استنفار أمني في سفارات إسرائيل

اعتقاد بين الأجهزة بأن انفجار نيودلهي «مبادرة محلية»

إغلاق طريق يؤدي إلى السفارة الإسرائيلية في نيودلهي بعد تفجير العبوة الناسفة (أ.ف.ب)
إغلاق طريق يؤدي إلى السفارة الإسرائيلية في نيودلهي بعد تفجير العبوة الناسفة (أ.ف.ب)
TT

استنفار أمني في سفارات إسرائيل

إغلاق طريق يؤدي إلى السفارة الإسرائيلية في نيودلهي بعد تفجير العبوة الناسفة (أ.ف.ب)
إغلاق طريق يؤدي إلى السفارة الإسرائيلية في نيودلهي بعد تفجير العبوة الناسفة (أ.ف.ب)

رغم قناعة المخابرات الإسرائيلية بأن انفجار العبوة الناسفة قرب السفارة في نيودلهي، هو «مبادرة محلية غير إيرانية»، فقد أعلنت الدائرة الأمنية في السفارات والقنصليات الإسرائيلية في العالم، عن حالة استنفار أمني شامل، تحسباً لوقوع انفجارات أخرى بمبادرة طهران.
وعلى عكس الأنباء الأولية التي انتشرت في تل أبيب وفي نيودلهي، والتي وجهت أصابع الاتهام إلى عناصر في الحرس الثوري الإيراني، قال مقرب من جهاز الموساد (المخابرات الخارجية)، أمس الأحد، إن المحققين الإسرائيليين الذين يشاركون في التحقيقات التي تجريها الهند، أكدوا أن العبوة الناسفة التي انفجرت كانت بسيطة وبدائية، ومن الصعب التصديق أن جهازاً عسكرياً مهنياً وتابعاً لدولة مثل إيران، يمكن أن يكون قد أعدها. ولذلك، أضاف: «يبدو أن تنظيماً هندياً معادياً لإسرائيل هو الذي بادر لهذه العملية الإرهابية المحدودة».
ولكن الحكومة الإسرائيلية، أكدت أمس، أنها اتخذت إجراءات احتياطية واسعة في جميع المقار الرسمية لها في العالم، سفارات وقنصليات ومكاتب ارتباط ومؤسسات يهودية بارزة وغيرها. وقالت إن هذه المقار تشهد بالأصل حالة تأهب، منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، تحسباً من عمليات إيرانية انتقاماً للتفجيرات التي وقعت في نتنز، واغتيال زعيم القاعدة محمد المصري، في 7 أغسطس (آب)، في قلب طهران، واغتيال مسؤول البرنامج النووي القائد في الحرس الثوري، محسن فخري زادة، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وفي أعقاب الانفجار في العاصمة الهندية، تم رفع درجة التأهب إلى حالة استنفار.
وكان التفجير قد وقع، مساء الجمعة، بالقرب من السفارة الإسرائيلية في نيودلهي. وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن عبوة ناسفة بدائية مربوطة بجهاز توقيت انفجرت على بعد مئات الأمتار من مبنى السفارة. ولم تصب العبوة أحداً بأذى، فقد كانت تلك ساعة دخول السبت، حيث تكون السفارة مغلقة وخالية إلا من حراس وموظف احتياط. وقد عثر المحققون على مغلف يحتوي على رسالة موجهة إلى السفير الإسرائيلي، كتب فيها، أن هذا الانفجار «مقدمة» و«مجرد جزء بسيط من الانفجارات القادمة». وأشارت الرسالة كذلك إلى اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني واغتيال العالم زادة. وهو ما يعزز الشبهات أن التفجير كان يستهدف السفارة الإسرائيلية.
وذكرت سلطات الأمن الهندية، أن منظمة مجهولة تطلق على نفسها اسم «جيش الهند»، أعلنت مسؤوليتها عن التفجير. وذكرت مصادر إسرائيلية، أن السلطات الهندية حرصت على إقامة اتصالات متعددة مع النظراء في تل أبيب، حول الانفجار، وسمحت لضباط أمن من الموساد بأن يشاركوا مع أجهزة الاستخبارات الهندية التحقيق في الانفجار. وأوضحت أن قوات الأمن الهندية جمعت شهادات، تفيد بأن شخصين يعتقد بأنهما إيرانيان، شوهدا وهما يصلان إلى المكان بسيارة وغادرا بسرعة بعد الانفجار. وإنها على أثر ذلك، استجوبت عدداً من الإيرانيين، للاشتباه في تورطهم في الحادث. وأضافت أن سلطة الحدود الهندية تفحص تفاصيل عن جميع الإيرانيين الذين دخلوا الهند في الأسابيع الأخيرة. وفي الوقت نفسه، توجه محققو المخابرات إلى فنادق العاصمة نيودلهي، وطلبوا معلومات عن كل نزيل يحمل جواز سفر إيرانياً.
من جهته، صرح سفير إسرائيل في الهند، رون مالكا، بأن سفارة بلاده في نيودلهي كانت في حالة تأهب قصوى بسبب تلقيها تهديدات، حتى قبل انفجار قنبلة صغيرة خارج مقر البعثة. وقال إنه لم يفاجأ بهجوم الجمعة، الذي لم يسفر عن إصابات، لكنه تسبب في تحطم زجاج ثلاث سيارات، وأن السفارة كانت قد شهدت في فبراير (شباط) 2012، انفجار قنبلة استهدف سيارة دبلوماسية إسرائيلية في نيودلهي، وأسفر عن جرح أربعة أشخاص. وأضاف السفير: «نحن جاهزون دائماً، رفعنا مستوى التأهب في الأيام الماضية بسبب بعض التهديدات»، ولم يقدم مزيداً من التفاصيل. ورداً على سؤال عما إذا كان هناك صلة لإيران هذه المرة، تهرب مالكا، وقال: «هذه الأطراف الفاعلة غير الحكومية، التي تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة والعالم، لا تحب ما يحدث بين إسرائيل والهند، اللذين يسعيان إلى الاستقرار والسلام». وتابع «قد يشكل ذلك تهديداً لهما».
وفي تل أبيب، أعلن أن وزير خارجة الهند، سوبار همنيام غايشنكر، اتصل بنظيره الإسرائيلي، غابي أشكنازي، وأكد له أن بلاده لن تدخر جهداً في سبيل العثور على منفذي العملية، ووعد بتوفير الحماية للدبلوماسيين الإسرائيليين في بلاده. وبموازاة ذلك، اتصل مستشار الأمن القومي في حكومة الهند، آجيت دوبال، مع نظيره مئير بن شبات، وأطلعه على تفاصيل التحقيق. فنقل بن شبات للمسؤول الهندي أقوال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأنه واثق تماماً من أن الهند ستبذ كل جهد لمكافحة الإرهاب ومعاقبة منفذيه.



