دبيبة والمنفي... رجل أعمال وسفير لقيادة «السلطة المؤقتة» في ليبيا

اختيارات غير متوقعة ومخاوف من سيطرة «الجناح التركي»

عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)
عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)
TT

دبيبة والمنفي... رجل أعمال وسفير لقيادة «السلطة المؤقتة» في ليبيا

عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)
عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)

حاز رجل الأعمال الليبي عبد الحميد دبيبة، والسفير محمد يونس المنفي، على ثقة المشاركين في ملتقى الحوار بجنيف السويسرية، أمس، ليقودا المرحلة المقبلة، وتجهيز البلاد للاستحقاق الانتخابي في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول)، قبل أن يتخليا عن منصبيهما للسلطة المنتخبة.
على خلاف المتوقع، فازت القائمة الثالثة التي تضم المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي مع عضوية موسى الكوني وعبد الله اللافي، بينما يترأس دبيبة الحكومة الجديدة. وهو ما قد يفتح الباب أمام حالة من الغضب والرفض أمام الموالين لرئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».
ودبيبة مهندس ورجل أعمال منشغل بالأمور السياسية، ويترأس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار، كما يرأس «تيار ليبيا المستقبل»، فضلاً عن كونه قريب الصلة بالملياردير الليبي علي دبيبة، المقرب من تنظيم «الإخوان» والسلطات التركية.
وينتمي دبيبة، الذي تجاوز الستين من عمره، لمدينة مصراتة بغرب البلاد، ومنذ انخراطه في العمل السياسي وهو يُعد من قبل ذويه بديلاً للقيادات التقليدية في البلاد، حسب ما يقول مدافعون عنه. ويعتبر هؤلاء أنه يمتلك رؤية لحل الأزمات الليبية تقوم على المصالحة الوطنية بعيداً عن الجهوية، على الرغم من تحفظ بعض الأوساط عليه، لا سيما بخصوص ثروته وعلاقته بتركيا.
وتقول مصادر ليبية إن نتائج الانتخابات أمس تُظهر أن الجناح الموالي لتركيا بات مسيطراً على الأوضاع. وقال مصدر عسكري بغرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط»، «نحن سنواصل العمل على توحيد المؤسسة العسكرية، وفقاً لجهود اللجنة العسكرية المشتركة». وتابع: «نرجو أن يُستكمل المسار السياسي، ونصل إلى انتخابات مع نهاية العام، بعيداً عن هذه الاختيارات التي يرى فيها البعض أنها أربكت حساباتهم الشخصية».
وأسس دبيبة «تيار ليبيا المستقبل» الذي ينشط سياسياً من سنوات ويشارك باسمه في ملتقيات الحوار الليبي، وسبق لمجلس النواب الليبي أن أدرجه على قوائم العناصر والكيانات المتهمة بتمويل الإرهاب.
وخلال عرض برنامجه للترشح أمام المشاركين في المنتدى السياسي بجنيف، نفى دبيبة أن يكون حاملاً لأي جنسية غير الليبية، قائلاً: «أفتخر بجنسيتي الليبية، وقمت بدراساتي العليا في كندا، وأولادي بحكم المولد يحملون جنسيتها، ولا أحمل جنسية أخرى وأقسم على ذلك».
أما محمد يونس المنفي فهو ينتمي إلى قبيلة المنفة بشرق ليبيا، ولد في مدينة طبرق عام 1976، صعد نجمه عقب اندلاع «ثورة 17 فبراير»، خصوصاً بعد فوزه بعضوية «المؤتمر الوطني العام» في 2012، ليُعين بعدها بست سنوات سفيراً لليبيا لدى اليونان؛ وفي نهاية عام 2019 قررت اليونان طرده على خلفية توقيع حكومة «الوفاق» اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع تركيا.
ويرى المنفي أن عملية السلام في ليبيا تحتاج إلى إجراءات أكثر من وقف إطلاق النار، وأن المرحلة المقبلة تحتاج العمل وفق رؤية سياسية ودبلوماسية واجتماعية.
وضم المجلس الرئاسي الجديد عضوين هما موسى الكوني وعبد الله اللافي.
وسبق لموسى الكوني، الاستقالة من عضوية المجلس الرئاسي بعد عام واحد من اتفاق الصخيرات ليعود الآن ويشغل المنصب نفسه، وكان وجه اتهاماً فور تقديم استقالته لحكومة «الوفاق» بـ«الفشل في معالجة المشكلات».
شغل الكوني قنصل ليبيا العام في مالي منذ 2005، قبل فور اندلاع الثورة على حكم العقيد الراحل معمر القذافي، ثم انتخب عضواً في «المؤتمر الوطني العام»، ومن بعده مجلس النواب، وعند تشكيل المجلس الرئاسي عام 2016 اختير كأحد ممثلي الجنوب في المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج.
أما عضو المجلس الرئاسي الثاني فهو عبد الله اللافي الذي انتخب نائباً عن مدينة الزاوية غرب طرابلس.
وقلل عضو مجلس النواب ميلود الأسود، من مخاوف البعض برفض بعض الأطراف للواقع الجديد، وقال في تصريح صحافي، أمس، إن «التحديات كبيرة والمهام جسام، أهمها إنهاء وجود جميع القواعد الأجنبية و(المرتزقة)، ودعم توحيد المؤسسة العسكرية»، بالإضافة إلى «الالتزام بالانتخابات في موعدها، وتوحيد مؤسسات الدولة، وتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».