«حجم الحكومة»... عقدة جديدة في التأليف «المعطل»

إثر مطالبة عون بأن تكون من 20 وزيراً بعدما كان الاتفاق على 18

TT

«حجم الحكومة»... عقدة جديدة في التأليف «المعطل»

عقدة إضافية بدأت تظهر في مسار تشكيل الحكومة المعطّل أصلا نتيجة الشروط والسباق على الحصص الوزارية، بعدما كان يفترض أنه تم تجاوزها، وهي تلك المرتبطة بحجم الحكومة، إذ وبعدما كان يفترض أنه تم الاتفاق بشأنه بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون ليكون من 18 وزيرا، عاد الأخير وطالب قبل أيام بحكومة من 20 وزيرا لزيادة حصة الدروز، وتمثيل طائفة الكاثوليك.
وفي حين يرى «تيار المستقبل» على لسان النائب محمد الحجار، أن هذا الأمر إثبات جديد ومحاولة إضافية لعرقلة مهمة الحريري، تقول مصادر مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية إن طرح عون يأتي لضمان منح كل طرف حقه، مع إقرارها بأن رئيس الجمهورية كان قد وافق على حكومة من 18 وزيرا «مسايرة» منه للحريري، وتأكيدها أن هذا الأمر يبقى رهن البحث بين الطرفين.
وقال الحجار لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما يقوم به الفريق الرئاسي وعلى رأسه النائب جبران باسيل، يثبت أنهم لا يريدون الحريري في الحكومة، وبدأت بداية بتأجيل موعد الاستشارات النيابية وكلام الرئيس عون قبل يوم من تكليف الحريري ومواقف مشابهة من قبل رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل لأنهم يريدون التحكم بالحكومة ويفرضون شروطهم»، مضيفاً: «كانوا يطالبون بالثلث المعطل وبوزارتي الداخلية والعدل ووزارات أخرى محددة، واليوم وبعد الاتفاق على حجم الحكومة من 18 وزيرا، عادوا ليطالبوا بتوسيعها، وهذا دليل إضافي على نية التعطيل من قبلهم، بعدما كانوا بدأوا بالتصعيد الأسبوع الماضي مع الحديث عن إمكانية عقد لقاء بين عون والحريري، وبالتالي قطعوا الطريق أمام عقده».
من هنا، يقول الحجار: «سيواجهون كل الجهود المبذولة بالتعطيل وما يثير الخوف في كل ما يحصل هو المحاولة المستميتة من قبل باسيل، الذي يملك التوقيع، لأخذ الأمور نحو الاشتباك الطائفي رغم كل الظروف التي يعاني منها لبنان اليوم».
في المقابل، تذكر المصادر المطلعة على موقف الرئاسة، أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان منذ البداية يطالب بحكومة من 20، لافتة إلى أن قبوله بـ18 وزيرا كان مسايرة للحريري. وتوضح لـ«الشرق الأوسط» «الاستمرار بالسير بحكومة من 18 وزيرا سيؤدي إلى خلل بتمثيل الطوائف وخاصة الدروز والكاثوليك، لا سيما في ضوء رغبة البعض بالتمثيل وتحديدا النائب طلال أرسلان، بينما الحريري حصر التمثيل بالحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يرأسه وليد جنبلاط». من هنا، تؤكد المصادر «أن الهدف من توسيع الحكومة للوصول إلى عدالة التمثيل هو أن يتمثل جنبلاط وأرسلان كما يتمثل الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) والأحزاب المسيحية الأساسية، إضافة إلى إعطاء الكاثوليك حصتهم أيضا، لأن وفق صيغة الحريري أعطى الدروز حقيبة سيادية على خلاف الكاثوليك، رغم أن المساواة بين الطوائف تفترض أن تكون حصة الطائفتين ذاتها، وبالتالي حكومة 20 وزيرا من شأنها أن تسد هذه الثغرة». وتشير المصادر إلى أن طرح عون مجددا هذا الأمر ليبحثه مع الحريري خلال لقائهما الذي يفترض أن يحصل لأن هذه «الأمور لا تطرح بالواسطة»، قائلة: «في النهاية لنرى من سيقتنع من الآخر».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.