استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين

لم يتم استخدام الطائرات من دون طيار في أي أعمال إرهابية على التراب الأميركي

استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين
TT

استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين

استخدام «الدرون» لإغراض مدنية يثير مخاوف المسؤولين الأميركيين

التقط رادار المسح فوق ملعب البيسبول ذي 40.000 مقعد، حيث كان كبار اللاعبين والجمهور مستغرقين في أحداث دوري كبار النجوم في مدينة مينابوليس خلال يوليو (تموز)، ما اعتبره خبراء الأمن تهديدا للسلامة العامة: «طائرات من دون طيار».
واستخداما لبرامج الكشف الدقيق من جانب وزارة الأمن الداخلي الأميركية، والمعروف باسم «عملية الكرة الكريهة»، تمكن البرنامج من التقاط طائرات من دون طيار تجارية صغيرة الحجم تحوم في سماء المنطقة. وبعضا منها من نفس طراز الطائرة كوادكوبتر التي تحطمت في حديقة البيت الأبيض الاثنين الماضي.
لكن نظام الكشف عنه الطائرات، الذي يعتبر من أكثر نظم الكشف تقدما في البلاد وتكلف مئات الآلاف من الدولارات للتشغيل خلال تلك الأمسية وحدها لم يتمكن من إيقاف طيران تلك الطائرات عن التحليق فوق الاستاد. وكان هناك قدر من اللبس حيال أن إحداها تتبع مؤسسة (إي إس بي إن) الإعلامية.
وفقا لتكلفة تشغيل النظام المرتفعة وبعض القيود الأخرى اتخذ المسؤولون في مباراة البيسبول قرارهم لعدم استخدامه فيما بعد انتهاء الموسم الرياضي الحالي. غير أن أولئك المسؤولين لم يتلقوا أي إنذار مسبق قبل تحليق الطائرات من دون طيار فوق إحدى المباريات الفاصلة في اللعبة الشهيرة.
وأحجمت الرابطة الوطنية لكرة القدم عن الإعلان عن أي نوع من النظم يستخدمون، إن وجدت، في مباراة يوم الأحد المقرر انعقادها في سوبر باول بمدينة غلينديل بولاية أريزونا، برغم أن إدارة الطيران الاتحادية قد أصدرت تحذيرا هذا الأسبوع من أن أي شخص سوف يشغل الطائرات من دون طيار فوق المباريات التي تنظمها الرابطة سوف يتعرض «للاعتراض، والاعتقال، والاستجواب».
في حين أنه لم يتم استخدام الطائرات من دون طيار في أي أعمال إرهابية على التراب الأميركي، إلا أن عرقلة تحليق مثل تلك الطائرات صار من قبيل التحديات المتزايدة لمؤسسات إنفاذ القانون والمسؤولين الأمنيين المكلفين بحماية الفعاليات الكبيرة مثل مباريات سوبر باول والمباني رفيعة المستوى مثل البيت الأبيض. وقد حذر المسؤولون أن الأجسام الطائرة على ارتفاعات منخفضة يمكن تعديلها لكي تحمل المتفجرات، والمواد الكيماوية، والبيولوجية، والأسلحة أو الكاميرات.
وخلال هذا الشهر، أخبر أحد المحللين لدى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب جمعا من العسكريين ومسؤولي إنفاذ القانون والمرافق العامة في مدينة ارلنغتون بولاية فيرجينيا، أن اهتمام المتطرفين بأنظمة الطائرات من دون طيار قد تضاعف في الآونة الأخيرة. عبر الـ16 شهرا الماضية، كما يقول، ارتفع الفريق العامل على نظم الطائرات من دون طيار إلى 65 عضوا من أصل 4 أعضاء فقط، وفقا لأحد المشاركين في التجمع سالف الذكر.
وقال المتحدث الرسمي بالمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، والذي طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشته الشؤون الأمنية «إن جهود الإرهابيين لاستخدام تقنيات الطائرات من دون طيار صارت من مصادر القلق الواضحة لدى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب ومجتمع الاستخبارات الأميركية برمته. ويبقى تركيزنا منصبا على تحديد تلك التهديدات وإسناد تلك الوكالات التي تعمل على مكافحتها».
وصرح المسؤولون لدى البيت الأبيض أن مسؤولي الأمن الجوي بإدارة الخدمة السرية ظلوا يعملون لسنوات للعثور على سبل لردع الطائرات من دون طيار المحلقة على ارتفاعات منخفضة وذات الحجم الصغير للغاية والتي يصعب تتبعها بواسطة أنظمة الرادار التقليدية، التي صُممت بالأساس لرصد وتتبع الصواريخ والطائرات.
غير أن حادثة صباح الاثنين الماضي أشارت إلى أن النظام المعمول به حاليا حول محيط البيت الأبيض كان عاجزا عن مجرد منع الطائرات من دون طيار «اللعبة» من التحليق فوق السياج المصنوع من الحديد المطاوع.
ظهر المزيد من التفاصيل حول الحادثة يوم الثلاثاء. فالموظف الفيدرالي الذي اعترف بأنه كان وراء تشغيل الطائرة من دون طيار قال: إنه كان في شقته الخاصة، حسبما أفاد صديقه، وكان يُشغل الطائرة الصغيرة من خلال النافذة عند الساعة 3 صباحا، عندما فقد الاتصال بالطائرة ولم يتمكن من صنع أي شيء لما طارت بعيدا عنه.
قال الصديق، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا للقضايا القانونية المعنية «خرج الأمر كله عن السيطرة عندما فقد اتصاله بالطائرة». لوحظت الطائرة في وقت لاحق من قبل أحد ضباط الخدمة السرية، ولكن لم تكن لديه وسيلة لإيقافها قبل اصطدامها بالشجرة في الحديقة الجنوبية من البيت الأبيض.
وقال مسؤولو إنفاذ القانون بأن الشخص الذي كان يُشغل الطائرة من دون طيار، والذي لم يعلنوا عن اسمه، لم يكن يُشكل تهديدا يُذكر. كما أفادوا أن غالبية الطائرات من دون طيار المتوافرة تجاريا غير قادرة على حمل ما يكفي من المتفجرات لتسبب أضرارا حقيقية بالبيت الأبيض.
معظم الطائرات من دون طيار المبيعة هي للاستخدام الشخصي ولا تُشكل تهديدا لأحد، والمستخدمة منها في الأغراض التجارية تأتي من قبيل تسريع عمليات تسليم طلبات الزبائن، أو توفير لقطات الفيديو عالية الوضوح أو تحسين إدارة المحاصيل الزراعية.
غير أن المسؤولين يأخذون التهديد على محمل الجدية. حيث صرح أحد المتحدثين باسم البيت الأبيض يوم الأربعاء أن جهاز الخدمة السرية «يراجع بشكل مستمر التقنيات الجديدة الناشئة». وقال مسؤولو إنفاذ القانون بأنه ليست لدى الحكومة حتى الآن «الرصاصة الفضية» لكي تتمكن من إيقاف الطائرات من دون طيار التي تتبع حركتها.
في التجمع المنعقد بمدينة ارلنغتون هذا الشهر، أظهر مسؤولو الاستخبارات وإنفاذ القانون مقطعا للفيديو ذائع الصيت على موقع «يوتيوب» يظهر فيه رجلا ملثما يشرح فعالية الطائرات من دون طيار للهواة التي يمكن تجهيزها بمسدس لكرات الطلاء وزناد للتحكم عن بعد. أظهر فيلم الفيديو الطائرة من دون طيار تطلق كرات الطلاء بفعالية على قواطع ورقية بشرية.
وقال المتحدث الرسمي لشركة (دي جي آي) يوم الأربعاء، وهي الشركة المنتجة للطائرة من دون طيار التي تحطمت في البيت الأبيض، بأن الشركة تتعامل مع القضايا الأمنية بمنتهى الجدية وقد أصدرت تحديثات على برمجياتها يمكنها استخدام رقائق نظام تحديد المواقع العالمي في الطائرات من دون طيار لمنع استخدامها في معظم مناطق العاصمة واشنطن. كما أصدرت الشركة قرارات منع مماثلة لنحو 2000 مطار حول العالم.
وأضاف مايكل بيري المتحدث الرسمي باسم الشركة «سوف يحدد البرنامج متى يكون على مسافة معينة من منطقة حظر الطيران، ثم يوقف نفسه ذاتيا».
وقال بيري لأن شركته ظلت على اتصال مع أجهزة إنفاذ القانون حول سبل تطوير أساليب الحماية ضد سوء استخدام الطائرات من دون طيار. ولكنه أضاف أن الشركة لن تتمكن من التأكد أن الناس سوف يستخدمون الطائرات من دون طيار بطريقة مسؤولة، في جهود الحفظ، ومكافحة النيران، والبحث والإنقاذ، والرياضة، أو الترفيه.
واستطرد بيري يقول: «في نهاية المطاف، يتوقف الأمر على اختيارات الناس في استخدام التقنية. يمكننا وضع 100 عائق أمام الشخص الذي يستخدم التقنية في غير موضعها، ولكن هناك شخص آخر سوف يجد 101 وسيلة ليستخدمها فعلا في غير موضعها».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».