اتهام حقوقي لتركيا بنقل سوريين و«محاكمتهم تعسفياً»

مستشارا إردوغان وبايدن بحثا الملف السوري والوضع في إدلب

TT

اتهام حقوقي لتركيا بنقل سوريين و«محاكمتهم تعسفياً»

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، تركيا والفصائل السورية المسلحة الموالية باعتقال عشرات المواطنين من شمال شرقي سوريا ونقلهم بـ«طريقة غير شرعية إلى أراضيها ومحاكمتهم تعسفياً بموجب القانون التركي بتهم قد تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة»، في وقت ناقش فيه المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، في اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي الجديد جايك سوليفان، الملف السوري والأوضاع الإنسانية في إدلب.
وكشفت «رايتس ووتش»، في تقرير نشرته على موقعها أمس (الأربعاء)، عن وثائق اطلعت عليها، من بينها سجلات النقل والاستجواب ولوائح الاتهام وتقارير طبية، تفيد بأن السلطات التركية ومجموعة مسلحة تابعة لـ«الجيش الوطني السوري» وهو ائتلاف فصائل موالية لها، اعتقلت 63 سورياً من العرب والأكراد بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) 2019، في رأس العين في شمال شرقي سوريا.
ونفذت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» عملية عسكرية باسم «نبع السلام» استهدفت مواقع تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا، أسفرت عن سيطرة القوات التركية والفصائل على منطقة حدودية بطول نحو 120 كيلومتراً بين مدينتي تل أبيض (شمال الرقة) ورأس العين (شمال الحسكة)، وتوقفت العملية في 19 أكتوبر 2019 بعد أيام من انطلاقها بتدخل أميركي روسي.
وقالت المنظمة إنه «تم نقل الرجال السوريين، وهم عرب وأكراد، إلى مرافق الاحتجاز في تركيا، حيث وجهت إليهم سلطات الملاحقة القضائية تهماً بموجب قانون العقوبات التركي، رغم أن الجرائم المزعومة بحقهم ارتكبت في سوريا».
وبحسب تقرير المنظمة، تظهر الملفات التركية الرسمية أن التهم شملت «تقويض وحدة الدولة وسلامتها الإقليمية، والانتساب إلى منظمة إرهابية والقتل». وتستند أساساً إلى ادعاءات غير مثبتة بأن المحتجزين يرتبطون بعلاقات مع وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأبرز في سوريا، وأكبر مكونات «قسد»، وتعتبر أنقرة الحزب والوحدات الكردية «منظمة إرهابية» وتعدهما امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور في سوريا.
وذكر نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «رايتس ووتش»، مايكل بيج، في التقرير، أنه «يُفترض على السلطات التركية، باعتبارها سلطة احتلال، أن تحترم حقوق الشعب بموجب قانون الاحتلال في شمال شرقي سوريا، بما في ذلك حظر الاحتجاز التعسفي ونقل الناس إلى أراضيها»، واتهمها بـ«انتهاك التزاماتها» عبر اعتقالهم واقتيادهم إلى أراضيها لمواجهة «تهم مشكوك فيها».
وبحسب التقرير، تدعي لوائح الاتهام أن المعتقلين محاربون في صفوف الوحدات الكردية، لكن المنظمة قالت إن الوثائق لم تبين، في معظم الحالات، إثباتات لدعم هذه المزاعم. ونقلت عن أفراد عائلاتهم أن بعضهم شغلوا «مناصب إدارية» في حزب الاتحاد الديمقراطي، لكنهم «لم يحاربوا في صفوف وحدات حماية الشعب ولم يحملوا السلاح».
وتذكر لوائح الاتهام موقع الجريمة في محافظة شانلي أورفا التركية، إلا أن «السجلات، بما فيها تصريحات محتجزين أمام المدعي العام، تظهر أنهم اعتقلوا في سوريا ثم نقلوا إلى تركيا»، بحسب التقرير.
وتخضع المناطق التي سيطرت عليها تركيا في شمال شرقي سوريا للإشراف الإداري من جانب ولاية شانلي أورفا الحدودية. وذكر التقرير أن محكمة الجنايات العليا في شانلي أورفا، قضت في أكتوبر 2020 على 5 من الموقوفين بالسجن المؤبد، ونقل عن والد أحدهم قوله: «حُكم على ابني بالسجن لمدة 36 سنة... كان حكم القاضي حكماً أسود».
ولفتت المنظمة إلى تقارير أخرى ترجح أن يصل عدد من نقلوا إلى تركيا إلى 200 سوري. وشددت على أن القانون الدولي يحظر الاحتجاز التعسفي ويستوجب من السلطات تسجيل كل الاعتقالات بطريقة صحيحة، وتقديم معلومات عن وضع أي شخص محتجز ومكان وجوده لمن يطلبها، وأن «يسمح للمحتجزين بالاتصال بعائلاتهم».
وأكد بيج: «لم يُنقل هؤلاء السوريون فقط بشكل غير قانوني إلى تركيا للخضوع لمقاضاة تعسفية، إنما أيضاً فرضت عليهم المحاكم أعلى عقوبة ممكنة في تركيا، وهي السجن المؤبد من دون إفراج مشروط، في خطوة فائقة القسوة».في سياق متصل، بحث المتحدث كالين، في اتصال هاتفي مع سوليفان ليل الثلاثاء – الأربعاء، الملفين السوري والليبي، والأوضاع الإنسانية في إدلب.
وذكر بيان للرئاسة التركية أن الجانبين اتفقا بشأن «ضرورة تعزيز مساري الحل السياسي في سوريا وليبيا». وشدد كالين على «وجود حاجة لكفاح فاعل ومشترك ضد جميع التنظيمات الإرهابية». وتطرق الجانبان إلى الأوضاع في إدلب، وأكدا الحاجة إلى «اتخاذ تدابير ملموسة للحيلولة دون حدوث موجة نزوح جديدة من شأنها مفاقمة الأزمة الإنسانية في المنطقة».
على صعيد آخر، انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من دوار البريد في مدينة رأس العين، ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل بريف الحسكة، ما أدى لإصابة شخص بجروح، تبعه مباشرة انفجار عبوة ناسفة بالمنطقة ذاتها، دون معلومات عن الخسائر البشرية، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.