يستعد مجلس الشيوخ للبدء بمحاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مطلع الأسبوع المقبل، ويتخوف الجمهوريون من تركيز فريق ترمب الدفاعي الجديد على مزاعم الغش في الانتخابات خلال سير المحاكمة، محذرين من تأثير هذه الادعاءات التي دحضتها المحاكم على سير الجلسات ونتيجة التصويت.
ففي وقت بدا أن نتيجة المحاكمة شبه محسومة لصالح ترمب بسبب رفض الجمهوريين لها على أساس عدم دستوريتها، تقدم فريق الدفاع عن الرئيس السابق بحججه المكتوبة إلى مجلس الشيوخ. وضمن هذه الحجج، التي اعتمدت بشكل كبير على التشكيك بدستورية المحاكمة، أضاف محاميا ترمب بروس كانتور وديفيد شون بنوداً تتحدث عن الغش في الانتخابات. وقال نص الحجج المكتوبة إن ترمب «استعمل حقه ضمن التعديل الأول من الدستور للتعبير عن اقتناعه بأن نتائج الانتخابات كانت غير دقيقة». وتابع النص: «ليست هناك من أدلة كافية تثبت أن تصريحات الرئيس الـ45 كانت خاطئة، وهو ينفي أنها كانت خاطئة». وأضاف المحاميان أن الرئيس الأميركي السابق «ينفي أنه من الخطأ القول إنه فاز في الانتخابات بشكل ساحق».
ودقّ حلفاء ترمب في «الكونغرس» ناقوس الخطر في ظل هذه التصريحات، إذ اعتبروا أنها ستكون مضيعة للوقت وستشتّت الانتباه عن استراتيجيتهم التي وضعوها بعناية والقاضية بتبرئة الرئيس السابق على أساس أنه لم يعد موجوداً في منصبه. وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن فريق ترمب الدفاعي: «إذا بدأوا بمحاولة التشكيك بنتائج جورجيا وبنسلفانيا وويسكونسن، فحينها سنخسر كل الداعمين».
ومع اقتراب موعد المحاكمة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان فريق الادعاء سيستدعي شهوداً للإدلاء بإفادتهم خلال الإجراءات الرسمية، وقد حذّرهم غراهام من أن استدعاء أي شاهد من قِبَلهم سيدفع الجمهوريين نحو استدعاء شهود من جانبهم، مضيفاً: «أقول لزملائي الديمقراطيين، إذا صوتوا لاستدعاء شاهد... استعدّوا لمحاكمة طويلة...».
زيارة بايدن
وفي ظل هذه الأجواء، يخيّم شبح اقتحام «الكابيتول» على الاستعدادات المحيطة بالمحاكمة، إذ استقبلت «الروتاندا» في وسط المبنى رفات الشرطي براين سيكنيك الذي قضى خلال الاقتحام. وقد وافقت القيادات في «الكونغرس» على إجراءات تكريم نادرة لسيكنيك الذي ستقبع رفاته هناك، كي يزورها المشرعون وأصدقاؤه من عناصر الشرطة. كما زار الرئيس الأميركي جو بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن الرفات مساء يوم الثلاثاء لتكريم الشرطي الذي قضى خلال أحداث السادس من يناير (كانون الثاني).
تخبط جمهوري
يأتي هذا فيما لا يزال الجمهوريون يتخبطون في صراعات داخلية بسبب وجود نواب داعمين لمجموعة «كيو أنون» المروجة لنظريات المؤامرة في مجلس النواب. وفيما تتزايد الضغوط على زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفين مكارثي لإقصاء النائبة الجمهورية مارجوري غرين بسبب تصريحاتها المثيرة للجدل، حذّر جمهوريو الشيوخ من تأثير تصريحات من هذا النوع على الحزب الجمهوري. وقال السيناتور جون ثون، وهو من القيادات الجمهورية في الشيوخ، إن «الجمهوريين في مجلس النواب يواجهون خياراً بسيطاً: هل يريدون أن يكونوا الحزب الداعم لأسس تحديد سلطة الحكومة، والأسواق الحرة والسلام عبر القوة (...)، أم يريدون أن يكونوا حزب نظريات المؤامرة و(كيو أنون)؟»
سؤال بسيط لكنه يحمل في طياته معاني كبيرة، أبرزها أن الحزب الجمهوري يعاني اليوم من أزمة تحديد هويته. وقد تحدث السيناتور الجمهوري ميت رومني عن هذه الأزمة قائلاً: «نحن حزب نوفر مظلة كبيرة للكثيرين، لكن هذه المظلة لا تتسع للمحافظين والمجانين معاً».
وفيما تفادى بعض الجمهوريين الحديث عن غرين بالاسم، انتقدها البعض الآخر بشكل مباشر، كالسيناتور تود يونغ الذي وصفها بـ«المجنونة»، وبأنها «إحراج للحزب الجمهوري».
ورغم هذه الانتقادات والتحذيرات، فإن تردّد مكارثي في معاقبة غرين يدل على خشيته من نفوذها على قاعدة ترمب الشعبية. فقد أشارت النائبة عن ولاية جورجيا إلى أنها تمكنت من جمع 85 ألف دولار من التبرعات في غضون 24 ساعة بعد انتقادات الجمهوريين التقليديين لها. كما أنها أكدت على دعم ترمب الكامل لها.
وكان مكارثي اتخذ موقفاً مختلفاً عن مقاربة زعيم الجمهوريين في الشيوخ ميتش ماكونيل، عندما قرر لقاء ترمب في فلوريدا بعد مغادرته للبيت الأبيض وطلب منه المساعدة لانتزاع الأغلبية من الديمقراطيين في مجلس النواب في الانتخابات التشريعية المقبلة.
التعيينات الرئاسية
وعلى الرغم هذه الأجواء المشحونة، اكتمل فريق بايدن للأمن القومي مع مصادقة مجلس الشيوخ على وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس الذي تمكن من تخطي المعارضة الجمهورية له. وقد صادق مجلس الشيوخ حتى الساعة على 6 مرشحين من أصل 23 من التعيينات الوزارية لبايدن، في وقت يسعى فيه الديمقراطيون للبت في أكثرية التعيينات قبل بدء محاكمة ترمب الأسبوع المقبل، وانشغال المشرعين بها.
وسيؤدي توصل زعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل، والأغلبية تشاك شومر، إلى اتفاق لتحديد أطر المشاركة بين الحزبين في الشيوخ إلى تسلم الديمقراطيين رسمياً لرئاسة اللجان في مجلس الشيوخ، ما يعني أنهم سيتمكنون من الإسراع في عقد جلسات مصادقة على تعيينات بايدن.
لكن الجمهوريين سعوا لعرقلة بعض هذه التعيينات، ونجحوا بتأخير التصويت على مرشحة بايدن لمنصب مندوبة الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد. فقد عمد السيناتور الجمهوري تيد كروز إلى تأجيل جلسة التصويت على المصادقة في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بسبب اعتراضه على مواقفها السابقة «المتوددة للصين».
ورغم أن اعتراض الجمهوريين لوحده لن يكون كافياً لإسقاط اسم غرينفيلد، فإنه قد يؤدي إلى تأخير التصويت النهائي عليها في مجلس الشيوخ.