المجلس الأعلى للقضاء يرفض تسييس قضية ناشط مغربي

المعطي منجب (رويترز)
المعطي منجب (رويترز)
TT

المجلس الأعلى للقضاء يرفض تسييس قضية ناشط مغربي

المعطي منجب (رويترز)
المعطي منجب (رويترز)

عبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب عن رفضه التام لكل المزاعم والمغالطات بخصوص الحكم، الصادر عن المحكمة الابتدائية في الرباط، الذي أدان الناشط المغربي المعطي منجب، والتي تريد تسييس قضية مرتبطة بالحق العام، والمس بالاحترام الواجب للقضاء.
وأكد المجلس في بيان بثته وكالة الأنباء المغربية، اليوم (الاثنين)، «حرصه الجاد على اتخاذ كل الإجراءات والتدابير القانونية، ضماناً لاستقلال السلطة القضائية وحيادها، وصونه لكرامة وهيبة قضاتها التي تبقى في المقام الأول حصناً وحقاً للمتقاضي، وضمانة أساسية للمحاكمة العادلة»، مشدداً على أن ما تم تداوله من معطيات وتعليقات بخصوص هذه القضية تعمدت وبسوء النية القفز على الحقيقة، استناداً إلى قراءة انتقائية للوقائع الثابتة، من أجل الطعن في صحة الإجراءات، وإيهام الرأي العام الوطني والدولي بعدم توافر ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم منجب، وعدم تمكينه من حقه في الدفاع خلال آخر جلسة التي انعقدت في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأضاف البيان أن واقع الملف غير ذلك تماماً، حيث إن المتهم منجب كان مواظباً على حضور جلسات هذه القضية التي انطلقت سنة 2015، والتي كان متابعا فيها في حالة سراح (إفراج) مؤقت من أجل جنحة المس بالأمن الداخلي والنصب، إلى أن قرر بمحض إرادته عدم حضور الجلسات الخمس الأخيرة، حتى قبل اعتقاله، على ذمة القضية الأخرى المعروضة حالياً على قاضي التحقيق للاشتباه في ارتباك «جريمة غسل الأموال».
وحرص المجلس الأعلى للسلطة القضائية على التأكيد على أن منجب أحضر إلى المحكمة في 20 يناير الماضي ليمثل أمام قاضي التحقيق، وبعدما غادر مكتب التحقيق لم يتم إرجاعه للسجن، وبقي بالمحكمة حرصاً من السلطات القضائية المختصة على تمكينه من ممارسة حقه في حضور الجلسة الخاصة بقضية سنة 2015، التي انطلقت على الساعة الثالثة والنصف، إذ رغم أنه معتقل في ملف غسل الأموال فهو يعتبر في حالة سراح بالنسبة لقضية 2015، التي صدر فيها الحكم.
وأضاف المجلس أنه تم إبقاء المتهم في المحكمة في انتظار التعبير عن رغبته في حضور الجلسة، إلا أنه لم يطلب ذلك، لا هو ولا دفاعه رغم إعلامه بتاريخ الجلسة، بل ورغم حضور أحد محاميه للجلسة، حيث كان يمثل موكلاً آخر في قضية أخرى. وعند انتهاء الجلسة تم إرجاعه السجن.
ومن ثم، يضيف المجلس، الذي تنبع ملاحظاته من حرصه على تكريس قيم الانفتاح والتواصل الجاد والمسؤول، وتنويرا للرأي العام الوطني والدولي: «يكون تخلفه ودفاعه عن الحضور بالجلسة ناتجا عن قرار شخصي إرادي للمعني به، على عكس ما تم ترويجه من مغالطات تستهدف تزييفاً متعمداً للحقيقة من أجل دعم أطروحات متهافتة مفتقدة لأي أساس واقعي».
وأكد المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن ما تم ترويجه يفتقد أيضاً لأي سند قانوني، ويعبر عن تجاهل متعمد لقواعد قانونية معلومة لدى الجميع، حيث إن قانون المسطرة الجنائية المغربي يعطي الحق لأي متهم يحاكم في حالة سراح، في عدم حضور الجلسات، ولا تلزمه المحكمة بهذا الحضور ولا تعيد استدعاءه، وإنما تسجل في محضر قانوني غيابه، رغم إعلامه بتاريخ الجلسة، وتصدر في حقه حكماً يوصف قانوناً «بمثابة حضوري». موضحاً أن ذلك «ما تم تطبيقه بشكل عادي من طرف المحكمة في قضية المتهم منجب، التي تبقى كغيرها من القضايا الجنحية، التي يفضل غالب المتابعين فيها في حالة سراح، عدم مواصلة حضور الجلسات، وتصدر الأحكام فيها رغم تخلفهم عن آخر جلسة».
كما أبرز المجلس أن المتهم منجب، الذي أدين في هذه المرحلة الابتدائية من أجل المنسوب إليه، متاح له قانوناً، كغيره، الحق في ممارسة الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي الصادر في مواجهته، ومناقشة كل حيثياته، وإبداء ما يراه مناسباً من أوجه دفاعه وفق الشكل المتطلب قانوناً.
وخلص المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى أنه «تبقى تبعاً لذلك كل المزاعم التي يتم الترويج لها لإظهاره في صورة المحروم من حقه في الدفاع، وفي المحاكمة العادلة لا أساس له واقعاً وقانوناً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.