الملوخية بين اللبناني والمصري

الورقية في بلاد الشام والمخروطة خاصة بالمصريين

الملوخية بين اللبناني والمصري
TT

الملوخية بين اللبناني والمصري

الملوخية بين اللبناني والمصري

يعتبر طبق الملوخية أحد أشهر الأطباق التي تقدم على مختلف الموائد في البلدان العربية. فكما في فلسطين ولبنان كذلك في سوريا والأردن ومصر، فإن طبق الملوخية يتصدر مائدة الطعام الفخمة كما الشعبية تماما. أما الفرق في كيفية تحضير هذا الطبق ما بين بلد وآخر فيكمن إما في البهارات المستخدمة فيه كالفلفل الأسود وحب الهال أو في المنكهات التي تختص فيها كل منطقة كالميستيكا أو ورق الغار. ويبقى القول إنه ومهما اختلفت طريقة تحضير هذا الطبق، فإن ذلك لا يقلل من أهميته وشهرته على المائدة العربية.
تعتبر نبتة الملوخية غنية بالبروتين والألياف، وتعتبر من أغنى الورقيات بالفيتامين «أ»، أما المادة المخاطية الموجودة في ورق الملوخية فلها تأثير لين ومهدئ للمعدة، وتشير الدراسات حول هذه النبتة بأنها تساعد على تهدئة الأعصاب وتقوية البصر وتنشيط ضربات القلب. أما اسم طبق الملوخية فيعود إلى أيام الفراعنة في مصر إذ كان يعرف بالـ«ملوكية» ويقدم للملوك فقط.
ويقول الشيف إميل بدور الذي يعمل في مجال الطبخ منذ أكثر من 40 عاما، إن «طبق الملوخية في لبنان والبلدان المحيطة به متشابه من حيث كيفية استعمال ورقه كما هو دون فرمه، أما في مصر حيث لهذا الطبق شهرته الواسعة فتحضيره يرتكز على خرطه ناعما بواسطة سكين معقوف، وخصوصية هذا السكين تكمن في الحفاظ على لون ورق الملوخية الخضراء، مما يحول دون اسوداده». وينصح الشيف إميل في عدم ترك الملوخية تغلي لوقت طويل على النار؛ إذ إن ذلك يتسبب في جعل مرقها مخاطيا، كما أنه يزيد من اسودادها. ولذلك تضيف بعض المطابخ على المرق البندورة أو حامض الليمون حتى تلغي هذه الفرضية فيما لو زاد غليانها على النار عن الدقائق العشر.
أما من جهة الطعم، فإن المصريين يضيفون إلى الصلصة حبة بندورة أو ملعقة كبيرة من معجونها، فيما يضع أهل الشام في مرقتها ورق الغار وحب الهال أو برش الزنجبيل، ويكتفي اللبنانيون بنكهة الكزبرة الخضراء واليابسة المقلية مع الثوم المدقوق لتشكل أهم مكوناتها.
وللوقوف على خصوصية هذا الطبق في كل بلد من البلدان التي ذكرناها، نقدم لك سيدتي طريقة تحضيره حسب مطبخ كل منها ونبدأ بالمطبخ اللبناني.

