الفن مهم لكن ليس في كل مكان... متاحف عالمية تفتح أبوابها وأخرى تقفلها

معرض «الوقت: الموضة والزمن» في متحف المتروبوليتان بنيويورك مفتوح للزيارة المحدودة (رويترز)
معرض «الوقت: الموضة والزمن» في متحف المتروبوليتان بنيويورك مفتوح للزيارة المحدودة (رويترز)
TT

الفن مهم لكن ليس في كل مكان... متاحف عالمية تفتح أبوابها وأخرى تقفلها

معرض «الوقت: الموضة والزمن» في متحف المتروبوليتان بنيويورك مفتوح للزيارة المحدودة (رويترز)
معرض «الوقت: الموضة والزمن» في متحف المتروبوليتان بنيويورك مفتوح للزيارة المحدودة (رويترز)

في فترة ما بعد الظهيرة في أحد الأيام الأخيرة لم يكن هناك خارج «معهد شيكاغو للفنون» أي أثر للخط الملتوي عبر درجات الغرانيت في المتحف وعلى طول «شارع ميتشغان»، حيث يفترض أن ينتظر الزوار دخول الصالة الكبرى التي تعرض لوحة «نايت هوكس» للرسام الأميركي إدوارد هوبر، ولوحة «أميركا القوطية» للفنان غرانت وودز. ففي كثير من الأحيان يتوقف أحد المارة على الرصيف المهجور لالتقاط صورة سيلفي مع أحد الأسود البرونزية التي تحرس المتحف، لكن لم يكن هناك سبب للذهاب أبعد من ذلك، ببساطة لأن الأبواب كانت مغلقة.
في نيويورك، ظهرت صورة مختلفة بشكل لافت للنظر في شارع «فيفث أفينيو» خارج «متحف متروبوليتان للفنون». كان أحد الأبواب الأمامية مفتوحاً للترحيب بالزوار وجلس المراهقون في مجموعات يتبادلون أطراف الحديث على الدرجات الأمامية. وتوقف الأزواج والعائلات مؤقتاً لفحص درجة الحرارة قبل دخول الردهة الصاخبة.
تعكس المشاهد المتناقضة المناهج المتباينة التي طبقتها المدن والدول والمؤسسات الفردية تجاه زيارة المتاحف في هذه المرحلة من الوباء، حيث جرى السماح للمتاحف في نيويورك، التي ظهرت بها حالات إيجابية أعلى من شيكاغو، بالعمل دون انقطاع وبسعة منخفضة منذ إعادة افتتاحها في أغسطس (آب). وتم إجبار متاحف شيكاغو على الإغلاق طيلة شهرين بدءاً من منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، ولم يتم إعطاء الضوء الأخضر إلا مؤخراً. في باريس، اللوفر مغلق، لكنه في مدريد متحف برادو مفتوح.
في الأسابيع الأخيرة، يميل الاتجاه السائد في الولايات المتحدة إلى إعادة فتح الأبواب، حيث سمح مسؤولو الولاية والمسؤولون المحليون للمتاحف في بوسطن، وشيكاغو، ومينيابوليس، وفيلادلفيا، وسياتل وغيرها بإعادة فتح أبوابها مرة أخرى لأعداد محدودة من الزوار بعد الإبلاغ عن حالات «كوفيد».
يعتزم معهد شيكاغو للفنون إعادة فتح أبوابه في 11 فبراير (شباط) الحالي ويستعد المسؤولون لإزالة الأوراق التي تغطى اللوحات واستدعاء الموظفين من إجازتهم للعودة إلى العمل وإضاءة الأنوار التي انطفأت للحفاظ على الأعمال الفنية.
تعكس المقاربات غير المتسقة لسياسة المتاحف مجموعات القواعد المربكة التي تبدو متناقضة في بعض الأحيان والتي تحكم أماكن التجمعات العامة، حيث يكافح المسؤولون لاحتواء فيروس كورونا.