اعترافات تكشف عن تشكيل الحوثيين خلايا في القرن الأفريقي

الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)
الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)
TT

اعترافات تكشف عن تشكيل الحوثيين خلايا في القرن الأفريقي

الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)
الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)

كشفت اعترافات لأحد المواطنين الإريتريين المنتسبين إلى قبيلة العفر المنتشرة في القرن الأفريقي عن تمكُّن الحوثيين من إنشاء خلايا في تلك المنطقة التي تُشْرف على البحر الأحمر ووعود إيرانية بدعم مالي وعسكري لاستقلال الإقليم عن الدول الثلاث جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا.

وتحدث الرجل الذي يُدْعى علي أحمد يعيدي، وتم اعتقاله أخيراً في الساحل الغربي لليمن، عن نشاط مكثف للحوثيين في القرن الأفريقي، وتأسيس خلايا تتولى مهمة استقطاب أفراد قبيلة «العفر» وإرسالهم إلى اليمن بهدف إحداث تغيير مذهبي هناك وتدريبهم على القتال ليكونوا نسخة من الجماعة الحوثية أو «حزب الله» اللبناني.

وفي تسجيل مصور بثته القوات الحكومية المتمركزة في الساحل الغربي لليمن والتي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، يورد المقبوض عليه تفاصيل عملية التجنيد والنشاط المكثف للحوثيين في القرن الأفريقي وبالذات في جيبوتي وإثيوبيا، ويقول إنه كان يعمل في جيبوتي عندما جاء إليه ممثل عن الحوثيين يدعى محمد علي موسى يتولى عملية إرسال أبناء من قبيلة «العفر» إلى مناطق سيطرة الجماعة في سواحل محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

الحوثيون حوَّلوا القرن الأفريقي إلى مركز للتوسع وتهريب الأسلحة (تلفزيون الجمهورية)

ووفق هذه الإفادة، فإنه التقى مندوب الحوثيين في جيبوتي، وعرض عليه السفر إلى مناطق سيطرتهم ضمن 9 آخرين، وأنهم استقلوا قارباً يقوده أحد الحوثيين ويدعى أبو يحيى، وأوصلهم إلى سواحل محافظة الحديدة، وكان في استقبالهم شخص آخر من قبيلة العفر كان يعمل منسقاً للتمدد الحوثي في القرن الأفريقي ويدعى محمد علوسان ومعه مندوبان عن الجماعة الحوثية أحدهما يدعى أبو ياسين والآخر أبو الكرار.

وأضاف الرجل في اعترافاته أنهم نُقلوا إلى أحد البيوت في مدينة الحديدة لمدة أسبوع، وبعد ذلك تم نقلهم إلى منطقة في شمال مدينة الحديدة قريبة من البحر.