* طبق الملوخية على الطريقة اللبنانية
* المقادير:
2* كيلو ملوخية مع العروق (ما يساوي نصف كيلو من ورقها)، و400 غرام من اللحم
ودجاجة صغيرة وبصلة مقشرة وباقة كزبراء خضراء، وربع كوب من الكزبراء اليابسة،
3 رؤوس من الثوم، نصف ملعقة صغيرة من الفلفل الأسود، ملعقة طعام من الملح ونصف كوب من الزبدة أو السمنة أو الزيت، 7 أكواب من الماء.
طريقة التحضير:
تورق الملوخية وتغسل أوراقها مرات كثيرة حتى تتخلص من الرمل. ثم يتم نثرها فوق قطعة قماش ناشفة لتجف. في هذه الأثناء تقطع الدجاجة بعد أن يتم تنظيفها واللحم. بعدها يوضع اللحم والدجاج في وعاء يضاف إليه الماء والبصلة المقشرة. عند الغليان تزال الزفرة عن سطح المرق، وبعدها يضاف الملح، ويغطى القدر ليترك على نار خفيفة مدة ساعة واحدة. وفي وعاء آخر توضع كمية الزيت أو السمن وتضاف إليه أوراق الملوخية دفعة واحدة وتقلب على النار مدة 10 دقائق. ثم نصب فوقها اللحم ونتركه يغلي مع المرق على نار هادئة. تفرم الكزبرة الخضراء ناعما بعد غسلها وتقشر كمية الثوم ويتم دقه ناعما معها، ثم توضع كمية صغيرة من الزيت أو السمن في مقلاة ويقلب الخليط مع الفلفل الأسود على النار لمدة 5 دقائق، من بعدها تضاف الكزبرة إلى الملوخية وتحرك لتترك على النار مدة ربع ساعة.
تصب الملوخية في طبق كبير وتزين بقطع الدجاج وتقدم ساخنة مع الأرز المفلفل والخبز المحمص وصلصة مؤلفة من البصل المفروم والخل الأبيض توضع حسب الرغبة فوق الملوخية.

* الملوخية المصرية
* المقادير:
* نفس المقادير الخاصة بطبق الملوخية المحضر على الطريقة اللبنانية مع إضافة ملعقتي طعام من عصير الليمون وحبة بندورة مقشرة. كما يتم خرط أوراق الملوخية ناعما بواسطة السكين أو ماكينة طحن كهربائية، على ألا تزيد مدة طحنها عن الدقيقة الواحدة بحيث لا يستغرق فرمها أكثر من دورتين فيها.
طريقة التحضير:
تعتمد نفس طريقة التحضير في الطبق الأول على ألا توضع أوراق الملوخية المفرومة إلا في المرحلة الأخيرة في الوعاء، أي عند غليان اللحم والدجاج ويضاف إليها حبة البندورة المقشرة وكمية عصير الليمون ولتنكه بحبة من الميستيكا، من ثم تترك على النار لمدة 5 دقائق فقط، ثم ترفع بعدها عن النار ويتم تقديمها مع الأرز المفلفل والخبز المحمص.

* الملوخية السورية

* يتميز طبق الملوخية السوري بالمنكهات المستخدمة فيه، إلا أن طريقة تحضيره تجري بنفس المقادير المتبعة في الطبقين السابقين. ويتم وضع حب الهال (حبتان) رشة كمون و4 أوراق من الغار وقطعة صغيرة من الزنجبيل ورشة من الفلفل الأسود مع مرق اللحم والدجاج، ويترك معها أثناء الغليان.



حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)
الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)
TT

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)
الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية التقليدية بشمال شرقي سوريا، يصنعان أفضل أنواع الشعيرية بجودة تنافس الآلات المتطورة، ويحافظان على ما تبقى من الزبائن الذين اعتادوا على هذا المنتج الذي يدخل في كثير من الأطعمة.

ويمتلك عبد الناصر، ويُلقّب بـ«أبي لوران»، مصنعاً لا يزال يعتمد الطريقة اليدوية في إنتاج الشعيرية، يقع في قرية سورسورك الكائنة بريف بلدة الدرباسية شمال سوريا، ما جعله مقصداً للأهالي والعمال الراغبين بتعلّم هذه الصناعة للاطلاع على الحرفة التقليدية التراثية، وفي أثناء حديثه مع «الشرق الأوسط»، كان يقف هذا الرجل الستيني وسط مجموعة من العمال والأهالي، حاملاً في جعبته خبرة تزيد على 30 عاماً في صناعة هذه المادة، إذ يُعدّ من بين أقدم الحرفيين السوريين وأمهرهم في مجاله.

