تونس: نذر معركة وشيكة بين نقابة العمال وحكومة المشيشي

«الدستوري الحر» يحتج داخل البرلمان بشعارات مناوئة للغنوشي

المشيشي يترأس جلسة البرلمان التونسي (أ.ب)
المشيشي يترأس جلسة البرلمان التونسي (أ.ب)
TT

تونس: نذر معركة وشيكة بين نقابة العمال وحكومة المشيشي

المشيشي يترأس جلسة البرلمان التونسي (أ.ب)
المشيشي يترأس جلسة البرلمان التونسي (أ.ب)

هاجم نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال)، أمس، رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي قائلاً إن هناك «عصابة تحيط بالرئيس». ونفى الطبوبي أثناء إشرافه أمس على أشغال الهيئة الإدارية الوطنية (أعلى سلطة قرار في الاتحاد) دعم النقابة لأي مشروع سياسي للحكومة، وأكد أن «الاتحاد» لا يدعم مشروع «الشعب يريد»، وهو مشروع الرئيس قيس سعيد، أو أي مشروع آخر، «بل يقف وراء الرؤية الوطنية التي تقود إلى مصلحة تونس»، على حد تعبيره. مشيراً في هذا السياق إلى وجود «عصابة تُحيط برئيس الحكومة الحالي والرؤساء السابقين، وذلك في إطار المحاصصات الحزبية، وتدفع نحو المعارك التي لا طائل من ورائها، على حد قوله. لكن الطبوبي قلّل من أهمية هذه العصابة، بقوله إنها «عاجزة عن استهداف اتحاد الشغل»، مؤكداً أن القيادات النقابية «غير مسؤولة عن التناحر السياسي والأزمات، وعن حالة المراهقة السياسية التي تهيمن على المشهد السياسي الحالي»، وهو ما ينذر حسب مراقبين، بقرب معركة وشيكة بين نقابة العمال وحكومة المشيشي.
وناقشت الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل، أمس، الأزمة السياسية تحت قبة البرلمان، والتحركات الاحتجاجية الأخيرة. إضافة إلى التجاذبات القائمة بين مؤسسات السلطة التنفيذية في البلاد، وما ترتب عنها من تعطيل على مستوى مؤسسات الدولة بعد التعديل الوزاري الأخير، الذي رفض من قبل الرئيس سعيّد، وتسبب في خلق حالة من الإرباك السياسي والقانوني.
وهيمنت تصريحات علي الكعلي، وزير المالية والاقتصاد، بشأن الإصلاحات التي تعتزم الحكومة إطلاقها لإنقاذ الاقتصاد، على جلسة أمس، والتي تتضمن تفويت حصصها في بعض المؤسسات العمومية والبنوك. بالإضافة إلى إعادة النظر في كتلة الأجور ومنظومة الدعم.
وكان رئيس الحكومة قد أكد بدوره على ضرورة الإسراع بالإصلاحات الاقتصادية، نافياً وجود خطوط حمراء، ودعا إلى إحداث وكالة تتولى الإشراف على هذه المؤسسات، ومراجعة حوكمتها وإحكام إدارتها، وصيغ المصادقة على أعمال التصرف فيها، مع تعزيز متابعة مؤشراتها وتوجيه التدخلات لفائدتها، بحيث تستعيد هذه المؤسسات دورها الاستراتيجي في دعم جهود الدولة والاقتصاد الوطني، وهو ما تعارضه القيادات النقابية، التي تعتبر الخطوة تمهيداً لتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي.
وبشأن مصير التعديل الوزاري والنزاع القانوني حول أداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية أمام الرئيس سعيد لمباشرة مهامهم، نفى عماد الغابري، المتحدث باسم المحكمة الإدارية التي تفصل في ملفات خرق القانون وتجاوز السلطة، ما راج من أخبار حول «إبطال التعديل الوزاري» بحكم من المحكمة الإدارية، رغم مصادقة البرلمان على تعيين الوزراء المقترحين. كما نفى وجود قضية تتعلق بالطعن في التعديل الوزاري، مضيفاً أن كل ما يتم تداوله في هذا الخصوص «لا أساس له من الصحة ومجرد إشاعات».
من جهة ثانية، عطل الحزب الدستوري الحر المعارض، أمس، أشغال جلسة البرلمان، بعد أن عمد أعضاؤه إلى استعمال مكبر للصوت، مما أدى إلى حالة من التوتر والفوضى تحت قبة البرلمان. ورددت عبير موسي، رئيسة الحزب، عدة شعارات مناوئة لراشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان، من بينها «حكومة العرش لا تلزمنا»؛ في إشارة إلى الحكومة التي تدعمها النهضة، والتي تصفها موسي بـ«حكومة الفشل»، وتتهم الغنوشي بمحاولة استنساخ تجربة الحكم في تركيا.
وصرخت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، رفقة نواب الكتلة ذاتها (17 نائباً)، في وجه فيصل دربال، مقرر لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالبرلمان أثناء تقديمه تقرير اللجنة حول مشروع قانون معروض على أنظار الجلسة، واحتجت على وزير الاقتصاد والمالية. كما قاطعت موسي أداء اليمين للنائب التومي الحمروني، الذي عوض النائبة المتوفاة محرزية العبيدي، القيادية في حركة النهضة.
ووصفت الشواشي، النائبة الأولى لرئيس البرلمان، ما أقدمت عليه موسي بـ«بالأعمال غير المسؤولة»، خاصة بعد أن استهلت الشواشي جلسة أمس بالترحم على وفاة والد النائب محمد العفاس من ائتلاف الكرامة، ووالدة النائبة كنزة عجالة، ودعت النواب إلى تلاوة الفاتحة على أرواح المتوفين. لكن موسي واصلت صراخها عبر مكبر الصوت أثناء تلاوة الفاتحة.
وتدعو موسي، التي حاولت الصيف الماضي سحب الثقة من الغنوشي بحجة وجود علاقات مشبوهة مع أطراف إقليمية خارجية، إلى سحب الثقة من الغنوشي وسميرة الشواشي، التي تتهمها بمضايقة الأحزاب المعارضة تحت قبة البرلمان، كما طالبت بتمرير عريضة لسحب الثقة من رئيس الحكومة نتيجة احتدام الاحتجاجات الاجتماعية في الأحياء الفقيرة، واتهام الحكومة باعتماد الحلول الأمنية لمحاصرة المطالب الاجتماعية المشروعة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.