قرية إيطالية تبيع المنازل مقابل يورو واحد

قرية تروينا في صقلية (الصن)
قرية تروينا في صقلية (الصن)
TT

قرية إيطالية تبيع المنازل مقابل يورو واحد

قرية تروينا في صقلية (الصن)
قرية تروينا في صقلية (الصن)

في خطوة لافتة، تعرض بلدة تروينا الإيطالية الواقعة في جزيرة صقلية منازل عدة فيها للبيع مقابل يورو واحد فقط، ويعرض على بعض المشترين المحتملين مبلغ 25 ألف يورو لتجهيز المباني المتداعية، بهدف جذب سكان جدد إلى المنطقة القديمة، بعد ما غادر الكثيرون إلى المدن.
وقال رئيس البلدية سيباستيانو فابيو فينيتسيا إن عدد السكان انخفض خلال العقود القليلة الماضية، وإنه يريد إنقاذ ما كان يُعرف بـ«عاصمة صقلية النورماندية». لذلك أطلق مخطط البيع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، نحو 30 منزلاً للاختيار من بينها، وتم بيع المنازل التي تبلغ قيمتها 1 يورو في نهاية شهر يناير (كانون الثاني). ويمكن للمشتري المحظوظ الحصول أيضاً على 15 ألف يورو «مكافأة إعادة ترميمه»، وأيضاً 10 آلاف يورو لشراء المصابيح الموفرة للطاقة.
وسيتعين على المشترين دفع وديعة بقيمة 5000 يورو، التي سيتم إعادتها بمجرد اكتمال التجديد ويجب القيام بذلك في غضون ثلاث سنوات.
وقال فابيو لشبكة «سي أن أن» إنه أنشأ فريق عمل متعدد اللغات يساعد في الإسكان والخبرة القانونية، من أجل تسريع المبيعات.
ويمكن للمقيمين في المنطقة الاستفادة من عدة امتيازات منها (رسوم مجانية لروضة الأطفال وحافلات مدرسية)، ولا يتعين دفع ضرائب على الممتلكات أو خدمات المدينة لمدة ثلاث سنوات أيضاً.
وأعلنت منطقة بيكاري الواقعة في جنوب شرقي إقليم بوليا الإيطالي أن لديها منازل متهالكة معروضة للبيع بسعر مناسب، بالإضافة إلى عقارات جاهزة للانتقال إليها تبدأ من 7500 يورو فقط.
وقال عمدة بيكاري جيانفيليبو مينيوجنا لشبكة «سي إن إن» عن سبب اختياره بيع المنازل بثمن بخيس: «نحن بالكاد يبلغ عدد سكاننا 2000 نسمة.
وأقدمت أيضاً مدينة سالمي في صقلية التي تضم أكثر من 30 عقاراً بحاجة إلى التجديد لبيع منازل بقيمة 1 يورو. وذلك بسبب فراغ عدد من مباني المدينة من السكان لعقود بعد ضرب المنطقة بزلزال عام 1968، تاركاً وراءه سلسلة من الأضرار الهيكلية.
وأخيراً عليك الأخذ في الاعتبار، أن معظم المنازل المعروضة للبيع لا يوجد بها مياه جارية أو كهرباء.



اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».