توجهات لوضع «الخلافات التجارية» على مائدة المصالح

بايدن يوارب الباب أمام الصين... وأوروبا تدعو واشنطن للتوافق

دعت المفوضية الولايات المتحدة إلى تجاوز الخلاف التجاري على جانبي المحيط الأطلسي في إطار المصالح المشتركة (إ.ب.أ)
دعت المفوضية الولايات المتحدة إلى تجاوز الخلاف التجاري على جانبي المحيط الأطلسي في إطار المصالح المشتركة (إ.ب.أ)
TT

توجهات لوضع «الخلافات التجارية» على مائدة المصالح

دعت المفوضية الولايات المتحدة إلى تجاوز الخلاف التجاري على جانبي المحيط الأطلسي في إطار المصالح المشتركة (إ.ب.أ)
دعت المفوضية الولايات المتحدة إلى تجاوز الخلاف التجاري على جانبي المحيط الأطلسي في إطار المصالح المشتركة (إ.ب.أ)

وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الصين بأنها أخطر منافس للولايات المتحدة، لكنه قال إن واشنطن مستعدة للعمل مع الصين عندما يكون من مصلحتها القيام بذلك.
وقال بايدن في كلمة خلال زيارته الأولى لوزارة الخارجية مساء الخميس «سنتصدى بشكل مباشر للتحديات التي تشكلها الصين، أخطر منافس لنا، على قيمنا للازدهار والأمن والديمقراطية». وتابع قائلاً «سنواجه انتهاكات الصين الاقتصادية، وسنتصدى لتحركاتها العدوانية وتعديها على حقوق الإنسان والملكية الفكرية والحوكمة العالمية... لكننا مستعدون للعمل مع بكين عندما يكون من مصلحة أميركا القيام بذلك».
ومن جهة أخرى، عرضت المفوضية الأوروبية، الخميس، التوافق مع الولايات المتحدة بشأن حزم التحفيز الاقتصادي لدى الجانبين بهدف تحقيق تعافٍ سريع للاقتصاد العالمي بعد تجاوز جائحة فيروس كورونا المستجد.
وقال فالديس دومبروفسكيس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، في كلمة له أمام غرفة التجارة الأميركية «علينا تحقيق التوافق بشأن حزم التحفيز بأقصى صورة ممكنة». وفي إشارة إلى كل من برنامج التحفيز الأميركي المعروف باسم «إعادة البناء بشكل أفضل» والأوروبي المعروف باسم «الجيل التالي من الاتحاد الأوروبي»، قال دومبروفسكيس، إن كلاهما برنامجان ضخمان للتحفيز والاستثمار.
وأضاف دومبروفسكيس، إنه «من المنطقي أن نبحث عما يمكن أن يحقق قيمة مضافة أكبر من خلال التعاون» بين الجانبين، وكرر المسؤول عن ملفي التمويل والتجارة في المفوضية الأوروبية دعوته إلى تجاوز الخلاف التجاري على جانبي المحيط الأطلسي.
وقال المسؤول الأوروبي، إنه على الجانبين المضي قدماً واستكمال المفاوضات بشأن الرسوم الأميركية على واردات الصلب والألمنيوم ودعم شركتي صناعة الطائرات الأميركية «بوينغ» والأوروبية «إيرباص»، مضيفاً أن للاتحاد الأوروبي مصلحة في الوصول إلى حل لإلغاء الرسوم والرسوم المضادة.
وفي سياق منفصل، ذكرت وسائل إعلام صينية رسمية الجمعة، أن مسؤولاً في المكتب الوطني للإحصاءات في الصين حذر من التفاؤل المتزايد بشأن توقعات الاقتصاد، قائلاً إن تأثير «كوفيد - 19» من المرجح أن يشوه أرقام النمو في الربع الأول.
وقال شينغ لاي يون، نائب رئيس المكتب لوكالة أنباء «تشاينا نيوز سيرفيس»، إن التراجع الاقتصادي الكبير في الربع الأول من العام الماضي والناجم عن الجائحة تمخض عن تأثير أساس كبير، سيؤدي على الأرجح إلى قفزة سريعة في النمو في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. وأكد شينغ «لا ينبغي أن نكون متفائلين أكثر من اللازم بشأن وضع الاقتصاد الصيني في 2021، لكننا يجب أن نظل في حالة من التعقل». وانكمش ثاني أكبر اقتصاد في العالم ‭6.8‬ بالمائة في الربع الأول من 2020؛ إذ تسبب فيروس كورونا في شل أنشطة المصانع وحركة الناس، لكنه حقق تعافياً مذهلاً منذ ذلك الحين بفضل التحفيز وطلب قوي على الصادرات.‬
كما عارض شينغ توقعات بعض المؤسسات لنمو يتراوح بين 18 و20 في المائة في الربع الأول، قائلاً إنها «ليست علمية للغاية». ولم يفصح عن توقعه الخاص. وقال شينغ، إن حالات تفشي «كوفيد - 19» الصغيرة والمتفرقة في الصين قد تؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي، بيد أن الأثر سيكون أقل مقارنة مع العام الماضي.
وفرضت السلطات سلسلة من إجراءات العزل العام المحلية في يناير (كانون الثاني) الماضي لاحتواء حالات تفشٍ محدودة النطاق في شمال الصين في أسوأ موجة لفيروس كورونا تشهدها البلاد منذ مارس (آذار) 2020. لكن شينغ يعتقد، أن التعافي الصيني سيظل سليماً بفضل القيود المحلية لمكافحة الفيروس، وفي الوقت الذي تُبقي فيه بقية الدول على سياسات التحفيز.
وبحسب استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء في الاقتصاد، من المتوقع أن يتسارع نمو اقتصاد الصين إلى 8.4 في المائة في العام الجاري، بقيادة نمو متوقع في خانة العشرات في الربع الأول، من 2.3 في المائة في 2020.
وقالت مصادر منخرطة في وضع السياسات لـ«رويترز»، إن الصين ستتجنب على الأرجح وضع هدف للنمو في 2021، لتتخلي عن المقياس الذي تتم متابعته عن كثب للسنة الثانية على التوالي، بسبب مخاوف من أن الإبقاء على هذا المقياس قد يشجع اقتصادات الأقاليم على زيادة الديون.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.