{حوافز اقتصادية} تمهد لـ«انتخابات الرئاسة»... والسوريون مشغولون بـ«لقمة العيش»

الأسد وزوجته أسماء خلال حملة تشجير نهاية العام الماضي (إ.ب.أ)
الأسد وزوجته أسماء خلال حملة تشجير نهاية العام الماضي (إ.ب.أ)
TT

{حوافز اقتصادية} تمهد لـ«انتخابات الرئاسة»... والسوريون مشغولون بـ«لقمة العيش»

الأسد وزوجته أسماء خلال حملة تشجير نهاية العام الماضي (إ.ب.أ)
الأسد وزوجته أسماء خلال حملة تشجير نهاية العام الماضي (إ.ب.أ)

بدأت في مناطق سيطرة الحكومة السورية حملة الترويج للانتخابات الرئاسية المقبلة المتوقع إجراؤها منتصف العام الحالي. لكن تزايد تفاقم الأزمة الاقتصادية فيها، وتردي الوضع المعيشي للمواطنين، وعودة التوتر إلى العديد من المناطق، وعدم ظهور ملامح حل سياسي، جعلت من مسألة تأمين «لقمة العيش» أولوية لكثير من المواطنين.
ووفق الدستور الحالي للبلاد الذي تم إقراره في عام 2012، وغيّر طبيعة الانتخابات الرئاسية من استفتاء إلى «اقتراع متعدد المرشحين»، يفترض أن تجري الانتخابات الرئاسية قبل 60 يوماً من انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد منتصف يوليو (تموز) المقبل.
- ثاني «انتخابات»
وتعتبر الانتخابات الرئاسية المقبلة إن تم إجراؤها، الثانية من نوعها التي تجري في سوريا خلال الحرب التي تقترب من إتمام عامها العاشر، وذلك بعدما أجريت الانتخابات السابقة في 2014.
ويتضمن الدستور عدة شروط يجب توفرها في المرشح للانتخابات الرئاسية وهي: «أن يكون مؤيداً من 35 عضواً أو أكثر على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، وأن يكون من العمر 40 عاماً على الأقل، وأن يكون سورياً بالولادة، من أولياء الأمور السوريين بالولادة، وأن يتمتع بالحقوق المدنية والسياسية وألا يدان بجريمة غير شريفة ولو رد إليه اعتباره، وألا يكون متزوجاً من زوج غير سوري، وأن يكون قد عاش في سوريا لمدة 10 سنوات قبل الانتخابات«.
كانت الانتخابات الرئاسية في 2014 أول انتخابات متعددة المرشحين منذ وصول حزب «البعث» إلى السلطة في انقلاب عام 1963. وقدم حينها 24 مرشحاً، من بينهم امرأتان ومسيحي، طلبات إلى المحكمة الدستورية العليا للرئاسة، ومن هؤلاء استوفى الرئيس بشار الأسد الأمين العام لحزب «البعث» الحاكم، وحسان عبد الله النوري من «المبادرة الوطنية للإدارة والتغيير» وماهر عبد الحفيظ حجار من حزب «الإرادة الشعبية»، جميع الشروط اللازمة للترشح، بما في ذلك دعم 35 عضواً من أعضاء مجلس الشعب، وسط اعتقاد ساد حينها بشكل واسع، بأن المرشحين النوري وحجار، هما مرشحان «رمزيان» إلى جانب الأسد.
وأعلنت المحكمة الدستورية العليا وقتذاك أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 73.42 في المائة. وأعلن رئيس مجلس الشعب في ذاك الوقت محمد جهاد اللحام نتائج البيانات الأولية، التي تضمنت فوز الأسد بـ88.7 في المائة من أصوات المقترعين، بينما حصل النوري على 500.279 صوتاً بنسبة 4.3 في المائة والحجار على 372.301 صوتاً بنسبة 3.2 في المائة. وأدى الأسد اليمين الدستورية لولاية ثالثة مدتها سبع سنوات في 16 يوليو (تموز).
- حوافز
