيا والاستجابة لتغير المناخ.
- الرئيس التشادي يترشح رسمياً لولاية سادسة
> رشح حزب «حركة الإنقاذ الوطنية» الذي يقوده إدريس ديبي إتنو السبت، الرئيس التشادي رسمياً لولاية سادسة للانتخابات التي ستجرى في 11 أبريل (نيسان) المقبل، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال ديبي الذي يحكم البلاد منذ ثلاثين عاماً أمام أنصار حزبه: «إذا كان الحماس الذي يثيره دائماً اختياري مرشحاً للانتخابات الرئاسية لا يزال قوياً، فإن شعوري اليوم أعمق بكثير». وبعد الاقتراع الرئاسي ستكون هناك انتخابات تشريعية في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بعد تأجيلها عدة مرات منذ 2015. ومنعت الحكومة الاثنين، تظاهرات عدة خططت لها المعارضة هذا الأسبوع، للمطالبة بمزيد من العدالة الاجتماعية وتناوب سياسي، مشيرة إلى خطر «الإخلال بالنظام العام».



«داعش» يحاصر 500 مزارع في نيجيريا

حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)
حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)
TT

«داعش» يحاصر 500 مزارع في نيجيريا

حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)
حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)

قالت نيجيريا إن الحرب التي يخوضها جيشها ضد مقاتلي «داعش» وجماعة «بوكو حرام» في مناطق من شمال شرقي البلاد مستمرة، وقد أسفرت خلال هذا الأسبوع عن مقتل 76 مسلحاً، فيما يحاصر تنظيم «داعش» أكثر من 500 مزارع محلي في المنطقة التي تشهد معارك محتدمة منذ عدة أشهر.

وقال الجيش، في بيان، الخميس، إن قواته قتلت 76 مسلحاً من جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «داعش» الإرهابي في ولاية بورنو، الواقعة في أقصى شمال شرقي نيجيريا، فيما أكد المتحدث باسم الجيش النيجيري الميجر جنرال إدوارد بوبا أن 24 مسلحاً سقطوا خلال معارك في مناطق دامبوا وباما وتشيبوك في بورنو بين السابع والثالث عشر من يناير (كانون الثاني) الحالي.

مسلّحون من تنظيم «داعش في غرب أفريقيا» (صحافة محلية)

وأوضح المتحدث باسم الجيش أن العملية العسكرية أسفرت أيضاً عن اعتقال 72 شخصاً يشتبه في انتمائهم للتنظيم الإرهابي، وإنقاذ 8 رهائن كانوا بحوزة التنظيم، بالإضافة إلى مصادرة أسلحة وذخائر، بما في ذلك بنادق من طراز «إيه كيه - 47» وقنابل يدوية وقذائف صاروخية وعبوات ناسفة بدائية الصنع.

* حصار المزارعين

وفيما يواصل الجيش عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم الإرهابي، حاصر مقاتلون من التنظيم أكثر من 500 مزارع محلي مع عائلاتهم، في منطقة غوزا بولاية بورنو، وكان هؤلاء المزارعون يحاولون الفرار من هجمات تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا المستمرة منذ أسابيع ضد المزارع.

وأشارت تقارير عديدة إلى أن هجمات تنظيم «داعش» ضد المزارعين المحليين أسفرت يوم الأحد الماضي عن مقتل عشرات المدنيين، خصوصاً في منطقتي كواتا يوبه وتودون كانتا، فيما أعلن زعيم المزارعين النازحين في تصريحات صحافية أنهم فروا من مناطق سيطرة «داعش في غرب أفريقيا» عقب موجة جديدة من العنف.

وأوضح زعيم المزارعين أن العنف تجدد حين بدأ الجيش عملية إنقاذ مشتركة بالتعاون مع قوة المهام المشتركة المدنية وأقارب الضحايا من أجل استعادة جثث المزارعين الذين قتلوا، وتحرير المزارعين المحاصرين.

وحسب المصدر نفسه، فإن مقاتلي «داعش»، «نصبوا كميناً لعملية مشتركة»، وأضاف: «بينما تم دفن 43 جثة، توقفت العملية بسبب إطلاق النار الكثيف، مما أسفر عن إصابة جنديين وعضو من قوة المهام المشتركة المدنية».

ويشتغل القرويون المحليون في زراعة محاصيل الفاصوليا والبصل في حوض بحيرة تشاد منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ورغم سيطرة تنظيم «داعش في غرب أفريقيا» على المنطقة، تمكنوا من التوصل إلى اتفاق مع المسلحين لمواصلة الزراعة، إذ كان يدفع كل مزارع 10 آلاف نيرة (7 دولارات) عن كل هكتار من الأرض، بالإضافة إلى 20 في المائة من حصاده على شكل «زكاة».

ولكن هذا الاتفاق ألغاه «داعش» متهماً المزارعين المحليين بالتعاون مع فصيل من «بوكو حرام» يتبع لتنظيم «القاعدة»، يعد أكبر منافس لـ«داعش» في المنطقة ويخوض معه حرباً شرسةً منذ عدة سنوات، وهي حرب يدفع ثمنها السكان المحليون.

ولمعاقبة المزارعين المحليين، شن «داعش» هجوماً قتل فيه أكثر من 40 مزارعاً، واختطف عدداً من زوجاتهم، وقال ناجون من الهجوم إن مقاتلي «داعش» خلال الهجوم استجوبوا الضحايا عن الضرائب التي دفعوها لفصيل «بوكو حرام» المنافس، قبل أن يطلقوا عليهم النار.

تحذيرات رسمية

في غضون ذلك، حذر حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، المزارعين ومجتمعات الصيد في منطقة باغا من التعاون مع جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «داعش»، وقال إن مثل هذه التصرفات «تشكل تهديداً كبيراً على السلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف الحاكم في حديث أمام السكان المحليين، الأربعاء، أن «أي شكل من أشكال التعاون أو التعاطي مع الإرهابيين محل استنكار، وهو مرفوض بشكل قاطع ولا مجال للقبول به، لأنه يضر جهود الجيش لاستعادة الاستقرار في الولاية».

وقال زولوم: «أحث سكان باغا والمناطق المحيطة على القيام بأنشطتهم الزراعية فقط ضمن المناطق التي وافق عليها الجيش»، مشدداً على أهمية الالتزام بالإرشادات التي وضعتها القوات المسلحة النيجيرية وحكومة الولاية، مشيراً إلى أن «الامتثال لهذه الإرشادات أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الأمن في المنطقة».