موجة جديدة من الهجمات بالقنابل تطال باعة الكحول في بغداد

TT

موجة جديدة من الهجمات بالقنابل تطال باعة الكحول في بغداد

قال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا، أمس، إن الوزير عثمان الغانمي، أمر بـ«اتخاذ إجراءات رادعة لكل من يحاول التعرض لمحال المشروبات الكحولية». يأتي الأمر الجديد وسط انتقادات شديدة تتعرض لها الداخلية بعد تواصل هجمات واعتداءات الميليشيات المسلحة في بغداد على محال بيع المشروبات الكحولية.
وذكر متحدث الداخلية في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن «الوزير الغانمي عقد اجتماعاً مع قيادة عمليات بغداد للوقوف على الهجمات المتكررة لمحال بيع المشروبات الكحولية في بغداد». وأضاف أن الوزير شدد خلال الاجتماع على ضرورة القيام بـ«إجراء رادع وعمليات تعرضية لكل شخص يحاول التعرض بأي عمل إرهابي يطال هذه المحال بعد أن كان العمل مقتصراً على وجود دوريات للداخلية في هذه الأماكن».
ورغم التحذيرات الحكومية بملاحقة الجناة، تستمر الميليشيات المسلحة بممارسة أعمالها المعتادة في مهاجمة المحال، من دون أن تتمكن أجهزة الشرطة والأمن من إيقافهم أو إلقاء القبض على المنفذين. وتتردد في بغداد أنباء عن قيام الأجهزة الأمنية على اختلاف أنواعها بـ«تحاشي» تلك الجماعات وعدم الاحتكاك بها، نظراً للقوة والنفوذ الذي تمتع به واستناداها إلى جهات سياسية وميليشياوية نافذة.
وفي أحدث موجة لاستهداف محال بيع المشروبات الكحولية، واستمراراً لما يحدث في مركز العاصمة بغداد وأطرافها منذ أشهر، شنت الجماعات المسلحة، أمس، سلسلة من الهجمات طالت محالاً في منطقة بسماية جنوب العاصمة، إلى جانبين هجومين ضد محل في منطقة اليرموك بجانب الكرخ من بغداد، وآخر في شارع النضال بجانب الرصافة. وأحدثت الهجمات خسائر مادية جسيمة من دون خسائر بالأرواح. وقد توعدت جماعة تطلق على نفسها «أهل المعروف» بمزيد من الهجمات، وحذرت القوات الأمنية من الوجود بالقرب منها.
ويدور، منذ أشهر، جدل كبير حول أهداف تلك الجماعات، وهي في الغالب تنتمي إلى فصائل شيعية متشددة، وما إذا كانت تسعى للسير في البلاد إلى «حكم ديني متشدد» على غرار ما فعله تنظيم «داعش» في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار التي سيطر عليها عام 2014، قبل أن تتمكن القوات العراقية من الانتصار عليه وطرده من تلك المحافظات بعد نحو ثلاث سنوات.
ومثل غالبية القضايا الشائكة في بلاد محكومة بالفوضى وضعف النظام والقانون، يعاني العاملون في تجارة المشروبات الكحولية، وجلهم من الأقليات المسيحية والإيزيدية، من التعسف والخلل في تطبيق القوانين، إذ إن السلطات العراقية تمتنع منذ سنوات عن منح إجازات ممارسة المهنة، ويضطر كثيرون إلى العمل في السوق السوداء وخارج اللوائح القانونية، ما يؤدي إلى عمليات ابتزاز واسعة ضدهم، سواء من قبل ضباط أمن فاسدين أو من جماعات ميليشياوية نافذة، وبالتالي يحرمهم من حماية الدولة والقانون. ويقول البائع زيد النيساني لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعات المتشددة «تنظر إلينا بوصفنا خطراً لا يقل عن خطر (داعش) وغيرها من العصابات الإرهابية». والحال، والكلام للنيساني، «أننا مجرد أناس يبحثون عن مصدر لمعيشة شديدة الصعوبة في بلاد مثل العراق». ويستغرب النيساني الذي ينتمي إلى الأقلية الإيزيدية ويقيم في ناحية بعشيقة في محافظة نينوى، إلا أنه يضطر إلى العمل في بغداد لتراجع فرص العمل هناك، من «العجز الواضح» الذي تبديه السلطات الأمنية في التصدي للميليشيات.
بدوره، يرى النائب المسيحي السابق جوزيف صليوه، أن الهجمات «تقف وراءها أهداف عديدة، ضمنها إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، خدمة لأهداف وبضائع دول إقليمية ليس من بينها المشروبات الكحولية».
ويقول صليوه لـ«الشرق الأوسط»، إن بيع المشروعات الكحولية لم يعد حكراً على الأقليات.
ويضيف أن السبب الآخر في الهجمات «هي رسالة أخرى إلى شركات الاستثمار الغربية بأن العراق بيئة غير آمنة، ربما يهدفون إلى الإبقاء فقط على استثمار الشركات الإيرانية والتركية، والهجمات أيضاً ورقة ضغط ضد الأقليات لإرغامها على الهروب واستكمال مسلسل الهجرات القسرية التي طالتها منذ سنوات».
ويرى صليوه سبباً آخر هو «قيام الميليشيات النافذة بالسيطرة على تجارة الخمور التي تدر أرباحاً جيدة بعد إرغام تجارها والعاملين التقليدين فيها من أبناء الأقليات على الهروب».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.