بخلاف ما جرى في الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث كانت الحملات الترويجية والدعائية لها تجري قبل شهر أو شهرين من موعد حصولها، أعلن الموقع الإلكتروني لصحيفة «الثورة» الحكومية منتصف ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، أنه «مع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات الرئاسية عام 2021»، سيتم إطلاق ما وصفه بـ«فعالية وطنية»، هي عبارة عن «أطول رسالة حب في العالم» إلى «رجل السلام الأول الرئيس الأسد»، دون أن يحدد تاريخ الانطلاق الفعلي لهذه الفعالية، وذلك في إطار دعم ترشيح الأسد الذي لم يعلن حتى الآن أنه سيرشح نفسه، كما يعلن أشخاص آخرون تشريحهم.
وتبع ذلك إصدار الأسد، مرسوماً يقضي بصرف منحة مالية قدره 50 ألف ليرة سورية، لمرة واحدة، لجميع العاملين المدنيين والعسكريين في القطاع الحكومي، بعدما أصدر مرسوماً مماثلاً في أكتوبر (تشرين الأول)، علماً بأن الأمم المتحدة، تؤكد أن «87 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر»، بسبب الحرب المستمرة منذ نحو 10 أعوام والتي دمرت اقتصاد البلاد وأنهكت المواطنين.
وبعد ذلك قام الأسد بزيارات إلى العديد من البلدات والقرى في المنطقتين الساحلية والوسطى التي أتت عليها الحرائق مؤخراً والتهمت آلاف الأشجار فيها، بينما قامت «الأمانة السورية للتنمية» التي تقودها أسماء الأخرس، زوجة الأسد، بتوزيع معونات مالية على المتضررين، والبالغة 8 مليارات ليرة سورية.
كما ذكرت وسائل إعلام محلية منتصف الشهر الحالي، أن الأسد، وجه بتسديد كافة القروض الممنوحة سابقاً لـ«الشهداء» في مختلف البنوك والمصارف العامة من صندوق «الشهداء» والجرحى. ومنذ بضعة أيام أعلنت وكالة الأنباء الرسمية «سانا»، أن الأسد وجه بتسديد قروض جميع جرحى العمليات الحربية من «الجيش والقوات المسلحة والقوات الرديفة» ممن لديهم نسبة عجز من 40 حتى 100 في المائة. وأعلنت الحكومة، قبل أيام قليلة نجاح أكثر من 10 آلاف عسكري مسرّح في أكبر مسابقة مركزية للتعاقد مع المسرّحين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، لدخول وظائف في مختلف الاختصاصات المهنية والعلمية من حملة الشهادات الجامعية والمعاهد والبكالوريا.
وينظر كثيرون في مناطق سيطرة الحكومة تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» إلى كل ما سبق على أنها «محفزات» لدفع المواطنين للمشاركة في الانتخابات، واختيار الأسد، ويقول أحدهم، «لا يمكن تفسيرها إلا كذلك». وبالتزامن، بدأ حزب «البعث» الحاكم في سوريا، حملة أنشطة عامة ترويجاً للانتخابات، بين النقابات العمالية والمهنية. وقال أمين فرع الحزب في السويداء، فوزات شقير في اجتماع مع عمال القطاع العام شهدته الأسبوع الماضي المحافظة الجنوبية ذات الغالبية الدرزية، إنّ «الشعب السوري لديه استحقاق كبير خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، ونجاح الاستحقاق رد لجميل القائد الذي لم يترك شعبه في أحلك الظروف».
- عدم اكتراث
