دراسة أميركية ترصد استفحال «إقصاء السود» في الجزائر

TT

دراسة أميركية ترصد استفحال «إقصاء السود» في الجزائر

أكد باحث أميركي من جامعة جورج تاون، في دراسة حول «تهميش وإقصاء السود في الجزائر»، أن هذه الفئة من السكان التي تتمركز في جنوبها «يجدون أنفسهم في موقف مربك خلال الحراك السلمي، الذي ينشد الديمقراطية»، بحجة أنهم مغيبون عن النقاشات حول إرساء الديمقراطية والهوية الوطنية والانتماء في الجزائر، رغم أن المظاهرات المليونية التي قامت ضد النظام قبل عامين، كان من بين أهدافها القضاء على كل أشكال التمييز.
وقال الباحث ستيفن.ج. كينغ، في دراسته «التهميش والإقصاء ورهاب السود في الجزائر»، التي نشرتها المؤسسة البحثية «مبادرة الإصلاح العربي»، بموقعها الإلكتروني أول من أمس: «يبدو السود، الذين يتركزون إلى حدٍ ما في المناطق الصحراوية جنوب البلاد، غير مرئيين فعلياً بالنسبة لباقي المواطنين الجزائريين، الذين يعتبرون أنفسهم عرباً بيضاً وأمازيغ، وتتركز الغالبية الساحقة منهم في الشمال على طول ساحل البحر المتوسط. ومع ذلك، تعرض الجزائريون السود، وهم السكان الأصليون للصحراء الجزائرية ومئات الآلاف غيرهم إلى ممارسات الاستعباد على مدى 13 قرناً، وأُجبروا على قطع الصحراء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى الجزائر».
ويتعمّق الكاتب في بحثه عندما يعود إلى بدايات الاستقلال في ستينيات القرن الماضي، فيقول إن النخب الحاكمة، «فضّلت في هذه الفترة قمع قضايا الهوية، ورأت في التنوع مصدراً للانقسام، وتهديداً لاحتفاظها بالسلطة»، مبرزاً أن حراك 22 فبراير (شباط) 2019 «طعن في الخطاب الرسمي، ودعا إلى تغيير النظام القائم، لكن قضايا الجزائريين السود والعنصرية المناهضة للسود لا تزال غائبة عن النقاشات العامة».
وبحسب الدراسة، «يمكن اعتبار السود بجنوب الجزائر قبل حتى تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى، التي دامت 13 قرناً، جزءاً من سكان الجزائر الأصليين، تماماً كالأمازيغ، لكن عقب توجه إقليمي يهدف إلى إخماد قضايا التنوع الديموغرافي، لم تجرِ الحكومة الجزائرية قط تعداداً سكانياً لتحديد العدد الإجمالي للمواطنين الجزائريين السود في البلاد، إذ لا تزال تتركز غالبيتهم في الصحراء الجزائرية، علماً بأن 91 في المائة من السكان الجزائريين يعيشون على طول ساحل البحر المتوسط، الذي يشكل 12 في المائة من مساحة اليابسة في البلاد»، مشيرة إلى أن كثيراً من الجزائريين ذوي البشرة البيضاء، يجهلون أن ثمة مواطنين جزائريين سود البشرة يعيشون معهم على نفس الأرض.
وأكد ستيفن كينغ أن المجتمع الجزائري «لا يزال يعتبر نفسه مجتمعاً عانى من العنصرية الاستعمارية الخارجية أكثر من كونه مجتمعاً قادراً على استعباد أقلية من سكانه، وإخضاعها للممارسات العنصرية؛ الأمر الذي يتجلى في معاملة الجزائريين السود كما لو كانوا جزائريين غرباء، أو مواطنين أشباحاً»، مشيراً إلى أنه «عندما يكون الجزائريون السود على مرأى من المواطنين البيض، يمكن للكلمات والنظرات أن تفصلهم عن باقي المجتمع، وتحاول إذلالهم».
وتضمنت الدراسة أوصافاً قدحية تطلق على أصحاب البشرة السوداء، فتكون عادة حسب اللون، فنجد كلمة «الأكْحَل» (الأسود) وقد حُرفت إلى «كَحْلُوش» (الشخص ذي البشرة السوداء)، و«مير أوبا» (أسود بلون الفحم)، و«قربة كَحْلة» (وعاء أسود لحفظ الماء مصنوع من جلد الماعز)، و«بطاطا سودا» (الشخص ذي الأنف الأسود الكبير الذي يشبه البطاطا)، و«حبة زيتون» (في إشارة إلى لون الزيتون الأسود)، و«باباي» (الزنجي)، و«أكلي» (العبد الأسود في بعض مناطق الأمازيغ)، و«روجي» (وهو الشخص الأَصْهَب أو يوصف بأنه سويدي في إشارة إلى أن هذا الشخص الأسود يشبه ذوي البشرة البيضاء من الناحية الثقافية والاجتماعية، مثلما يجب على الجميع أن يكونوا)، و«ساليغاني» (أي أنه من السنغال).



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً