مصر ترفض أي إجراء يمس حقوقها في مياه النيل

مشاورات بين السيسي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
مشاورات بين السيسي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ترفض أي إجراء يمس حقوقها في مياه النيل

مشاورات بين السيسي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
مشاورات بين السيسي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ثوابت موقف بلاده من حتمية بلورة اتفاق قانوني مُلزم بشأن «سد النهضة» الإثيوبي، ورفض «أي عمل أو إجراء يمس بحقوق مصر في مياه النيل». واستقبل الرئيس السيسي، في القاهرة، أمس، موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، قبيل أيام من انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي الذي يرعى بدوره المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، بهدف الوصول إلى اتفاق ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وبحسب السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، فإن اللقاء تناول التباحث حول تطورات عدد من القضايا السياسية على الساحة القارية، ومستجدات عدد من النزاعات بالقارة الأفريقية، وجهود تسويتها سياسياً، وفي مقدمتها الوضع في القرن الأفريقي، والملف الليبي.
وتم كذلك استعراض قضية «سد النهضة» الإثيوبي، في إطار المفاوضات الثلاثية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. وأكد الرئيس السيسي مجدداً «ثوابت موقف مصر من حتمية بلورة اتفاق قانوني ملزم شامل بين الأطراف المعنية كافة، يتناول بالأساس الشواغل المصرية، خاصة قواعد ملء وتشغيل السد، مع رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوق مصر في مياه النيل».
ونقل البيان المصري عن فقيه «تقديره لجهود مصر في إطار مسار المفاوضات بهدف الوصول إلى حل للقضية»، مؤكداً أهمية «استمرار التنسيق المكثف للعمل على حلحلة الموقف الحالي، والوصول إلى اتفاق عادل متوازن بشأن هذه القضية الحيوية».
وتخشى مصر، ومعها السودان، من تأثر حصتيهما في مياه النيل جراء الملء المتكرر لخزان السد، فضلاً عن تأثيرات سلبية أخرى، في حين ترفض إثيوبيا إضفاء طابع قانوني على أي اتفاق يتم التوصل إليه، يلزمها بإجراءات محددة لتخفيف حدة الجفاف.
وتجري الدول الثلاث مفاوضات منذ نحو 10 سنوات، لكنها لم تؤد إلى تحريك الموقف، رغم دخول أطراف دولية فاعلة، مثل الولايات المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأفريقي.
ومن المقرر أن تنعقد قمة الاتحاد الأفريقي الـ34 يومي 6 و7 فبراير (شباط) الحالي، على مستوى القادة والرؤساء، تسبقها اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد على مستوى وزراء الخارجية يومي 3 و4 فبراير (شباط).
وفي ضوء الاستعدادات الجارية للقمة الأفريقية السنوية، شهد اللقاء بين السيسي وفقيه تبادل وجهات النظر، والاطلاع على رؤية الرئيس السيسي تجاه عدد من الموضوعات والقضايا الأفريقية.
وقال السيسي، وفق البيان، إن مصر «لم (ولن) تدخر جهداً تجاه دعم أشقائها الأفارقة، وستظل دائماً يدها ممدودة للتعاون والبناء والتنمية من أجل جميع الدول الأفريقية، لتقوى بالإرادة الحرة لشعوبها، وبأمنها واستقرارها».
وأوضح الرئيس السيسي لرئيس المفوضية الأفريقية أن «مسار التطور في أفريقيا يبدأ أولاً، وقبل كل شيء، بترسيخ الاستقرار، وإنشاء بنية أساسية متكاملة تشكل قاعدة للتنمية للدول الأفريقية تتيح الربط بين الأقاليم الجغرافية للقارة الأفريقية، وهو ما يعزز الهدف المنشود للتكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي بالقارة».
ومن جانبه، أكد فقيه «اعتماد جهود الاتحاد الأفريقي بالأساس على دور مصر، بقيادة الرئيس السيسي، وثقلها في القارة الأفريقية»، بصفته يمثل «الدعامة القوية للعمل الأفريقي المشترك»، معرباً عن «ثقته في استمرار مصر في الاضطلاع بدورها في تعزيز الجهود التنموية في أفريقيا، إلى جانب صون الاستقرار الأمني والسياسي في القارة الأفريقية».
ومن جهة أخرى، التقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، مع سامح شكري، وزير الخارجية المصري، أمس، بمقر الأمانة العامة للجامعة، حيث بحثا عدداً من الموضوعات الخاصة بالعمل العربي المشترك، بما في ذلك سبل تعزيز علاقات التعاون بين الجامعة والأطراف الشريكة لها، خاصة الاتحاد الأفريقي.
وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة إن أبو الغيط وشكري تبادلا الآراء في هذا الصدد حول سبل تطوير مسيرة الشراكة العربية - الأفريقية، تعزيزاً للأهداف المشتركة التي تجمع بين العالم العربي والقارة الأفريقية، خاصة في ضوء الزيارة التي يقوم بها موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، للقاهرة حالياً، واللقاء الذي سيعقده أبو الغيط، اليوم (الاثنين)، مع فقيه، في إطار آلية التعاون العام بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.