تأتي الانتخابات الرئاسية المتوقع إجراؤها ونحو نصف سكان سوريا البالغ تعدادهم في عام 2010 أكثر من 21 مليوناً بين لاجئ في دول غربية وإقليمية ونازح في داخل البلاد، وفي ظل تزايد تفاقم الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرة الحكومة، وعجز الأخيرة عن توفير أبسط مستلزمات الحياة الأساسية للمواطنين من مواد غذائية خصوصاً الخبز ووقود السيارات ومازوت التدفئة والغاز المنزلي، وذلك بسبب العقوبات الأميركية والغربية والإقليمية المفروضة على دمشق. كما تترافق مع تزايد تردي الوضع المعيشي للغالبية العظمى من الأسر في مناطق سيطرة الحكومة، إذ لا يتجاوز المرتب الحكومي الشهري لموظف الدرجة الأولى 60 ألف ليرة سورية، في حين تؤكد أبحاث ودراسات محلية، أن العائلة تحتاج إلى 600 ألف ليرة سورية شهرية، في ظل موجات الارتفاع المتواصل في عموم أسعار والغلاء الفاحش، إثر الانهيار المستمر لصرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، والذي يصل حالياً إلى نحو ثلاثة آلاف ليرة، بعدما كان ما بين 45 - 50 ليرة قبل عام 2011.
وبينما تحفل صفحات موالية في موقع «فيسبوك» حالياً، بالترويج لـ«استحقاق الانتخابات الرئاسية» والدعوة للمشاركة فيها واختيار الأسد لولاية رئاسية جديدة، يعرب بعض الموظفين الحكوميين في أحاديثهم عن تأييدهم للمشاركة بقوة في الانتخابات وانتخاب الأسد «منقذ البلاد من الإرهاب، ومحطم المؤامرات والمخططات الخارجية والذي سيقود البلاد إلى بر الأمان».
لكن كثيراً من المواطنين لا يبدون اهتماماً بهذه الانتخابات، لأن الأولوية بالنسبة لهم في ظل الواقع الراهن هو تأمين لقمة العيش، ويقول لـ«الشرق الأوسط» أحدهم: «معظم الناس لم تعد تهتم بالسياسة، لأنها تعبت جداً من الحرب والمآسي والفقر والتشرد»، ويضيف: «الوضع سيء وأهم شيء بالنسبة للناس اليوم هو الحصول على رغيف خبز وجرة غاز وكيفية تأمين مصروف العائلة بعد نفاد المرتب في الأسبوع الأول من الشهر».
- إصرار ودعم
الرفض الغربي لإجراء هذه الانتخابات وكذلك رفض المعارضة، على اعتبار أن أي انتخابات يجب أن تجري على أساس دستور جديد وفق ما ينص عليه القرار 2254. قابله تأكيد دمشق أن هذه الانتخابات ستجري في موعدها المحدد ووفق الدستور الحالي.
روسيا وفي دعم واضح لموقف دمشق بأن تكون هذه الانتخابات بموجب الدستور الحالي لعام 2012 بعيداً عن الإصلاحات المرتقبة في جنيف بموجب القرار 2254، اعتبر وزير خارجيتها سيرجي لافروف في سبتمبر (أيلول) الماضي خلال مؤتمر صحافي في دمشق، أن «مسألة إجراء انتخابات رئاسية في سوريا في العام المقبل يعود إلى صلاحيات حكومتها ولا علاقة لها بموضوع بلورة الدستور الجديد»، مشيراً إلى أن «الدستور الحالي يبقى معمولاً به ما لم يتم تبني القانون الأساسي الجديد».
وتبع ذلك في مطلع العام الحالي، تأكيد نائبه سيرغي فيرشينين على رفض موسكو ما وصفها بمحاولات الغرب لعرقلة تحقيق تقدم سياسي في سوريا، من خلال الدعوات الصادرة إلى عدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد.
وفي ظل المواقف الراهنة، يرجح مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، عدم حصول أي إصلاح دستوري في الفترة الممتدة من الآن وحتى موعد إجراء الانتخابات، بالنظر إلى عدم تحقيق اللجنة الدستورية أي نتائج في جولاتها الخمس التي عقدتها في جنيف وعدم وجود مؤشرات على أنها قد تحقق نتائج في هذه الفترة إن عقدت جولات جديدة، وبالتالي «ستجرى الانتخابات وفق الدستور الحالي كالتي سبقتها».



مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
TT

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، الاثنين، وسط جدول انتخابي مزدحم، عدّه خبراء «منهكاً» لكل من المرشحين والناخبين، مع استحداث جولات جديدة طرأت على أجندة الانتخابات بسبب إلغاء نتائج انتخابات بعض الدوائر لـ«مخالفات»، والطعن على نتائج دوائر أخرى.

وانطلقت عمليات الاقتراع في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري «الغرفة الأولى للبرلمان» يومي الاثنين والثلاثاء، بينما يجري التصويت بالداخل يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

جولات انتخابية جديدة في اقتراع مجلس النواب المصري (حزب الدستور)

وفي سابقة لافتة يصوت المصريون في انتخابات مجلس النواب على مراحل ممتدة، تصل إلى 7 جولات انتخابية، على خلفية إلغاء نتائج عدد من الدوائر، حيث أصدرت «المحكمة الإدارية العليا» بمجلس الدولة، وهي أعلى محكمة إدارية، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحكاماً ببطلان الانتخابات في نحو 30 دائرة بانتخابات المرحلة الأولى، عقب فحصها طعوناً تقدم بها مرشحون.

وسبق ذلك قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» بإلغاء نتائج الانتخابات في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، عقب حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «مخالفات»، بالمرحلة الأولى التي انطلقت في 10 نوفمبر الماضي.

وكان مقرراً إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مجلس النواب في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحسب الخريطة الزمنية التي أعلنتها «هيئة الانتخابات» قبل انطلاق الاقتراع، غير أنها أدخلت تعديلات عليها ليكون الإعلان النهائي عن النتيجة في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

في سابقة استثنائية يصوت المصريون في انتخابات النواب عبر 7 جولات (حزب الدستور)

ويرى نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، عمرو هاشم ربيع، أن تعدد وطول جولات التصويت والإعادة يصيب الناخبين بـ«الملل» و«الإحباط»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «7 جولات مرهقة جداً للناخبين والمرشحين، كما أصيبت الأحزاب المشاركة بالإنهاك والارتباك»، وبحسب ربيع، فإن «طول الجولات لن يؤثر في النتائج النهائية للانتخابات»، لكن تأثيره واضح في «نسبة المشاركة المتدنية».

وتثير انتخابات مجلس النواب المصري جدلاً واسعاً قبل بدايتها؛ إذ طالبت أحزاب عدة بتطبيق نظام «القائمة النسبية» لضمان تمثيل عادل لجميع الأحزاب والقوى السياسية، بديلاً عن النظام المطبَّق حالياً، ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»؛ ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

أحزاب مصرية تحشد قوتها لاستكمال جولات الانتخابات (حزب مستقبل وطن)

وفي رأي خبير النظم والتشريعات البرلمانية عبد الناصر قنديل، فإن تعدد وامتداد جولات الإعادة أفرزا مشهداً انتخابياً «مرتبكاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول مراحل الإعادة إلى 7 جولات ماراثون وعملية استثنائية لم تحدث في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، فهي أطول عملية اقتراع في تاريخ مصر، وهو مشهد سيغير الكثير، ويطيح بثوابت عدة».

وبحسب قنديل: «اضطر كثير من المرشحين إلى تغيير تكتيكاتهم الانتخابية التي كانوا يعتقدون أنها ستضمن لهم الفوز منذ الجولة الأولى».

وتقتصر جولات الإعادة على المقاعد الفردية، التي طالها إلغاء النتائج؛ إذ سبق أن أعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، التي تضم 12 حزباً، بمقاعد المرحلة الأولى، وخاضت المنافسة منفردة دون وجود قوائم منافسة.

