استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين

لم يتم استخدام الطائرات من دون طيار في أي أعمال إرهابية على التراب الأميركي

استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين
TT

استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين

استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين

التقط رادار المسح فوق ملعب البيسبول ذي 40.000 مقعد، حيث كان كبار اللاعبين والجمهور مستغرقين في أحداث دوري كبار النجوم في مدينة مينابوليس خلال يوليو (تموز)، ما اعتبره خبراء الأمن تهديدا للسلامة العامة: «طائرات من دون طيار».
واستخداما لبرامج الكشف الدقيق من جانب وزارة الأمن الداخلي الأميركية، والمعروف باسم «عملية الكرة الكريهة»، تمكن البرنامج من التقاط طائرات من دون طيار تجارية صغيرة الحجم تحوم في سماء المنطقة. وبعضا منها من نفس طراز الطائرة كوادكوبتر التي تحطمت في حديقة البيت الأبيض الاثنين الماضي.
لكن نظام الكشف عنه الطائرات، الذي يعتبر من أكثر نظم الكشف تقدما في البلاد وتكلف مئات الآلاف من الدولارات للتشغيل خلال تلك الأمسية وحدها لم يتمكن من إيقاف طيران تلك الطائرات عن التحليق فوق الاستاد. وكان هناك قدر من اللبس حيال أن إحداها تتبع مؤسسة (إي إس بي إن) الإعلامية.
وفقا لتكلفة تشغيل النظام المرتفعة وبعض القيود الأخرى اتخذ المسؤولون في مباراة البيسبول قرارهم لعدم استخدامه فيما بعد انتهاء الموسم الرياضي الحالي. غير أن أولئك المسؤولين لم يتلقوا أي إنذار مسبق قبل تحليق الطائرات من دون طيار فوق إحدى المباريات الفاصلة في اللعبة الشهيرة.
وأحجمت الرابطة الوطنية لكرة القدم عن الإعلان عن أي نوع من النظم يستخدمون، إن وجدت، في مباراة يوم الأحد المقرر انعقادها في سوبر باول بمدينة غلينديل بولاية أريزونا، برغم أن إدارة الطيران الاتحادية قد أصدرت تحذيرا هذا الأسبوع من أن أي شخص سوف يشغل الطائرات من دون طيار فوق المباريات التي تنظمها الرابطة سوف يتعرض «للاعتراض، والاعتقال، والاستجواب».
في حين أنه لم يتم استخدام الطائرات من دون طيار في أي أعمال إرهابية على التراب الأميركي، إلا أن عرقلة تحليق مثل تلك الطائرات صار من قبيل التحديات المتزايدة لمؤسسات إنفاذ القانون والمسؤولين الأمنيين المكلفين بحماية الفعاليات الكبيرة مثل مباريات سوبر باول والمباني رفيعة المستوى مثل البيت الأبيض. وقد حذر المسؤولون أن الأجسام الطائرة على ارتفاعات منخفضة يمكن تعديلها لكي تحمل المتفجرات، والمواد الكيماوية، والبيولوجية، والأسلحة أو الكاميرات.
وخلال هذا الشهر، أخبر أحد المحللين لدى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب جمعا من العسكريين ومسؤولي إنفاذ القانون والمرافق العامة في مدينة ارلنغتون بولاية فيرجينيا، أن اهتمام المتطرفين بأنظمة الطائرات من دون طيار قد تضاعف في الآونة الأخيرة. عبر الـ16 شهرا الماضية، كما يقول، ارتفع الفريق العامل على نظم الطائرات من دون طيار إلى 65 عضوا من أصل 4 أعضاء فقط، وفقا لأحد المشاركين في التجمع سالف الذكر.
وقال المتحدث الرسمي بالمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، والذي طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشته الشؤون الأمنية «إن جهود الإرهابيين لاستخدام تقنيات الطائرات من دون طيار صارت من مصادر القلق الواضحة لدى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب ومجتمع الاستخبارات الأميركية برمته. ويبقى تركيزنا منصبا على تحديد تلك التهديدات وإسناد تلك الوكالات التي تعمل على مكافحتها».
