مفاوضات بين طرفي النزاع الليبي في جنيف لاختيار قادة المرحلة الانتقالية

ستيفاني ويليامز الممثلة الخاصة بالإنابة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لدعم الحوار الليبي (أرشيفية - أ.ب)
ستيفاني ويليامز الممثلة الخاصة بالإنابة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لدعم الحوار الليبي (أرشيفية - أ.ب)
TT

مفاوضات بين طرفي النزاع الليبي في جنيف لاختيار قادة المرحلة الانتقالية

ستيفاني ويليامز الممثلة الخاصة بالإنابة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لدعم الحوار الليبي (أرشيفية - أ.ب)
ستيفاني ويليامز الممثلة الخاصة بالإنابة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لدعم الحوار الليبي (أرشيفية - أ.ب)

يجتمع المشاركون في الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة، اليوم الاثنين، في سويسرا لاختيار رئيس وزراء جديد وأعضاء مجلس رئاسي سيُكلّفون ضمان عملية الانتقال في بلادهم التي تمزّقها الحرب، إلى حين حلول موعد الانتخابات المرتقبة في ديسمبر (كانون الأول).
وتستمرّ المفاوضات التي يشارك فيها 75 مندوباً ليبياً من كافة الأطراف حتى الجمعة ويتعيّن عليهم تعيين هذه الشخصيات من أصل لائحة مؤلفة من 45 مرشحاً كشفت عنها بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا السبت.
وقالت الأمم المتحدة إن المندوبين سيصوّتون «على تشكيلة مجلس الرئاسة الذي سيتألف من ثلاثة أعضاء ورئيس للوزراء، يُعاونه نائبان». وينبغي على هذا المجلس الانتقالي «إعادة توحيد مؤسسات الدولة وضمان الأمن» حتى انتخابات 24 ديسمبر، حسب المصدر نفسه.
وغرقت ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام الزعيم معمر القذافي إثر انتفاضة شعبية عام 2011. وتتنازع سلطتان الحكم: في الغرب حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تتّخذ طرابلس مقرّاً وتعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا، وسلطة بقيادة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي.
وبعد فشل هجوم شنّته قوّات حفتر في أبريل (نيسان) 2019 للسيطرة على طرابلس، توصّل طرفا النزاع إلى اتفاق على هدنة دائمة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي واستأنفا الحوار السياسي بدعم من الأمم المتحدة. في هذا الوقت، سجّل الإنتاج النفطي القطاع الرئيسي للاقتصاد الليبي، انتعاشاً كبيراً.
وأُطلق الحوار الليبي في تونس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 لمحاولة إخراج البلاد من الأزمة.
ووافق المشاركون في الحوار على لائحة المرشحين للمجلس الرئاسي التي تتضمن ثلاث نساء.
ومن بين الأسماء المطروحة لمنصب رئيس الوزراء، فتحي باشاغا وزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقراً.
وهو يحظى باحترام كبير في معقله مدينة مصراتة الساحلية التي تنتشر فيها مجموعات عسكرية قوية. وغالباً ما طُرح اسمه بين الأسماء المحتملة لتولي منصب رئيس الوزراء خلفاً لفايز السراج. وتوصف العلاقة بين الرجلين بأنها صدامية.
أما أحمد معيتيق، رجل الأعمال الطموح المتحدر من مصراتة والذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي بطرابلس، فهو مرشح أيضاً لمنصب رئيس الوزراء الانتقالي، في حين أن وزير الدفاع صلاح الدين النمروش مرشح لعضوية المجلس الرئاسي.
ومن المرشحين للمجلس الرئاسي أيضاً، خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، وأسامة الجويلي أحد القادة الذين شاركوا في الانتفاضة ضد نظام معمر القذافي عام 2011.
في 13 نوفمبر، توافق الأفرقاء الليبيون في ملتقى الحوار السياسي الذي عقدت أولى جولاته في تونس، على تحديد موعد للانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر 2021. لكنهم لم يتفقوا على آلية اختيار سلطة تنفيذية موحدة لضمان عملية الانتقال إلى حين حلول موعد الانتخابات. وفي 19 يناير (كانون الثاني)، توافق طرفا النزاع على هذه الآلية.
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالتقدم المحرز في المفاوضات، مكرراً دعوته إلى انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودين في البلاد الذين كان من المفترض أن يخرجوا في 23 يناير في أقصى حدّ بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وتتواصل حالياً انتهاكات الحظر على الأسلحة المفروض على ليبيا، مع استمرار وصول طائرات شحن للطرفين المتحاربين، بحسب الأمم المتحدة.
سيبدأ اجتماع اليوم في جنيف بكلمة لمبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، تليها تعريف على المرشحين للمجلس الرئاسي، وفق ما ورد في جدول الأعمال.
ورغم تعيين مؤخراً السلوفاكي يان كوبيش مبعوثاً جديداً إلى ليبيا، إلا أن ويليامز لا تزال ترأس المفاوضات الليبية الشاقة.
وفي هذا البلد المنقسم إلى حدّ بعيد، تم التوصل إلى اتفاقات عدة في السنوات الأخيرة إلا أنها بقيت حبراً على ورق.
وقبل بدء الحوار في تونس، برزت خلافات حول شرعية المندوبين المشاركين في المفاوضات. ودعت منظمات ليبية بعد ذلك إلى التحقيق بشأن «مزاعم فساد» تهدف بحسب قولها، إلى التأثير على عملية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.