ويعتقد قنديل أن «المشهد الانتخابي الحالي ضاغط على الأحزاب السياسية، التي لم تتعود أيضاً على هذا التطويل، وهو ما أثر سلباً في قدرتها حشد الناخبين»، وبحسب قنديل، فإن «الهيئة الوطنية للانتخابات تعاملت بكفاءة فنية واضحة مكنتها من وضع جدول زمني استثنائي لجميع المراحل رغم ضيق الوقت».

ويشهد البرلمان المقبل وجود 596 نائباً، بينهم 568 عضواً بالانتخاب، و28 عضواً بنسبة 5 في المائة يعينهم رئيس الجمهورية. ولا يزال يدور التنافس حول 195 مقعداً داخل دوائر الإعادة في المرحلتين الأولى والثانية بجانب الدوائر المُلغاة التي تُعاد انتخاباتها، وفقاً لـ«هيئة الانتخابات».


غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
TT

غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)

حذرت السلطات في قطاع غزة اليوم (الاثنين) من احتمال انهيار مزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة في القطاع الفلسطيني المدمر، وقالت إن الأحوال الجوية تجعل من الصعب انتشال الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت السلطات الصحية أن انهيار مبنيين في غزة يوم الجمعة أسفر عن مقتل 12 على الأقل، وذلك وسط عاصفة جرفت الخيام وأغرقتها أيضاً، وأدت إلى وفيات بسبب التعرض للبرد.

واتفقت إسرائيل وحركة «حماس» على وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) بعد عامين من القصف المكثف والعمليات العسكرية، لكن المنظمات الإنسانية تقول إن المساعدات التي تدخل غزة قليلة للغاية، في حين لا يزال جميع السكان تقريباً بلا مأوى.

ودعا المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، المجتمع الدولي إلى توفير منازل متنقلة وكرفانات للنازحين الفلسطينيين بدلاً من الخيام.

وقال: «إذا لم يتم حماية الناس اليوم سنشهد مزيداً من الضحايا. سنشهد مزيداً من قتل الناس، والأطفال، والنساء، والعوائل بأكملها داخل هذه المباني».

سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض (أ.ب)

وكان محمد نصار وعائلته يعيشون في مبنى مكون من ستة طوابق تضرر بشدة جراء الغارات الإسرائيلية في وقت سابق من الحرب، ثم انهار يوم الجمعة.

وواجهت أسرته صعوبات في العثور على مسكن بديل، وغمرتهم المياه أثناء إقامتهم في خيمة خلال نوبة سابقة من سوء الأحوال الجوية. وخرج نصار لشراء بعض الاحتياجات يوم الجمعة وعاد ليجد مشهد الحطام وعمال الإنقاذ يحاولون انتشال الجثث من تحت الأنقاض.

وقال نصار: «شفت إيد ابني طالعة من تحت الأرض، يعني أكتر منظر أثّرني، ابني تحت الأرض مش قادرين نطلعه». وتُوفي ابنه (15 عاماً) وابنته (18 عاماً).

وفي غضون ذلك، قال المتحدث إسماعيل الثوابتة إن سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي خلال الحرب، لكنهم يفتقرون إلى المعدات اللازمة لتسريع العمل.

وانتشل عمال الإنقاذ اليوم رفات نحو 20 شخصاً من مبنى متعدد الطوابق تعرض للقصف في ديسمبر (كانون الأول) 2023، حيث يُعتقد أن نحو 60 شخصاً، بينهم 30 طفلاً، كانوا يحتمون فيه.


