عائلة حوثية تفاجئ اليمنيين بادعاء ملكية قصر الملكة أروى التاريخي

جانب من قصر الملكة أروى التاريخي (مكتب الآثار بمحافظة إب)
جانب من قصر الملكة أروى التاريخي (مكتب الآثار بمحافظة إب)
TT

عائلة حوثية تفاجئ اليمنيين بادعاء ملكية قصر الملكة أروى التاريخي

جانب من قصر الملكة أروى التاريخي (مكتب الآثار بمحافظة إب)
جانب من قصر الملكة أروى التاريخي (مكتب الآثار بمحافظة إب)

لأسباب لها علاقة بالانتماء المذهبي لأتباعها، ظل قصر الملكة اليمنية أروى الصليحي في مدينة جبلة محافظة إب عرضة للإهمال ودون ترميم طوال عقود من الزمن، قبل أن يفاجئ اليمنيين ادعاء إحدى العائلات الحوثية ملكية القصر ومنع مبادرة لإعادة ترميمه وإصلاح ما تهدم منه.
قبل ألف عام تقريبا تولت الملكة حكم اليمن بعد وفاة زوجها، واستمرت في الحكم أربعين عاما واشتهرت فترة حكمها بالعدل وشق الطرقات ورصفها بالحجارة وإقامة السدود وصيانة القديم منها، وعند وفاتها دفنت بجوار المسجد الذي ما يزال يحمل اسمها حتى الساعة، لكن قصرها العامر والذي يشكل تحفة فنية ويؤرخ لولاية أول امرأة حكم اليمن في العصر الإسلامي تحول جزء كبير منه إلى أطلال وخرائب.
وقال مصدران في قيادة محافظة إب (وسط اليمن) لـ«الشرق الأوسط» إن فرعين من عائلة المتوكل التي سكنت مدينة جبلة أثناء حكم الأئمة يدعيان ملكية القصر، وأنهما يحولان دون إمكانية ترميمه، وأن هؤلاء وقبل سيطرة الحوثيين على المحافظة لم يكونوا يتجرأون على هذا الادعاء، لكن لم يكن هناك اهتمام بالمواقع الأثرية من السلطات المتعاقبة ما جعلها عرضة للدمار أو النهب والعبث.
أما صادق إبراهيم وهو أحد سكان مدينة جبلة فيقول لـ«الشرق الأوسط» إنه وقبل نحو عشرين عاما عرضت طائفة البهرة والذين يقدمون أنفسهم كأتباع لها والمذهب الإسماعيلي الذي كانت تعتنقه ترميم القصر على نفقتهم، إلا أن الصراع السياسي في اليمن بين الأحزاب ذات التوجهات الدينية حال دون ذلك، حيث تم التحريض على المشروع باعتباره يخدم طائفة البهرة وتوقف الحديث عن الأمر.
ويضيف إبراهيم «منذ ذلك الوقت لم نلمس أي مسعى لترميم وصيانة القصر وملحقاته والذي بني على مساحة كبيرة من الأرض إلى أن بدأ مكتب الآثار في محافظة إب الحديث عن ترميم القصر حيث ظهرت عائلة المتوكل وادعت ملكية هذا القصر الذي يزيد عمره على ألف عام تقريبا، وأوقفوا هذه الخطة، استنادا إلى نفوذهم في المحافظة باعتبارها إحدى الأسر الحوثية النافذة وصاحبة الكلمة العليا في المدينة».
السكان تحدثوا عن اعتداء أشخاص بالاعتداء على القصر الذي يعرف باسم دار العز وتهديم أجزاء منه بغرض بناء جديد، إلا مكتب الآثار في المحافظة ذكر أن مديره زار الموقع وقام بجولة كاملة في المبنى من الداخل والخارج ومن جميع الاتجاهات لتفقده بوضعه الحالي وتأثير الأمطار وغيرها عليه والتأكد من عدم وجود أي اعتداء أو بناء أو تغير لمعالمه الحالية. والاطمئنان إلى وجود الحراسة عليه، لكنه تجنب الحديث عن ادعاءات هذه العائلة بملكية القصر.
مكتب الآثار في المحافظة التي كانت عاصمة للدولة الحميرية قبل الميلاد والدولة الصليحية في العصر الأيوبي وتحوي مواقع أثرية متعددة، أكد أن ظاهرة الاعتداء على المواقع الأثرية والمعالم التاريخية بالمحافظة أصبحت تشكل خطرا على الموروث التاريخي، إذ تعرضت العديد من المواقع الأثرية والمعالم التاريخية لعملية اعتداء وتخريب من قبل عصابات تقوم بالحفر العشوائي وتدمير المعالم التاريخية بحثا عن الكنوز والآثار بغرض بيعها وتهريبها، ووصل الأمر إلى الاعتداء على أضرحة الموتى، كما طالت الاعتداء على المساجد التاريخية في العديد من مديريات المحافظة.
ووفق ما يقوله المكتب الذي يعمل على توثيق المواقع الأثرية، والضغط لحمايتها فإن ما يتم يوحي بوجود عمل منظم لتدمير المعالم التاريخية حيث تم الاعتداء على ضريح الشيخ سعد الدين آل زياد في مديرية العدين والذي بني قبل أكثر من 400 عام حيث قام الجناة بكسر باب الضريح والحفر بداخله وتخريبه، وأعقب ذلك اعتداء مماثل في منطقة العذارب في مديرية بعدان حيث تعرضت القبور والقباب إلى الحفر والتهديم، كما قامت سلطات الأمن في المديرية بإطلاق سراح العصابة التي تورطت في هذه العملية بعد ساعات على اعتقال عدد من أفرادها وفق ما صرح به مكتب الآثار في المحافظة.
مدير عام الهيئة العامة الآثار والمتاحف بالمحافظة خالد غالب قال «كم نحن بحاجة إلى ضبط كل لصوص ومدمري الآثار وتعريتهم مهما كانت مواقعهم والمتاجرون بالآثار، لكون ما يقومون به خيانة وطنية».
وكان سكان في مديرية السياني اكتشفوا إحدى المومياوات وعبثوا بها عند قيامهم بالحفر في أحد المواقع الأثرية بحثا عن الكنوز، كما تتعرض المواقع الأثرية في منطقة العود في مديرية النادرة لعملية حفر متواصلة بحثا عن كنوز تعود للعصر الحميري.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.