وصرح المسؤولون لدى البيت الأبيض أن مسؤولي الأمن الجوي بإدارة الخدمة السرية ظلوا يعملون لسنوات للعثور على سبل لردع الطائرات من دون طيار المحلقة على ارتفاعات منخفضة وذات الحجم الصغير للغاية والتي يصعب تتبعها بواسطة أنظمة الرادار التقليدية، التي صُممت بالأساس لرصد وتتبع الصواريخ والطائرات.
غير أن حادثة صباح الاثنين الماضي أشارت إلى أن النظام المعمول به حاليا حول محيط البيت الأبيض كان عاجزا عن مجرد منع الطائرات من دون طيار «اللعبة» من التحليق فوق السياج المصنوع من الحديد المطاوع.
ظهر المزيد من التفاصيل حول الحادثة يوم الثلاثاء. فالموظف الفيدرالي الذي اعترف بأنه كان وراء تشغيل الطائرة من دون طيار قال: إنه كان في شقته الخاصة، حسبما أفاد صديقه، وكان يُشغل الطائرة الصغيرة من خلال النافذة عند الساعة 3 صباحا، عندما فقد الاتصال بالطائرة ولم يتمكن من صنع أي شيء لما طارت بعيدا عنه.
قال الصديق، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا للقضايا القانونية المعنية «خرج الأمر كله عن السيطرة عندما فقد اتصاله بالطائرة». لوحظت الطائرة في وقت لاحق من قبل أحد ضباط الخدمة السرية، ولكن لم تكن لديه وسيلة لإيقافها قبل اصطدامها بالشجرة في الحديقة الجنوبية من البيت الأبيض.
وقال مسؤولو إنفاذ القانون بأن الشخص الذي كان يُشغل الطائرة من دون طيار، والذي لم يعلنوا عن اسمه، لم يكن يُشكل تهديدا يُذكر. كما أفادوا أن غالبية الطائرات من دون طيار المتوافرة تجاريا غير قادرة على حمل ما يكفي من المتفجرات لتسبب أضرارا حقيقية بالبيت الأبيض.
معظم الطائرات من دون طيار المبيعة هي للاستخدام الشخصي ولا تُشكل تهديدا لأحد، والمستخدمة منها في الأغراض التجارية تأتي من قبيل تسريع عمليات تسليم طلبات الزبائن، أو توفير لقطات الفيديو عالية الوضوح أو تحسين إدارة المحاصيل الزراعية.
غير أن المسؤولين يأخذون التهديد على محمل الجدية. حيث صرح أحد المتحدثين باسم البيت الأبيض يوم الأربعاء أن جهاز الخدمة السرية «يراجع بشكل مستمر التقنيات الجديدة الناشئة». وقال مسؤولو إنفاذ القانون بأنه ليست لدى الحكومة حتى الآن «الرصاصة الفضية» لكي تتمكن من إيقاف الطائرات من دون طيار التي تتبع حركتها.
في التجمع المنعقد بمدينة ارلنغتون هذا الشهر، أظهر مسؤولو الاستخبارات وإنفاذ القانون مقطعا للفيديو ذائع الصيت على موقع «يوتيوب» يظهر فيه رجلا ملثما يشرح فعالية الطائرات من دون طيار للهواة التي يمكن تجهيزها بمسدس لكرات الطلاء وزناد للتحكم عن بعد. أظهر فيلم الفيديو الطائرة من دون طيار تطلق كرات الطلاء بفعالية على قواطع ورقية بشرية.
وقال المتحدث الرسمي لشركة (دي جي آي) يوم الأربعاء، وهي الشركة المنتجة للطائرة من دون طيار التي تحطمت في البيت الأبيض، بأن الشركة تتعامل مع القضايا الأمنية بمنتهى الجدية وقد أصدرت تحديثات على برمجياتها يمكنها استخدام رقائق نظام تحديد المواقع العالمي في الطائرات من دون طيار لمنع استخدامها في معظم مناطق العاصمة واشنطن. كما أصدرت الشركة قرارات منع مماثلة لنحو 2000 مطار حول العالم.
وأضاف مايكل بيري المتحدث الرسمي باسم الشركة «سوف يحدد البرنامج متى يكون على مسافة معينة من منطقة حظر الطيران، ثم يوقف نفسه ذاتيا».
وقال بيري لأن شركته ظلت على اتصال مع أجهزة إنفاذ القانون حول سبل تطوير أساليب الحماية ضد سوء استخدام الطائرات من دون طيار. ولكنه أضاف أن الشركة لن تتمكن من التأكد أن الناس سوف يستخدمون الطائرات من دون طيار بطريقة مسؤولة، في جهود الحفظ، ومكافحة النيران، والبحث والإنقاذ، والرياضة، أو الترفيه.
واستطرد بيري يقول: «في نهاية المطاف، يتوقف الأمر على اختيارات الناس في استخدام التقنية. يمكننا وضع 100 عائق أمام الشخص الذي يستخدم التقنية في غير موضعها، ولكن هناك شخص آخر سوف يجد 101 وسيلة ليستخدمها فعلا في غير موضعها».



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».