دمشق تستهل حملة الانتخابات الرئاسية بتفعيل «الجرائم الإلكترونية»

توقيف 8 من رواد المواقع الموالين بينهم إعلامي

أنشطة شعبية لفنون الشارع في الأحياء القديمة من دمشق (إ ب أ)
أنشطة شعبية لفنون الشارع في الأحياء القديمة من دمشق (إ ب أ)
TT

دمشق تستهل حملة الانتخابات الرئاسية بتفعيل «الجرائم الإلكترونية»

أنشطة شعبية لفنون الشارع في الأحياء القديمة من دمشق (إ ب أ)
أنشطة شعبية لفنون الشارع في الأحياء القديمة من دمشق (إ ب أ)

بالتزامن مع حملة أنشطة عامة يقوم بها حزب «البعث» الحاكم في سوريا، ترويجاً للانتخابات الرئاسية المقبلة، بين النقابات العمالية والمهنية المتوقع إجراؤها، الصيف المقبل، أطلقت وزارة الداخلية، تحذيرات لرواد مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، من مغبة التعامل مع مواقع إلكترونية مشبوهة. وبعد ساعات من التحذير، أعلنت صباح الأحد، توقيفها 8 أشخاص، بتهمة «التواصل والتعامل مع مواقع إلكترونية مشبوهة»، استناداً إلى قانون الجريمة المعلوماتية.
وأفادت مصادر إعلامية، بأن بين الموقوفين، موظفين حكوميين معروفين بولائهم للنظام، منهم إعلامية في التلفزيون الرسمي، وموظفة رفيعة في هيئة الرقابة والتفتيش، ومدني ينشر قضايا عامة في صفحة «مواطنون مع وقف التنفيذ»، وطالبة جامعية.
وبدأ حزب البعث في سوريا حملة الدعاية للانتخابات الرئاسية المقبلة، المتوقعة في يوليو (تموز) المقبل. وفي اجتماع مع عمال القطاع العام شهدته الأسبوع الماضي محافظة السويداء، قال أمين فرع الحزب في السويداء، فوزات شقير، إنّ «الشعب السوري لديه استحقاق كبير خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، ونجاح الاستحقاق رد لجميل القائد الذي لم يترك شعبه في أحلك الظروف».
وفيما اعتبر هدية ترضية للمسرّحين من الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط، وبعد سنوات من الانتظار وشظف العيش، أعلنت الحكومة، أمس، نجاح أكثر من 10 آلاف عسكري مسرّح في أكبر مسابقة مركزية للتعاقد مع المسرّحين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، لدخول وظائف في مختلف الاختصاصات المهنية والعلمية من حملة الشهادات الجامعية والمعاهد والبكالوريا. وقالت الحكومة، إن هذه الخطوة «تأتي ضمن توجيهات الرئيس الأسد القائد العام للجيش والقوات المسلحة، لدعم وتمكين المسرّحين وتأمين وظائف لهم بعد تسريحهم».
ومع تفاقم الأزمات المعيشية تصاعدت انتقادات السوريين للحكومة، في احتقان شعبي بات يعبر عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى إعادة التذكير بقانون الجرائم المعلوماتية التي تعتبر من الجرائم المستحدثة في القضاء السوري، إذ كان يتم اعتقال النشطاء، سابقاً، وفق قانون الإرهاب، بتهم «المس بهيبة الدولة» أو «التسبب بوهن عزيمة الأمة»، أمام محكمة قضايا الإرهاب. لكن في عام 2019، أي بعد نحو عام من استعادة النظام السيطرة على العاصمة ومحيطها ومعظم الأراضي السورية، صدر قانون «مكافحة الجرائم الإلكترونيّة»، للحد من دور الصفحات الإخبارية الموالية التي دعم وشجع ظهورها بعد عام 2011، لبث دعايته الحربية، سيما وأن بين تلك الصفحات من حقق تفاعلاً واسعاً في أوساط الموالين، من خلال نقد الأداء الحكومي وكشف قضايا الفساد، مثل صفحة «دمشق الآن»، التي تم توقيف المسؤول عنها، وتحجيم حضورها. كما تم توقيف عدد من أبرز الصحافيين الموالين للنظام، وفق قانون الجرائم إلكترونية، الذي ينص على عقوبة السجن عدّة أشهر، لكل من «يحاول نشر الشائعات والأنباء غير الصحيحة».
وزارة الداخلية في بيانها، يوم الأحد، لم تكشف عن الأسماء الصريحة للموقوفين، واكتفت بالإشارة إلى الأحرف الأولى من الأسماء، وذلك في إطار جهودها «بمتابعة ومكافحة نشر ونقل الأنباء الكاذبة والإشاعات المغرضة، التي يتم تداولها على بعض صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب». وأشار بيان الداخلية، إلى أن الموقوفين «اعترفوا بإقدامهم على التواصل مع تلك الصفحات وتزويدها بمعلومات ملفقة».
وكانت الوزارة قد حذرت روّاد المواقع، من التواصل مع ما سمتها «الصفحات المشبوهة»، دون أن تسمي تلك الصفحات والمواقع، وتوعدت في بيان، مساء السبت، بالسجن، «في حال التواصل مع صفحات مشبوهة لها ارتباطات خارجية، أو التفاعل معها، أو تزويدها بمعلومات أو بيانات، أو نشر وتداول أخبار كاذبة.
وبثت الوزارة في بيان سبقه، تقريراً مصوراً على حسابها في «فيسبوك»، بين فيه «المسؤولية القانونية المترتّبة على كل من يقوم بتسريب أو نشر شائعات كاذبة، أو التواصل مع صفحات مشبوهة وتزويدها بمعلومات أو بيانات، وفقاً لأحكام قانوني العقوبات ومكافحة الجرائم المعلوماتية». وتجيز المادة 285 من قانون العقوبات «الاعتقال المؤقت لكل من قام في سوريا، في زمن الحرب، أو عند توقع نشوبها، بدعاوى ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية». كما تجيز المادة 287 من قانون العقوبات، الحبس ستة أشهر على الأقل، وغرامة تتراوح بين ألفين وعشرة آلاف ليرة، لكل سوري «يذيع في الخارج وهو على بينة من الأمر، أنباء كاذبة أو مبالغاً فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها المالية».
ويعيش السوريون فترة تعتبر الأصعب منذ اندلاع الحرب قبل عشر سنوات، في ظل عجز الحكومة في دمشق عن تأمين أبسط الاحتياجات الأساسية، وارتفاع معدلات جرائم القتل والسرقة، مع وصول معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.