إماراتي يتوج بجائزة نسخة 2020 من مُسابقة «لحظات» للتصوير الفوتوغرافي

سالم سرحان التقط صورة لأفراد عائلته وهم يؤدون الصلاة في المنزل بسبب جائحة «كورونا»

الصورة المتوجة للإماراتي سالم سرحان (الشرق الأوسط)
الصورة المتوجة للإماراتي سالم سرحان (الشرق الأوسط)
TT

إماراتي يتوج بجائزة نسخة 2020 من مُسابقة «لحظات» للتصوير الفوتوغرافي

الصورة المتوجة للإماراتي سالم سرحان (الشرق الأوسط)
الصورة المتوجة للإماراتي سالم سرحان (الشرق الأوسط)

توج الإماراتي سالم سرحان (27 عاماً) في المسابقة الفوتوغرافية «لحظات» بنسختها العاشرة تحت شعار «لحظات 2020 عامٌ عشناهُ بشكلٍ مُختلف»، التي تنظمها قناة «ناشونال جيوغرافيك أبوظبي» التابعة لأبوظبي للإعلام وبالتعاون مع شركة «المراعي»، حيث انطلقت المسابقة في أغسطس (آب) المُنصرم.
والتقط سالم الصورة لأفراد عائلته وهم يؤدون فريضة الصلاة في المنزل بعد إغلاق المساجد بسبب الجائحة ويظهر فيها خشوع المُصلين. واعتاد سالم وأخوته الذهاب إلى المسجد لأداء فريضة الصلاة، وعند سماعه المؤذن يقول «صلوا في بيوتكم» استوحى سالم فكرة هذه الصورة.
وتهدف المسابقة لرعاية ودعم المواهب من المصورين الطموحين، عبر توفير منصة لتقديم وعرض أعمالهم المبدعة. فيما أقيمت الفعالية افتراضياً بحضور عضو لجنة التحكيم مصور «ناشونال جيوغرافيك» الحائز مرتين على جائزة «بوليتزر» محمد محيسن، وعبد الله العتيبي رئيس الاتصال المؤسسي والعلاقات العامة بشركة «المراعي».
وتصدرت السعودية المشاركات الخليجية في المسابقة، حيث قدم المصورون السعوديون نحو ثلث الصور الخليجية المشاركة في المسابقة، بينما حلت المشاركات الإماراتية في المركز الثاني يليها الكويت.
وقال حُسام عبد القادر عضو لجنة تحكيم مسابقة «لحظات» والرئيس التنفيذي للتسويق بشركة «المراعي»، «كانت عملية اختيار الصورة الفائزة لهذا العام بمثابة التحدي، حيث رصد المصورون قصصاً حقيقية من واقع حياتهم اليومية بجودة ومعايير عالمية للتصوير الفوتوغرافي». وأضاف: «لقد كان 2020 عاماً استثنائياً بكل المقاييس، وأردنا أن يؤرخ فنانو المنطقة هذه الفترة بكاميراتهم ورؤيتهم الخاصة، وجاءت النتائج مُبهرة خصوصاً من منطقة الخليج التي تشهد تقدماً كبيراً في مجال التصوير الفوتوغرافي، حيث تصدرت المشاركات السعودية قائمة الصور المُقدمة من الخليج، بينما فاز بالمسابقة فنان إماراتي استطاع أن يختار الوقت المُناسب لالتقاط صورته، فضلاً عن ألوانه الدقيقة المتناسقة والتفكير خارج الصندوق، حيث استخدم طائرة بدون طيار لالتقاط صورته».
كما اختارت لجنة التحكيم أفضل 10 صور مشاركة بالمسابقة من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي ضمت المصورة السعودية أفراح صالح الحربي والمصور السعودي حسين علي.
وقالت أفراح الحربي، «صورتي التي اختيرت ضمن أفضل 10 صور في المسابقة التقطتها أيام الحجر المنزلي وهي لأختي الصغيرة ترسم في كراستها بعدما اكتشفت موهبة الرسم في الأثناء نفسها». وأضافت: «تم اختيار صورتي من ضمن أكثر من 27 ألف صورة من 23 دولة، وهو أمر جلل بالنسبة لي، وأسعى دائماً للتعلم لأكون من ضمن الأفضل في مجال التصوير لأن طموحي بلا حدود، فاقتران اسمي باسم (ناشونال جيوغرافيك) في المسابقة هو شيء مهم في بداية مسيرتي التي أسعى أن أصل بها إلى العالمية».
يذكر أن الإماراتي سالم قد حصل على الجائزة الكُبرى، وهي مُعدات تصوير تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار، فضلاً عن نشر صورته في مجلة «ناشونال جيوغرافيك» العربية ليكون أول إماراتي يتوج بالجائزة.
وقال سالم «أنا سعيد للغاية وفخور بكوني أول إماراتي يتوج بالجائزة التي حلمت أن أتوج بها، وهدفي الأساسي من التصوير هو إبراز وتوثيق الحياة الإماراتية ومعالمها». وأضاف: «نحن محظوظون، سواء في الإمارات أو في الخليج أو حتى في المنطقة كلها لأننا نحظى بدعم من قِبل منصة مثل (ناشونال جيوغرافيك) التي أتاحت الفرصة لي ولآلاف المصورين، وسلطت الضوء على أعمالهم ومواهبهم».
وانطلقت مُسابقة «لحظات» بنسختها الحالية تحت شعار «لحظات 2020 عامٌ عشناهُ بشكلٍ مُختلف» لتوثق ما شهده 2020 من ظروف وأحداث استثنائية أدت لفرض العديد من القيود والتحديات الحياتية، التي بدأ رفعها تدريجياً بعد أشهر من العزلة.
وأتاحت «لحظات 2020» الفرصة للمصورين لرواية قصصهم التي توثق هذه الفترة من منظورهم وبعدساتهم، حيث روت كل صورة حكاية فريدة من قلب الواقع في العالم العربي.



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».