الكلاب الضالة تؤرق مصريين وتثير نزاعات مع «دعاة الرفق»

انتشار الكلاب الضالة يؤرق كثيراً من المصريين (صفحة فريق إنقاذ الحيوانات - رفق)
انتشار الكلاب الضالة يؤرق كثيراً من المصريين (صفحة فريق إنقاذ الحيوانات - رفق)
TT

الكلاب الضالة تؤرق مصريين وتثير نزاعات مع «دعاة الرفق»

انتشار الكلاب الضالة يؤرق كثيراً من المصريين (صفحة فريق إنقاذ الحيوانات - رفق)
انتشار الكلاب الضالة يؤرق كثيراً من المصريين (صفحة فريق إنقاذ الحيوانات - رفق)

ما بين شكوى متزايدة من حوادث «عقر»، ومطالب مستمرة من «دعاة الرفق بالحيوان» بحق الكلاب في الحياة، تبحث مصر وضع خطة وطنية تضع حلولاً قابلة للتنفيذ للحد من انتشار «كلاب الشوارع» عبر شراكة مع منظمات المجتمع المدني، وسط تزايد المخاوف من الإخلال بالتوازن البيئي والإضرار بالمواطنين.

وخلال اجتماع بممثلي جمعيات الرفق بالحيوان، بحث وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري علاء فاروق، الاثنين، آليات تفعيل قانون تنظيم «حيازة الحيوانات»، وبخاصة ملف «كلاب الشوارع»، ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

وركز الاجتماع على كيفية تحقيق «التوازن بين حماية الصحة العامة والالتزام بالمعايير الإنسانية في التعامل مع الحيوانات»، في إطار توجّه حكومي نحو تبنّي حلول علمية ومستدامة للتعامل مع ظاهرة انتشار «كلاب الشوارع».

وكانت مصر قد أصدرت قانوناً جديداً في يناير (كانون الثاني) 2024، ينظم حيازة الكلاب والحيوانات الخطرة، ويفرض غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه (الدولار يساوي 47.5 جنيه في البنوك المصرية) على المخالفين.

وزير الزراعة المصري علاء فاروق خلال اجتماع مع ممثلي جمعيات الرفق بالحيوان (وزارة الزراعة المصرية)

إحصاءات متضاربة

وتشهد مصر جدلاً متكرراً حول انتشار «كلاب الشوارع» وما تمثله من خطر على المواطنين، خاصة مع تزايد أعدادها بشكل كبير؛ إذ وفق تقديرات «جمعية الرفق بالحيوان» وصل عددها إلى نحو 40 مليون كلب، بحسب رئيس الجمعية الدكتور شهاب عبد الحميد، الذي أكد في مداخلة تلفزيونية، الأحد، أن «أزمة الكلاب الضالة في مصر وصلت إلى مرحلة خطيرة جداً»، وأن «الانتشار الكبير للكلاب في الشوارع يمثل خطراً على المواطنين ويخل بالتوازن البيئي في المدن». لكن مدير إدارة الرفق بالحيوان بالهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة، الحسيني محمد عوض، كشف عن أرقام مغايرة، وأكد أن «عدد الكلاب الضالة في مصر يصل إلى نحو 9 ملايين كلب، وذلك بحسب إحصاء تم في عام 2023»، وتوقع في تصريحات إعلامية الأحد «زيادة هذا العدد بنسبة 25 بالمائة في عام 2025، ما يعني أن العدد يتخطى 10 ملايين كلب على الأقل».

ومع تكرار وقائع «العقر» تنشب سجالات بين من يرون أن الحل في تسميم الكلاب للتخلص منها لحماية المواطنين والحفاظ على الصحة العامة، وبين جمعيات «الرفق بالحيوانات» التي تدافع عن حق الكلاب في الحياة، وتدعو إلى تعقيمها أو تطعيمها كحل إنساني وعلمي، للحد من أعدادها دون الإخلال بالتوازن البيئي.

وتعرض خمسة أشخاص، السبت، بينهم أربعة أطفال، لـ«العقر» من أحد الكلاب بإحدى قرى محافظة الدقهلية (شمال شرقي)، ما تسبب في إصابات بالغة نُقلوا على أثرها للمستشفى. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصيب 18 شخصاً بمحافظة أسيوط (جنوباً) عقب تعرضهم للهجوم من أحد «كلاب الشوارع».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أُصيب 7 مواطنين في إحدى قرى محافظة أسيوط أيضاً إثر تعرضهم لهجوم من كلب مسعور أثناء سيرهم في شوارع القرية. وخلال نفس الشهر، لقي طفل مصرعه عقب تعرضه لهجوم كلب ضال التهم رقبته أثناء لهوه أمام منزله بإحدى قرى محافظة البحيرة (شمالاً).

