نصف عام على انفجار مرفأ بيروت... التحقيق يفرمل داخلياً وخارجياً

TT

نصف عام على انفجار مرفأ بيروت... التحقيق يفرمل داخلياً وخارجياً

رغم مرور ستة أشهر على انفجار مرفأ بيروت، الذي أسفر عن مقتل 200 مدني، وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين بجراح وتدمير أجزاء من العاصمة اللبنانية، لم يقدّم التحقيق الذي يجريه القضاء اللبناني حتى الآن أجوبة أولية للضحايا وذويهم، ولم يحدد المسؤولية عمّن يقف وراء هذه الجريمة والمتسببين فيها.
ولا يبدو أن تحركات ذوي الضحايا، المتمثّلة بالاعتصامات شبه اليومية عند مداخل قصر العدل في بيروت، وأمام منزل المحقق العدلي القاضي فادي صوّان، للمطالبة بتسريع وتيرة التحقيقات، وعدم الخضوع للضغوط السياسية التي تمارس عليه أتت أكلها، بل إن قلق أهالي الضحايا وعامة اللبنانيين بدأ يتعاظم جرّاء محاولات إدخال التحقيق في متاهات التجاذبات السياسية وبالتالي طمس الحقيقة، وقطع الطريق على كشف المتسببين بهذه الجريمة سواء بالتقصير والإهمال، أو بالعمل المتعمّد، بدءاً من شراء شحنة نترات الأمونيوم من جورجيا ونقلها إلى مرفأ بيروت بطريقة مشبوهة، وانتهاء بلا مبالاة الدولة اللبنانية بعدم تقديرها لخطورة هذه المواد في المرفأ، عدا عن التباطؤ بالبت بمصير 25 موقوفاً في القضية من مسؤولين أمنيين أو مديرين عامين وموظفين في مرفأ بيروت.
وما يزيد من حالة الإحباط التي تسيطر على اللبنانيين عموماً، وضحايا الانفجار والمتضررين خصوصاً، هو اقتراب التحقيق القضائي من الوصول إلى حائط مسدود، ولا تستبعد مصادر مواكبة لمسار القضية أن «يبلغ هذا الملف نفس المصير الذي انتهت إليه جرائم الاغتيالات والتفجيرات التي شهدها لبنان إبان الحرب الأهلية وبعدها». وتحدثت المصادر عن موانع داخلية وخارجية تفرمل مهمّة المحقق العدلي. وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن الموانع الداخلية «تتمثّل في طلب نقل الملف من القاضي فادي صوّان إلى عهدة قاضٍ آخر، لمجرّد أن تجرّأ صوّان وادعى على بعض السياسيين وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب وعدد من الوزراء السابقين واستدعاهم للتحقيق».
وكان القاضي صوّان ادعى في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على رئيس الحكومة حسّان دياب وعلى وزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير في اتخاذ القرار بمعالجة نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، والتسبب بقتل الضحايا الأبرياء، إلا أن خليل وزعيتر تقدّما بمذكرة أمام محكمة التمييز الجزائية طلبا فيها كفّ يد القاضي صوّان عن متابعة التحقيق بالملف وتعيين قاضٍ آخر لهذه المهمّة بسبب ما سمياه «الارتياب المشروع»، معتبرين أن صوّان تخطى صلاحية مجلس النواب، لأن ملاحقة الوزراء هي من اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهو ما تسبب بتعليق التحقيق في الملف منذ شهر ونصف الشهر.
ولا تقف العرقلة عند العوامل الداخلية، بل ثمة موانع خارجية تحول دون استكمال جمع المعلومات الخاصة بانفجار المرفأ، وفي هذا الإطار رسمت المصادر المواكبة لمسار القضية علامات استفهام عن «الأسباب التي تحول دون صدور تقرير الخبراء الفرنسيين الذين عملوا في مرفأ بيروت مدة ثلاثة أسابيع». وشددت المصادر على أن «التقرير الفرنسي يبقى الحلقة الأهم في تحديد أسباب الانفجار، وما إذا وقع نتيجة حريق أو أعمال تلحيم، أم أنه نتيجة استهداف خارجي، أي بصاروخ أو بواسطة عمل أمني ناجم عن وضع قنبلة أو عبوة أدت إلى الانفجار الهائل»، مشيرة إلى أن «الخبراء الفرنسيين كانوا تعهدوا بتزويد المحقق العدلي بتقريرهم في مهلة شهرين بعد انتهاء عملهم أواخر شهر أغسطس (آب)، فلماذا لم يصدروا تقريرهم رغم مرور خمسة أشهر على انتهاء مهمتهم، ورغم عدة مراسلات وجهها القاضي صوّان إلى الجانب الفرنسي بهذا الشأن؟».
ويبدو أن خطوات فرملة التحقيق تتزايد يوماً بعد يوم، في ظلّ امتناع جهات خارجية عن التعاون مع لبنان وتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق مشتبه بهم، وأعلن مصدر قضائي أن «السلطات الروسية رفضت التعاون في قضية انفجار مرفأ بيروت». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة التمييزية «تسلّمت كتاباً من روسيا عبر سفارتها في بيروت، جواباً على طلب لبنان توقيف صاحب الباخرة «روسوس» التي نقلت نترات الأمونيوم من جورجيا إلى مرفأ بيروت وقبطانها (من التابعية الروسية)، وأن هذا الجواب تضمّن إعلاناً واضحاً باستحالة تسليم هذين الشخصين الموجودين على أراضيها إلى لبنان».
وأثار الجواب الروسي استياء المراجع القضائية المعنية بالتحقيق، ورأى المصدر القضائي أن الموقف الروسي «ينطوي على تفسير واحد، هو عدم التعاون مع لبنان في هذا الملف، علما بأن الجانب اللبناني طلب من القضاء الروسي توقيف مالك الباخرة وقبطانها، تنفيذاً لمذكرة التوقيف الصادرة عن المحقق العدلي، والتي تحوّلت إلى مذكرة توقيف دولية عممها الإنتربول الدولي عبر النشرة الحمراء».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.