في ظل تسارع وتيرة المسار السياسي الليبي لاختيار إدارة تنفيذية جديدة مؤقتة، تجددت التساؤلات حول مصير الميليشيات في العاصمة طرابلس، إضافة إلى جهاز أمني جديد استحدثه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فائز السراج، ووضع على رأسه عبد الغني الككلي، أحد أبرز قيادات ميليشيات العاصمة.
وتوقع وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة الليبية المؤقتة حسن الصغير استمرار هذا الجهاز وغيره من «تركة» السراج، «وعلى رأسها القيادات الميليشياوية حتى بعد مغادرته منصبه». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التخلص من هذه المجموعات يتوقف على شخصية رئيس الحكومة الجديدة، وقدرته على التصدي لهذه الأجهزة وقياداتها».
ولفت إلى أن وزير الداخلية فتحي باشاغا المرشح بقوة لتولي رئاسة حكومة «الوحدة الوطنية»، في حال نجاح تشكيلها، «قد يُبقي على هذه الأجهزة مع تغيير مسؤوليها ليضمن ولاءها له». ورأى أن «هدف السراج من وراء هذه التعيينات هو ضمان استمراره في السلطة لحين إجراء الانتخابات العامة مع نهاية العام الجاري، خصوصاً إذا ما فشل ملتقى الحوار السياسي الراهن في إنهاء هذه المرحلة».
ونوه الصغير إلى «طبيعة المواقع التي تحصلت عليها قيادات الميليشيات في مجال الأمن الداخلي والقومي والحصانة التي توفر لهم خلال فترة إدارة السراج على الأقل من أي ملاحقة قانونية».
واستحدث السراج جهازاً أمنياً تحت اسم «جهاز دعم الاستقرار» ودفع بالقيادي البارز في الميليشيات عبد الغني الككلي الشهير بـ«غنيوة» لرئاسته، مع تعيين نواب له أبرزهم أيوب أبو راس وحسن محمد حسن أو زريبة، وموسى أبو القاسم موسى.
وذهب عضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب إلى أنه «لا توجد فرصة لهذه المجموعات بالصمود في ظل انتقال الحكم لأي سلطة جديدة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الأجهزة الأمينة تم استحداثها لكنها لم تفعّل بعد، وقد يكون أحد أهداف تأسيسها هو محاولة تحصين قياداتها من المساءلة القانونية بشكل عام».
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، عيّن رئيس المجلس الرئاسي قادة ميليشيات موالية له ومناهضة لوزير الداخلية باشاغا، على رأس مؤسسات أمنية رسمية، في خطوة أغضبت ميليشيات مصراتة، واعتبرت بمثابة ترضية للميليشيات التي دعمت السراج خلال المظاهرات الأخيرة التي شهدتها طرابلس.
وأصدر السراج قراراً بتعيين آمر ميليشيا «الدعم المركزي» عماد الطرابلسي نائباً لرئيس جهاز الاستخبارات والقيادي في ميليشيا «قوة الردع» لطفي الحراري نائباً لرئيس جهاز الأمن الداخلي.
ويرى المحلل السياسي محمد بوصير أن «الولاء داخل هذه الأجهزة دائماً يكون لمن يستطيع ترويضها ويسيطر على مقاليد الحكم»، لافتاً إلى أن «من سيجلس على رأس السلطة الجديدة ستكون لديه مهام عديدة، وسيضطر للقيام بترضيات مع أطراف وقوى مختلفة».
ولفت إلى أن الميليشيات المنتشرة في عموم البلاد «لا تعتمد على قوة مسؤول بعينه بقدر ما تعتمد على قوة سلاحها ونفوذها على الأرض، وبالتالي لا يمكن المساس بها».
أما عضو مجلس النواب في طبرق على التكبالي فحذر من «مغبة تصادم قيادات الميليشيات الموالية للسراج مع قيادات السلطة التنفيذية المقبلة، خصوصاً المنتمين منهم للغرب الليبي وفي مقدمتهم فتحي باشاغا والذي يعتمد على دعم ميليشيات مصراتة القوية».
ورأى أن «التصادم بين الميليشيات المتصارعة على النفوذ ينذر بكارثة على الشعب الليبي، وبالطبع مسؤولية ذلك تقع على نائب رئيس بعثة الدعم الأممي في ليبيا ستيفاني ويليامز المتعجلة في إنهاء ملف ليبيا بأي شكل». واستدرك: «للأسف قد تبقى الميليشيات وتستمر صراعاتها على الأرض مستقبلاً، وربما تتطور لتصل إلى مرحلة التفجيرات التي تشهدها بعض دول المنطقة العربية».
وخلص التكبالي إلى أنه «في مرحلة ما، وعند حدوث الاستقرار الحقيقي للدولة الليبية، لن تتم فقط محاسبة قيادات هذه الميليشيات لتورط أغلبها في جرائم جنائية وانخراطها في تجارة الهجرة غير المشروعة، لكن كل من تستر على هذه المخالفات سيحاكم أيضا لأنه هو الذي مكن لهم وعينهم ووضعهم في مراكز ومواقع أمنية رغم علمه الكامل بخلفياتهم وسجلهم كقيادات منفلتة ومتطرفة وعدم امتلاكهم لعلم أو خبرة».
وكانت منطقة أبو سليم في طرابلس، شهدت احتفالات صاخبة قال شهود عيان لوسائل إعلام محلية إنها جاءت بمناسبة صدور قرار تعيين آمر الأمن المركزي في «أبو سليم» عبد الغني الككلي رئيساً للجهاز الأمني الجديد.
«تركة» السراج الأمنية... «معضلة ثقيلة» تنتظر خلفه
أنشأ جهازاً جديداً ووضع على رأسه قيادات ميليشياوية
«تركة» السراج الأمنية... «معضلة ثقيلة» تنتظر خلفه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة