ساعة إجابة، وتجمع الأهل أثناء الإجازة، وانتظار الصلاة.. كلها أحداث تميز يوم الجمعة عند العالم الإسلامي والعربي منذ قرون طويلة، إلا أن هذا اليوم أصبح «مختلفا» عند كثير من العرب مؤخرا منذ أن احتلته المظاهرات التي عرفت بـ«المليونيات» في دول ما يعرف بـ«الربيع العربي».
ومنذ ذلك الحين، تحول يوم الجمعة إلى يوم ساخن بالأحداث، من اشتباكات وتظاهرات ووقفات، وقد يشهد سقوط الكثير من الجرحى أو القتلى.
ففي مصر، وبعد نزولها لميدان التحرير في 25 يناير (كانون الثاني) 2011 لإسقاط مبارك، رفعت القوى الثورية شعارات لكل جمعة، التي بدأت بـ«جمعة الغضب» و«جمعة الزحف»، ثم تلتها مسميات لا تنتهي. ليتحول اليوم الذي يشهد صلاة الجماعة ولقاءات الأهل إلى كرنفال للمظاهرات.
وانتقلت شرارة المفهوم الجديد من تونس ومصر إلى ليبيا وسوريا والعراق، لتُغير مفهوم يوم الجمعة على القنوات العربية والغربية.. وبات قادة المظاهرات مسموعين أكثر من الشيوخ على منابر مساجد صلاة الجمعة؛ بل وصل الأمر إلى خوف البعض من النزول هذا اليوم خشية القبض عليه وسط المتظاهرين، أو الإصابة بطلقة طائشة لتصبح آخر جمعة في حياته.. واضطر البعض الآخر إلى تغيير موعد إجازاته بدلا من الجمعة إلى أي يوم أخر يمكنه الاستمتاع به.
أما رجال الأمن، فيوم الجمعة عندهم أصبح يبدأ بتوديع أخير لأهاليهم منذ مساء الخميس، لأنهم لا يعرفون إذا ما كانوا سيعودون إلى منازلهم مرة أخرى على أقدامهم، أو محمولين على الأعناق بعد الوفاة إثر انفجار قنبلة أو طلقة مجهولة المصدر.
من جهة أخرى، صار يوم الجمعة أكبر أيام الكساد التجاري للمحال التجارية الموجودة فيما يعرف بميادين الثورة في بلدان الربيع العربي، من ميادين التحرير وسط القاهرة، إلى نظيره في اليمن، وكذلك في أغلب الدول التي شهدت ثورات.. فيما يظل الرابح الأكبر في مصر هي محلات الفول والطعمية، الوجبة الرسمية لأغلب المصريين خاصة في أيام الإجازات ولم شمل الأسرة، التي تحقق أرقاما قياسية في هذا اليوم.
ويقول أحمد محمود، سائق سيارة أجرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «يوم الجمعة كان قبل قيام ثورة يناير خفيف في الشغل.. ويمكن للسائق أن يتحصل على مبلغ يسير. أما الآن فهو يوم شحيح المكسب، وكل سائق لا يخرج إلا للضرورة القصوى خوفا من أن تتعرض سياراته للتهشيم من قبل مؤيدي الإخوان»، كما حدث مع أحد السائقين في 25 يناير الماضي أثناء اشتباكات بين الأمن وأنصار الجماعة في ضاحية المطرية شرق العاصمة.
من جانبها، ألمحت المدونة العصماء محمد هاني أن أهلها كان يمنعونها من الخروج مع أصدقائها يوم الجمعة خوفا على أرواحهم.. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها كانت دائما تترقب الأخبار حول حصيلة الضحايا في كل يوم جمعة، قائلة في سخرية مريرة: «لا يصلح أن يحصل الحانوتي على إجازة في هذا اليوم لما يشهده من سقوط قتلى هنا وهناك». وتابعت أنها قبل ثورة يناير كانت تنتظر يوم الجمعة بفارغ الصبر لأنه موعد الخروج الأسبوعي الدائم لها وأصدقائها وأسرتها، أما الآن فهو موعد «الحبس في المنزل، ورصد أعداد القتلى أو المصابين».
ويأمل كثير من المصريين أن يعود يوم الجمعة لتقاليده القديمة، يقضونه كما يطلق الغرب كـ«ويك إند» سعيد، متناقلين بين شاشات تلفزيونية لا تعرض مشاهد دماء، ومحال تجارية مفتوحة لا تخشى التكسير، أو أسرة كاملة لم تفقد أحد أفرادها الذين نزلوا لتأمين أحد الشوارع أو المنشآت، كونه رجل أمن.
«الجمعة» في مصر.. «كرنفال» مظاهرات وكساد تجاري
المصريون يأملون في عودته إلى سابق عهده
«الجمعة» في مصر.. «كرنفال» مظاهرات وكساد تجاري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة