استمرار الإدانات لاغتيال لقمان سليم... وعائلته تطلب التحقيق في تعرضه للتعذيب

الجميل: لبنان رهينة بيد الميليشيات المسلحة

رشا شقيقة لقمان سليم في منزل العائلة أمس (إ.ب.أ)
رشا شقيقة لقمان سليم في منزل العائلة أمس (إ.ب.أ)
TT

استمرار الإدانات لاغتيال لقمان سليم... وعائلته تطلب التحقيق في تعرضه للتعذيب

رشا شقيقة لقمان سليم في منزل العائلة أمس (إ.ب.أ)
رشا شقيقة لقمان سليم في منزل العائلة أمس (إ.ب.أ)

توالت المواقف اللبنانية المنددة باغتيال الكاتب الناشط السياسي لقمان سليم، في وقت تتواصل فيه التحقيقات في الجريمة، وقد اقتصرت حتى الآن على سماع إفادات عدد من الشهود.
وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» إن النائب العام الاستئنافي في جنوب لبنان، القاضي رهيف رمضان، سطر استنابات إلى الأجهزة الأمنية كافة لإجراء التحريات، وجمع المعلومات حول هذه الجريمة. كما كلف فرع المعلومات في جنوب لبنان بضبط كاميرات المراقبة الموجودة على الطرقات التي سلكها المغدور، وطلب بيانات الاتصالات لمراقبة حركة الاتصالات التي حصلت قرب المكان الذي عثر فيه على الجثة، وفي محيط المنزل الذي كان يوجد فيه لقمان سليم، عندما كان في زيارة لأحد أصدقائه في مزرعة نيحا الجنوبية.
وفي حين سبق لشقيقة سليم، الكاتبة رشا الأمير، أن قالت إن قتلة أخيها معروفون، وسبق أن هددوه، وهو ما أشار إليه بيان صادر عن سليم في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، محملاً بشكل مباشر أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، ورئيس البرلمان نبيه بري، مسؤولية ما قد يحصل له، قالت والدته (أمس) في أحاديث إعلامية إن ابنها المحامي سيتولى متابعة القضية، مؤكدة أن المهم هو الوصول إلى الحقيقة، وليس كما جرت العادة في لبنان. وفيما أكدت أنها خسرت ابناً وصديقاً، قالت: «هم أضاعوا طاقة علمية ثقافية لبنانية، بدل أن يحافظوا على الطاقات»، مضيفة: «نحن تربينا على أن الأهم هو العلم والأخلاق... الحضاريون يتناقشون، ولا يلجأون إلى السلاح والقتل».
وكانت العائلة قد طلبت نقل جثة سليم من المستشفى في صيدا إلى بيروت، مطالبة بالكشف عليها عبر طبيب شرعي خاص، لمعرفة ما إذا كان ابنها قد تعرض للتعذيب قبل قتله.
وفي المواقف التي استمرت يوم أمس، أكدت جميعها ضرورة كشف الحقيقة في الجريمة، محذرة من الفلتان الأمني، رافضة الاغتيال السياسي. وفي حين وصف رئيس حزب الكتائب سامي الجميل مقتل سليم بأنه «صدمة لكل الأحرار، ومن يدافع عن وطنه»، عد أن «لبنان مخطوف، وهو رهينة، وبحاجة إلى أن يحرر نفسه، وأن يقف إلى جانبه كل الأصدقاء من أجل استعادة حريته».
وتوجه إلى المسؤولين في كل الدول بالقول: «إن الأحرار في لبنان رهينة بيد الميليشيات المسلحة المتحكمة على الأرض التي تسيطر على منظومة سياسية مستسلمة للسلاح»، معبراً عن عدم ثقته بالتحقيق في الجريمة «لأن التحقيقات السابقة لم توصل إلى مكان».
وأضاف: «لسنا قضاة، ولا قدرة لدينا على التحقيق، ومعروف ما كان موقف لقمان سليم، والجهات المسلحة في لبنان التي تتحكم بالأراضي اللبنانية، وتسيطر على الأجهزة والمؤسسات، والتجارب العنفية السابقة التي يعتمدها (حزب الله)»، لافتاً إلى أنه «كي لا يتم اتهام (حزب الله)، عليه أن يلتزم بدولة القانون، ويسلم سلاحه، ويثق في الجيش، ويضع نفسه تحت سقف القانون والقضاء اللبناني، وهذا الأمر ليس حاصلاً اليوم».
ومن جهتها، أدانت اللجنة المركزية لحزب الطاشناق، في بيان لها، اغتيال سليم، مشددة على أنها «ترفض قطعاً ثقافة الاغتيالات، وزعزعة الاستقرار الأمني في البلد». وناشدت الأجهزة الأمنية «العمل على كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة».
كذلك استنكر التنظيم الشعبي الناصري الجريمة، مؤكداً «رفض الاغتيال السياسي والإرهاب والتهديد والتخوين، ومواجهة نهج القمع والهيمنة والإقصاء»، داعياً إلى «التنوع الفكري والسياسي، وحماية الحريات العامة»، معتبراً أن «الحرية والتنوع من الشروط الأساسية للديمقراطية. أما الإقصاء وقمع الرأي الآخر، فيقودان إلى الاستبداد والتصحر السياسي»، محذراً من «خطر أساليب العنف والقمع والاغتيال على الأمن والاستقرار، والتفلت الأمني وغياب حكم القانون على وحدة لبنان».
وبدوره، رأى «لقاء الجمهورية» أن «جريمة تصفية سليم الموصوفة أصابت في الصميم كل قادة الرأي الشجعان، وكل من يناضل في سبيل تغليب منطق الدولة، وعدم التسليم بالأمر الواقع الذي أخذ البلاد إلى الهاوية، وزج شعبها في أتون الصراعات الهدامة التي دمرت البشر والحجر في آن».
وعد «اللقاء»، في بيان، أن «الجريمة تدل على عدم اعتبار القتلة لوجود دولة قادرة على حماية مواطنيها، من خلال بسط سلطتها على كامل أراضيها، والعمل على استحداث برامج حماية، أسوة بالدول الراقية».
ونبه من «تداعيات تمييع التحقيق»، مشدداً على «مسؤولية السلطة والأجهزة الأمنية في كشف الملابسات، ومحاكمة من خطط وأمر ونفذ، علماً بأن مثل هذه المطالبات باتت أشبه بالأحلام الأفلاطونية، بعد سلسلة الاغتيالات الفردية التي طالت خيرة من قادة الرأي، أو الجماعية التي دمرت العاصمة في 4 أغسطس (آب)، وأوقعت المئات بين شهيد وجريح».
وكان لنقيب المحامين ملحم خلف موقف شدد فيه على ما وصفه بشجاعة القضاة. وكتب في تغريدة له على «تويتر»: «اغتيال الجسد لا يسقط الكلمة، ولا تسقط الاغتيالات إلا بجلاء الحقيقة، ولا حقيقة إلا بجهارة العدالة، ولا عدالة إلا بشجاعة القضاة».
وأضاف: «من دون شجاعة القضاة، لا حقيقة ولا عدالة ولا قضاء ولا دولة، فلا سكينة ولا طمأنينة للناس... العدالة للضحايا الأبرياء، ولروح لقمان سليم».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.