تحرك لبناني لضبط تهريب الأدوية «المدعومة»

بعد ظهور بعضها في أفريقيا

الصورة المتداولة للدواء المهرب (فيسبوك)
الصورة المتداولة للدواء المهرب (فيسبوك)
TT

تحرك لبناني لضبط تهريب الأدوية «المدعومة»

الصورة المتداولة للدواء المهرب (فيسبوك)
الصورة المتداولة للدواء المهرب (فيسبوك)

عاد ملف تهريب الدواء المدعوم في لبنان إلى الواجهة، بعد نشر أحد الناشطين صورة لنوع منها وصل إلى الكونغو في أفريقيا، في وقت يعاني فيه اللبنانيون من شح في عدد كبير من الأدوية وفقدان بعضها لأوقات متقطعة، ما دفع الجهات المعنية، لا سيما وزارة الصحة ولجنة الصحة النيابية إلى التحرك للتحقيق في الأمر.
رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب عاصم عراجي، أوضح، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن اللجنة وضعت يدها على الملف وستتابع موضوع تهريب الدواء عبر التواصل مع كل المعنيين في هذا الملف، بدءاً من المستورد، مروراً بالصيدليات، وصولاً إلى الأجهزة الأمنية المسؤولة عن منع التهريب.
وأشار عراجي إلى أنه لا يوجّه اتهامات إلى أحد و«لكن من غير الممكن أن يكون سبب فقدان عدد من أنواع الدواء في الأسواق فقط هو تخزين المواطنين له، إذ إن هناك ثغرة ما قد تتعلق بالتخزين بالمستودعات أو بالتهريب الذي بتنا نسمع به كل يوم».
ويُعاني لبنان أزمة شح في الدواء منذ أكثر من 8 أشهر؛ بسبب تهريبه إلى الخارج وإقبال المواطنين على تخزينه في المنازل، بعدما صرح مصرف لبنان المركزي بأنه لن يستمر في دعم المواد الأساسية، ومنها الدواء، الذي يؤمن دولار استيراده على سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة وفي السوق السوداء فوق 8 آلاف ليرة)، ما يعني وفي حال رفع الدعم ارتفاع سعر الدواء خمسة أضعاف، على أقل تقدير.
ولفت عراجي إلى أن هناك 19 ألف علبة من صنف الدواء الذي ظهر في المقطع المصور، وزعت خلال أقل من شهر على المستودعات والصيدليات اللبنانية، فلا بد من التأكد من إن كانت هذه الكميات هي ذاتها التي توزع كل شهر وإن كانت معقولة، مقارنة باستهلاك هذا الدواء المخصص لعلاج أمراض الضغط، أم أنها تم تهريبها أو تخزينها، مطالباً النيابة العامة بالتحقيق في الأمر، لا سيما في ظل النقص الحاد بالأدوية في الصيدليات وحتى المستشفيات.
وكان لبناني مقيم في كينشاسا كتب على «فيسبوك» أن الأدوية المدعومة وصلت إلى أفريقيا وأن سعرها لا يزال عليها وهو 22000 ليرة (14.5 دولار) وأنه يتم بيعها مقابل 20 دولاراً، وأرفق منشوره بصورة لهذه الأدوية.
بدورها، تحركت وزارة الصحة لمتابعة الموضوع، إذ لفت نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة إلى أن التفتيش الصيدلي في الوزارة طلب كل المعلومات والمستندات المتعلقة بالكميات المستوردة من الدواء الذي ظهر في الصورة، وبكيفية توزيعه على الصيدليات وما بيع منه، مضيفاً أنه تم تزويد الوزارة أمس (الاثنين) بكل المعلومات اللازمة.
ولفت جبارة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، إلى أنه وفور مشاهدة الصورة طلب كشفاً بالكميات التي حصلت عليها الصيدليات خلال شهر يناير (كانون الثاني) من هذا الدواء، فتبين أن أكثر صيدلية حصلت على 70 علبة وهو استهلاكها الشهري، ما يرجح أن هناك من جال على عدد من الصيدليات وجمع كميات من الدواء، بهدف تهريبها إلى أفريقيا عبر المطار لأنه لا يمكن منطقياً أن يكون عبر البر أو البحر.
ورأى جبارة أن ما يحصل يدلل على مشكلتين: الأولى تتعلق بسهولة حصول أي شخص على الدواء من الصيدلية فيسهل على البعض جمع دواء معين من عدد من الصيدليات، والأخرى تتعلق بمراقبة الأدوية التي تخرج من لبنان.
وفي حين أشار جبارة إلى أن المشكلة الأولى تحتاج إلى سنوات لحلها كونها تتطلب بطاقة صحية ومكننة المعلومات، لفت إلى أن الحل لوقف تهريب الدواء حالياً يكون عبر التشدد بشكل كبير على أي دواء يخرج من لبنان، لا سيما عبر المطار والتأكد من أنه للاستخدام الشخصي وضمن شروط الكميات التي تضعها الوزارة كسقف أعلى لهذا الاستخدام.
وكانت وزارة الصحة، ومع بداية الأزمة العام الماضي، اتخذت عدة قرارات؛ منها المنع بشكل كلي لتصدير أي دواء من لبنان ما عدا الأدوية المصنعة محلياً، وبعد اكتفاء حاجة السوق، وتحديد كميات الاستعمال الشخصي لأي مريض مسافر بشهر واحد ووضع حد أقصى للحاجة الشهرية بثلاث علب.
وفي الإطار نفسه، لم يستبعد جبارة قط أن يكون اللبنانيون المقيمون في أفريقيا والبلدان العربية يؤمنون أدويتهم من لبنان؛ لأنه بات 7 مرات أرخص من البلدان التي يقيمون فيها، فالهدف ليس دائماً تجارياً، مطمئناً أن الدواء الذي ظهر في الصورة موجود في الصيدليات وغير مفقود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».