المستوطنون يقتلون فلسطينياً في الضفة

«السلطة» تطالب بحماية دولية... ورفع تقارير بالانتهاكات لـ«الجنائية الدولية»

متظاهرون في أم الفحم احتجاجاً على وحشية الشرطة الإسرائيلية ضد العرب (د.ب.أ)
متظاهرون في أم الفحم احتجاجاً على وحشية الشرطة الإسرائيلية ضد العرب (د.ب.أ)
TT

المستوطنون يقتلون فلسطينياً في الضفة

متظاهرون في أم الفحم احتجاجاً على وحشية الشرطة الإسرائيلية ضد العرب (د.ب.أ)
متظاهرون في أم الفحم احتجاجاً على وحشية الشرطة الإسرائيلية ضد العرب (د.ب.أ)

في أعقاب قتل فلسطيني غير مسلح في مستعمرة عشوائية بالضفة الغربية واعتداء مستوطنين على كنيسة مقدسية، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء محمد أشتية، ووزير الخارجية رياض المالكي، بيانات إدانة طالبوا فيها المجتمع الدولي بتوفير الحماية للفلسطينيين في مواجهة الاعتداءات التي تنفذها قوات الاحتلال ومستوطنوه.
وقال المسؤولون الفلسطينيون إنهم يتابعون الانتهاكات والجرائم التي ترتكب يومياً ويرفعون بشأنها تقارير ورسائل متطابقة للجنائية الدولية والمسؤولين الأمميين، ولنظيراتها في الدول المختلفة، حتى يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حماية شعبنا وأرضه ومقدساته، وفرض عقوبات على دولة الاحتلال ومنظمات المستوطنين وعناصرها الإرهابية.
وكان مستوطن يهودي في القدس، شوهد الليلة قبل الماضية، وهو يهشم زجاج الشبابيك في كنيسة الجثمانية الواقعة بمنطقة وادي قدرون بالقرب من طريق باب الأسباط في القدس الشرقية المحتلة ويحاول إضرام النار فيها بإلقائه مواد حارقة بداخلها. وقد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية مستوطناً يبلغ من العمر 46 عاماً، من سكان القدس، للاشتباه بأنه منفذ الاعتداء. وقالت إن الاعتداء ألحق «أضراراً طفيفة بأحد المقاعد الخشبية في داخل الكنيسة». وقال وديع أبو نصار، مستشار مجلس رؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة، إن «الأضرار المادية داخل الكنيسة طفيفة نسبياً، لكن الاعتداء يرمز لشيء خطير. ففي هذا الاقتحام العدواني تجاوز لكل الخطوط الحمراء، وهذا يدل على الأفكار العنصرية الحاقدة التي تجب معالجتها أمنياً وتربوياً».
وفي يوم أمس، استشهد الشاب خالد ماهر نوفل (34 عاماً)، من قرية راس كركر، غرب رام الله، بعد أن أطلق مستوطنان النار عليه، على جبل «الريسان» القريب من القرية. وقال رئيس مجلس قروي راس كركر راضي أبو فخيدة، إن قوات الاحتلال أبلغت والده باستشهاد نجله خالد. وقد أكدت مصادر إسرائيلية أن الشهيد لم يكن مسلحاً، عندما أطلق عليه المستوطنان النار في البؤرة الاستيطانية العشوائية «سَديه أفراييم» الواقعة غرب قرية المزرعة القبلية في منطقة سلفيت بالضفة الغربية.
وزعمت أنه دخل إلى المستوطنة وهو يقود سيارته بسرعة. فتصادف وجود عدد من المستوطنين وتعارك معهم، قبل أن يطلق حارس البؤرة الاستيطانية النار عليه. وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال أن الشهيد حاول تنفيذ «عملية إرهابية».
والبؤرة الاستيطانية «سديه أفراييم» هي واحدة من البؤر العديدة المنتشرة في الضفة الغربية، وأقيمت على شكل مزرعة بهدف الاستيلاء على أراضٍ في المنطقة C خصوصاً، ويدعمها الجيش الإسرائيلي.
وقد اعتبر المسؤولون الفلسطينيون اعتداءات المستوطنين اليومية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته وممتلكاته ومنازله ومزروعات فلاحية تتم بحماية ودعم وإسناد وتمويل دولة الاحتلال وأذرعها المختلفة، ما أدى إلى تفشي منظمات المستوطنين الإرهابية وانتشارها الواسع على جبال وتلال الضفة الغربية المحتلة، وأدى أيضاً إلى اتساع رقعة اعتداءاتهم ضد المواطنين الفلسطينيين ومقدساتهم. وحملوا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاعتداءات وغيرها من جرائم المستوطنين، وطالبت المنظمات الإقليمية والدولية المختصة بما فيها المؤسسات الإسلامية والكنسية بسرعة التحرك لتوفير الحماية للمقدسات.
وكانت الضفة الغربية والقدس المحتلتان قد شهدت أمس، كما في كل يوم جمعة، اعتداءات مختلفة على المسيرات السلمية الأسبوعية التي ينظمها الفلسطينيون احتجاجاً على الاستيطان والهدم. وقد أصيب فتى (17 عاماً) بالرصاص الحي في اليد والقدم، الذي أطلقه جيش الاحتلال الإسرائيلي تجاهه في قرية كفر مالك شمال شرق رام الله.
وأفاد مندوب الهلال الأحمر بأن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص صوب عدد من المواطنين، ما أدى لإصابة فتى برصاصتين استقرت واحدة في يده والأخرى في قدمه، مضيفاً أن الجنود قاموا باحتجازه لساعات، ونقله بآلية عسكرية قبل أن يفرج عنه لاحقاً، ليتبين أيضاً وجود آثار كدمات على وجهه. وأصيب عدد من الشبان، الجمعة، خلال تصديهم لمحاولات مستوطنين اقتحام قرية خان اللبن الشرقية، جنوب نابلس.
وأفاد شهود عيان بأن عشرات المستوطنين حاولوا اقتحام الموقع التاريخي الواقع على شارع رام الله نابلس الرئيسي، بحماية قوات الاحتلال، فتصدى لهم أبناء القرية، ما أدى لإصابة مواطنين اثنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وعدد آخر بحالات اختناق وشظايا قنابل صوت. كما أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق، أمس، عقب قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة مناهضة للاستيطان، في قرية بيت دجن شرق نابلس. وفي قرية عصيرة الشمالية شمال نابلس، اعتقلت قوات الاحتلال، فجر أمس، أحد المحسوبين على قادة الجبهة الشعبية، عصمت الشولي «أبو جورج»، وذلك بعد اقتحام جنود الاحتلال لمنزله والقيام بعمليات تفتيش واسعة أسفرت عن تحطيم بعض محتويات المنزل.
واقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، أمس، قريتي طورة ونزلة زيد غرب جنين، وألقت قنابل صوتية في ساحات المنازل. كذلك داهمت قوات الاحتلال، أمس، منازل مواطنين في جنوب مدينة الخليل، وفتشتها وعبثت بمحتوياتها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».