لماذا يمكنك تصوير برنامج تلفزيوني في لوس أنجليس ولا يمكنك تناول الطعام في صالة مطعم في نفس المدينة؟ لماذا يُسمح بفتح صالات رياضية في مدينة نيويورك، ولا يسمح بفتح المدارس المتوسطة أو الثانوية؟ خالج هذا السؤال المربك ذهن مديري المتاحف مثل تيموثي روب، مدير متحف فيلادلفيا للفنون، الذي أعاد فتح أبوابه في يناير (كانون الثاني) بعد أن أغلقته بلدية المدينة في منتصف نوفمبر، حيث كان السؤال الحتمي في كثير من الأحيان: «لماذا هنا وليس هناك؟».
قالت لورا لوت، مديرة اتحاد المتاحف الأميركية: «لقد كان صنع القرار غير منظم. فهناك أكثر من 50 مجموعة من القواعد المختلفة وآلاف المتاحف تتخذ قرارات مختلفة».
لم يكن التنقل في الوباء وتغيير استجابات الحكومات أمرًا سهلاً بالنسبة للمتاحف، حيث أنفق البعض عشرات الآلاف من الدولارات في محاولة للتأكد من أنه يمكنهم إعادة فتح أبوابهم بأمان في الخريف للجمهور المتعطش للفن، ثم أُمروا بإغلاقه مرة أخرى بعد عدة أسابيع مع تفشي المرض.
وبنفس المعنى، قال ماثيو تيتلباوم، مدير متحف الفنون الجميلة في بوسطن، الذي أغلقته المدينة في ديسمبر (كانون الأول) ومن المقرر أن يُعاد افتتاحه الأربعاء: «كنا من بين الأماكن العامة الأكثر أماناً في بوسطن. لكن لدينا عدد متزايد من الحالات ولم يستطع مسؤولونا المنتخبين العمل للسيطرة عليه».
نجحت نيويورك التي كانت في يوم من الأيام مركز الوباء في ترويض الفيروس في أواخر الربيع والصيف، وسمحت الولاية بإعادة افتتاح متاحف المدينة في أواخر أغسطس. استمرت الأعداد في التناقص بوتيرة جيدة في الخريف في الوقت الذي طالبت فيه ولايات أخرى متاحفها بإغلاق أبوابها مرة أخرى.
لذلك، لا تزال العديد من متاحف المدينة مفتوحة، وقد واصل متحف « «Metالعمل، بما في ذلك معرضه الحالي بعنوان «الوقت: الموضة والزمن». يقام المعرض في مساحة ضيقة إلى حد ما، ولذلك لا تسمح إدارة المعرض سوى بتقديم 80 تذكرة فقط في الساعة وتحديد عدد الأشخاص المسموح لهم بالدخول في كل مرة. ولذلك قرر المتحف عدم القيام بحملة إعلانية للمعرض لأنه ببساطة لا يريد جذب المزيد من الزوار.
أظهرت زيارة حديثة للمعرض أنه حتى في ظل الاحتياطات كانت هناك لحظات عرضية من الازدحام غير المرغوب فيه والتي كانت تحدث إذا قرر أحد الزائرين قضاء بضع دقائق إضافية للتأمل والإعجاب مثلاً بفستان سهرة من إنتاج «شانيل» يعود لعشرينيات القرن الماضي، وهو ما جعل الناس في طابور الزوار يقتربون من بعضهم بعضاً أكثر مما تسمح به قواعد المتحف.
ورغم ذلك، أكد الرئيس التنفيذي لمتحف ««Met، دانيال فايس، أنه واثق من أنها تجربة آمنة، خاصة في ظل القيود الصارمة المفروضة على الزوار. وقال إن المتحف أنفق كثيراً على تحسين جودة تدفق الهواء وتنقيته وأنه يتشاور مع علماء الأوبئة غير الموجودين في الموقع ولكنهم يقدمون المشورة عن بعد.
اختتم فايس قائلاً: «إذا لم نشعر أن المكان سيكون آمناً لم نكن لنفتح الأبواب من البداية. نحن لم نفتح لجني المال، نحن نخسر المال نظير ذلك».
* خدمة «نيويورك تايمز»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».