وفي رأي رئيسة «اتحاد جمعيات الرفق بالحيوان»، منى خليل، تتبنى مصر نهجاً علمياً لمواجهة انتشار «كلاب الشوارع». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحلول العلمية التي تنتهجها مصر نجحت في الكثير من الدول الكبرى لعلاج المشكلة من جذورها عبر التعقيم والتطعيم»، موضحة أن «هذا الاتجاه مكلف مادياً ويحتاج إلى موارد كبيرة تتطلب مشاركة القطاع الخاص المحلي والجهات الدولية المانحة».

وزارة الزراعة تطلق شراكة مع المجتمع المدني للسيطرة على انتشار الكلاب الضالة (صفحة فريق إنقاذ الحيوانات - رفق)

برامج للتعقيم والتحصين

وأكد وزير الزراعة في إفادة رسمية، الاثنين، أن «المرحلة المقبلة ستشهد تكثيفاً وتوسعاً في مجالات العمل المشترك بين وزارة الزراعة، ممثلة في الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ومنظمات المجتمع المدني التي تمتلك خبرات عملية سابقة في تنفيذ برامج التعقيم والتحصين، وذلك من خلال خطة عمل واضحة يتم إعدادها وتنفيذها بشكل مشترك، بما يسهم في رفع كفاءة التنفيذ الميداني وتحقيق نتائج ملموسة ومستدامة».

وأشار إلى أهمية «الشراكة مع المجتمع المدني والتنسيق المستمر في القضايا ذات الصلة بالصحة العامة»، مؤكداً أيضاً أن «الدولة المصرية تتبنى نهجاً متوازناً يراعي حماية المواطنين، وفي الوقت ذاته يلتزم بالرحمة والمعايير الإنسانية في التعامل مع الحيوانات».

ويرى مؤسس جمعية «هوب لإنقاذ الحيوانات» (أهلية)، أحمد الشوربجي، أنه يجب التعامل مع مشكلة «الكلاب الضالة» دون إهدار حق هذه الحيوانات في الحياة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «طوال سنوات كان يتم التعامل مع المشكلة بشكل غير إنساني، سواء بتسميم الكلاب أو إطلاق النار عليها»، حسب وصفه، مؤكداً أن «الحل في الطرق العلمية، مثل التطعيم الذي يجعل الكلاب لا تشكل خطورة، والتعقيم الذي سيقلل أعدادها تدريجياً عبر الحد من التكاثر دون انتهاكات غير أخلاقية». لكن في المقابل يشكو مواطنون من صعوبة التواصل مع الجهات الحكومية المنوط بها التعامل مع الكلاب الضالة، أو التي تعاني من حالات «سعار»، وبالتالي تبقى أسهل وسيلة بالنسبة للبعض هي تسميم الكلاب، أو الاستعانة بأشخاص لديهم قدرة على التعامل معها لإبعادها عن مناطق إقامتهم، ما يجعل الخطر ينتقل من منطقة إلى أخرى.

وفي إفادته، وجّه وزير الزراعة المصري بعقد اجتماعات دورية بين الهيئة العامة للخدمات البيطرية وممثلي المجتمع المدني المعنيين بقضايا الرفق بالحيوان، لمتابعة ما يتم تنفيذه على أرض الواقع، ووضع الحلول العلمية المناسبة في إطار القانون، مع التأكيد على ضرورة إعداد خطة وطنية قابلة للتنفيذ للتعامل مع «حيوانات الشوارع»، والتنسيق المشترك فيما يتعلق بإنشاء مراكز إيواء «كلاب الشوارع» بغرض المصادرات والمضبوطات والتحصين والتعقيم.