تُعلّق الشعيرية وتُنشّف في الهواء الطلق (الشرق الأوسط)

وأشار، في بداية حديثه، إلى أن هذه المهنة هي مصدر دخله الوحيد وإرث آبائه وأجداده، الذي يأبى التنازل عنه تحت ضغوط الركود الاقتصادي أو الاندثار، وقال إن موسم صناعة الشعيرية مرتبط بسلق وطبخ البرغل يدوياً في هذه الأيام، «تتكوّن الشعيرية من الدقيق الناعم المصنّع من القمح القاسي، ونمزج معه السمن أو الزيت النباتي، ونحمّصهما في الفرن حتى تصبح جاهزة للأكل، لإعطائها لونها الذهبي ومذاقها الطيب».

وصناعة الشعيرية التقليدية كانت من بين الحرف الرائجة بشمال شرقي سوريا قبل تسعينات القرن الماضي، ويُمارسها كثير من الصنّاع والحرفيين، غير أن عدد هؤلاء الحرفيين تقلّص بشكل كبير مع توفر هذه المادة صناعياً، ويُعدّون اليوم على أصابع اليد، كما أن هذه الصناعة تُعدّ موروثاً ثقافياً محلياً دون منازع، لكنها تواجه صعوبات عديدة مثل قلة الطلب على شرائها، وارتفاع سعر موادها لتمسي من الصناعات المهدّدة بالاندثار.

صناعة تعتمد على اليد وليس على الماكينات الحديثة (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الناصر قائلاً: «صناعتنا تتطلّب مجهوداً عالياً، وأسعارنا منافسة لتلك البضائع المعروضة في الأسواق، فالشعيرية ندهنها بالسمن»، وعن الأسعار أكد أن الكيلو الواحد يُباع في حدود 22 ألف ليرة (تعادل دولاراً واحداً و40 سنتاً أميركياً)، في حين تُباع مثيلاتها الجاهزة المصنّعة بـ30 ألف ليرة (دولاران أميركيان).

ولا تكاد مادة الشعيرية تُذكر عند أهالي المنطقة إلا مقرونة بسكان بلدات الدرباسية وعامودا ورأس العين أو «سري كانيه»، حسب تسميتها الكردية وريفها المترامي، الواقعة شمال غربي محافظة الحسكة، نظراً إلى الإقبال الشديد، وتدخل عنصراً رئيسياً في البرغل ذائع الصيت والأرز، وهي وجبات رئيسية تُوضع على المائدة الكردية، هنا في هذه البقعة الجغرافية السورية.

لا تزال الشعيرية تُصنّع على الطريقة التقليدية (الشرق الأوسط)

بدوره، يقول محمد نور (55 عاماً)، وهو زبون دائم، إن الشعيرية المصنّعة يدوياً تُعدّ الأفضل بالنسبة إلى عائلته وأقربائه، أما بريتان (50 عاماً)، وتعمل في هذا المصنع الصغير منذ سنوات، واكتسبت خبرة مكّنتها من الاستمرار، فتقول إن مراحل الشعيرية تبدأ بتجهيز العجين بخلط كمية من الدقيق والماء والملح والخميرة، ثم عجنها جيداً، وتقطيع العجين إلى قطع أسطوانية الشكل، ثم تنقلها إلى ماكينة يدوية لتقطيعها بشكل رقيق وتجفيفها عن طريق تعليقها على خيوط وشرائط، وتُوضع بعدها في الفرن لمدة لا تقل عن نصف ساعة.

ويؤكد خبراء سوريون أن صناعة الشعيرية من بين المهن القليلة التي تقاوم الاندثار، بسبب توفر الماكينات الحديثة وتخلي كثير من العاملين والصناعيين عن مهنهم التقليدية بحثاً عن مصادر رزق أخرى.

ورشة تصنيع الشعيرية في سوريا (الشرق الأوسط)

الشعيرية أكلة شعبية معروفة في سوريا ومصر والسودان ومعظم الدول العربية، وتحضّر بطرق مختلفة حسب كل عاصمة، فقد يُضاف إليها السكر أو اللبن أو الفول السوداني أحياناً، وأخرى تدخل في صنع الحلويات.