تعبئة طائفية

يَذْكر يعيدي في اعترافاته أنه ومَن معه استمروا في الموقع الجديد شمال الحديدة شهرين، كانوا خلالها يتلقون محاضرات طائفية على يد أحد عناصر الحوثيين، وتتركز على ما يُعْرف بملازم حسين الحوثي، وهي مجموعة من الخطب التي كان مؤسس الجماعة يلقيها على أتباعه في محافظة صعدة قبل الإعلان التمرد على السلطة المركزية في منتصف عام 2004 ومصرعه في نهاية العام.

كما عرض المدربون عليهم مقاطع للحروب التي شنوها ضد القوات الحكومية وصولاً إلى التمرد على الشرعية والحرب التي فجروها عام 2014 والتي لم تتوقف رسمياً حتى الآن.

بعد هذه الدورة المطولة، يتحدث يعيدي عن إعادتهم إلى حي الربصة في مدينة الحديدة لعدة أيام ومن ثم نقلهم إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية المغتصبة من الحوثيين، وهناك نُقلوا إلى أحد البيوت السرية، حيث كان الحوثيون يغلقون عليهم الباب من الخارج ولا يُفْتح إلا عند إحضار الطعام.

جزء من المعدات العسكرية المهربة إلى الحوثيين عبر جيبوتي (تلفزيون الجمهورية)

ويضيف أنه لم يكن يسمح لهم بالخروج إلى أي مكان أو اللقاء بأي شخص حيث كانوا ينقلون من مكان إقامتهم إلى سيارات معتمة النوافذ، وتتم إعادتهم بنفس الطريقة، طوال فترة الدورة التدريبية الجديدة التي استمرت 3 أسابيع، وكرست للترويج لمعتقدات الحوثيين وتسفيه معتقدات قبيلة العفر.

وأوضح في أقواله أنه ومن معه أكدوا صعوبة نشر هذه الأفكار المذهبية في قبيلتهم؛ لأنها ستؤدي إلى صراع في المجتمع لأن السكان يعتنقون المذهب السُّنّي ويمارسون الطقوس الصوفية، إلا أن المشرفين الحوثيين ذهبوا نحو تقديم مقاطع مصورة تقدس من يصفونهم بأنهم علماء يعتقدون نفس مذهبهم، وشرحوا أن هؤلاء على الحق بخلاف المذاهب الأخرى، وطلبوا منهم الترويج لذلك في أوساط قبيلتهم.

ووفق ما جاء في تلك الأقوال، فإن الحوثيين بعد أن تأكدت لهم صعوبة التغيير المذهبي في القرن الأفريقي، وفي مسعى لتجاوز هذه النقطة اقترحوا على المتدربين العمل على إرسال أطفال من قبيلة العفر إلى اليمن لإلحاقهم بدورات تغيير مذهبي لأنهم سيكونون أكثر تقبلاً للتغيير المذهبي والأفكار التي يطرحونها.

وعود إيرانية

وبعد انتهاء الدورة الثانية، وفق ما يقوله يعيدي، تمت إعادة المجموعة إلى مدينة الحديدة، وكان في استقبالهم محمد علوسان ومعه محمد علي موسى، حيث يقوم الأخير بالذهاب عبر البحر إلى جيبوتي ومنها إلى إثيوبيا، ويتواصل مع أفراد في قبيلة العفر، ويقوم بنقلهم إلى الحديدة، في حين يتولى الأول استقبالهم عند وصولهم اليمن وتسليمهم إلى الحوثيين، في عملية تظهر أن علوسان يتولى عملية التنسيق والتواصل مع الأشخاص مسبقاً، وقبل ذهاب القيادي الحوثي لإحضارهم.

منظومة لرصد السفن كانت ضمن المعدات المهربة للحوثيين (تلفزيون الجمهورية)

ويورد الرجل في إفادته أن علوسان أبلغهم قبل الوداع في الحديدة أنه يجب عليهم الذهاب إلى القبيلة وإرسال مجموعات أخرى للتدريب؛ لأن الفرصة مواتية لقبيلة العفر بوجود استعداد إيراني لدعمهم مالياً وعسكرياً للاستقلال عن سلطة الدول الثلاث، كما دعمت «حزب الله» اللبناني والجماعة الحوثية في اليمن. وأنهم سيكونون قوة كبيرة وفاعلة على ساحل البحر الأحمر.

وينقل عن الرجل القول إنه اتفق مع الحوثيين على إنشاء معسكرات آمنة لتدريب مقاتلي العفر وإرسال الذكور كباراً وصغاراً إلى اليمن للتدريب على القتال في البر والبحر، قبل القيام بأي عمليات، وذكر أنه ومن معه عادوا من اليمن إلى جيبوتي، وحصل على مبلغ 500 دولار عن كل شخص تم إرساله.

وكانت قوات خفر السواحل اليمنية بقطاع البحر الأحمر، بالتنسيق مع شعبة الاستخبارات في القوات التي يقودها طارق صالح، ضبطت أخيراً شحنة أسلحة نوعية قادمة من إيران إلى الحوثيين عبر ميناء جيبوتي إلى ميناء الصليف بمحافظة الحديدة، وفق ما أفاد به الإعلام العسكري لتلك القوات.