مزاد كبير في موناكو لبيع أثاث «أوتيل دو باري»

تشهد مونت كارلو حاليا أكبر مزاد من نوعه لبيع الأثاث العتيق لفندق «أوتيل دو باري». إنه أشهر وأفخم فنادق الإمارة المعلقة مثل نجمة على الكتف الأيسر للبحر الأبيض المتوسط. ويعود تاريخ افتتاحه إلى عام 1864، وقد كان أجمل جوهرة في قلادة «بان ديمير»، الشركة الرسمية التي تملك وتدير عددا من المرافق السياحية في الإمارة.
لم يغلق الفندق أبوابه خلال أيام المزاد، بل واصل استقبال النزلاء في مجموعة من الغرف، واكتفى القائمون عليه بتحويل صالته الرئيسية «أمبريال روم» إلى قاعة للمزاد يصطف فيها 300 كرسي حجزت مسبقا للجمهور، مع منصة لمدير المزاد الممسك بالمطرقة في يده، وعدد من المساعدين والمساعدات الذين يتلقون طلبات المزايدة بالهاتف أو الإنترنت على ألف قطعة من الأثاث العريق والتاريخي.
بين الحضور، شوهدت وجوه لنبلاء وأميرات ونجمات مجتمع، والكثير من تجار القطع القديمة وممثلي المتاحف، وطبعا كما يحدث في مثل هذه المناسبات، احتل المتطفلون والفضوليون قسما من المقاعد، دون أن يكون هدفهم الشراء، وبين هؤلاء من جاء لمجرد الفرجة، أو الحنين للزمن الماضي.
هنا ستتفرق أرائك جلس عليها ملوك متوجون، وطاولات جمعت رؤساء ووزراء حاليين وسابقين، ومرايا تطلعت فيها ممثلات من شهيرات هوليوود. لذلك انصبت الأنظار على الفندق عريق النجوم الخمس، بينما كادت صالات كازينو القمار الشهير المجاور له تخلو من اللاعبين. ولتنفيذ هذه المهمة وإنجاح المزاد، كان لا بد من اللجوء إلى خبرة شركة «آركوريال» الباريسية المتخصصة في إدارة عمليات البيع العلنية. وقد عثرت قطع كثيرة على مشتريها منذ اليوم الأول للمزاد محققة مبلغا وصل إلى 550 ألف يورو، وهو رقم جيد نظرا لأن الحصيلة الإجمالية لكل أيام المزاد قدرت بمليون يورو.
بين القطع المعروضة للبيع خزائن وكراسي وأسرة من طراز لويس السادس عشر، والكثير من الستائر والشراشف الممهورة بأحرف الفندق والمناشف وقطع السجاد واللوحات والمزهريات والمئات من الصحون والأقداح وأطقم الشاي التي كانت تؤثث 138 غرفة وجناحا.
سبق لخبير المزادات فرنسوا تاجان أن قاد حفلات من هذا النوع لبيع الأثاث القديم لعدد من أكبر فنادق باريس التي مرت عليها يد التجديد. ومنها «الكريون» و«بلازا أتينيه» و«التريانون» و«جورج الخامس». وهو قد ورث المهنة من أبيه ورافقه فيها، وكان آخر الفنادق التي أشرف على بيع أثاثها في مزاد علني فندق «لوتيسيا» الشهير بحانته التي كانت المكان المفضل للقاءات الأدباء والفنانين ورجال الأعمال و.. الجواسيس.
بدأ مزاد «أوتيل دو باري» ببيع 65 قطعة كانت في جناح «ونستون تشرشل» والمسمى على اسم رئيس وزراء بريطانيا الأشهر. لقد كان من النزلاء المتعلقين بهذا المكان منذ أن حل فيه ذات يوم من نهايات الحرب العالمية الثانية، عام 1945. وفيما بعد، في ستينات القرن الماضي، اعتاد تشرشل أن يعود إلى موناكو وإلى جناحه الأثير فيها مدعوا من صديقه الثري اليوناني أوناسيس. وكان هذا الأخير يملك الحصة الأكبر من أسهم الشركة المالكة للفندق قبل أن يخرجه الأمير السابق رينيه من الشركة. وقد كان بين اللوحات التي بيعت في اليوم الأول من المزاد واحدة بريشة تشرشل، قدر لها سعر 500 يورو، لكن المزايدة عليها وصلت إلى 5600 يورو. وهناك صورة فوتوغرافية لرئيس الوزراء البريطاني في «شارتويل هاوس»، مأخوذة من الخلف، بيعت بمبلغ 9200 يورو بعد أن كانت مقدرة بـ100 يورو فحسب.
في اليوم الثاني بيعت طاولتان واطئتان على هيئة الصخرة التي تقع عليها موناكو، بمبلغ 15 ألف يورو، و17 ألف و550 يورو. وكانت هاتان الطاولتان موضوعتين في بهو الفندق في سنوات الخمسينات من القرن الماضي. كما بيعت السجادة الحمراء الكبيرة (10.5 متر في 6.8 متر) التي كانت مفروشة في المدخل بأكثر من 41 ألف يورو. وبحسب المشرفين على المزاد، فإن إحدى الزبونات سألتهم عن إمكانية قص جزء من السجادة لأنها أكبر من مساحة صالونها الذي تنوي فرشها فيه.
في اليوم الثالث للمزاد، أول من أمس، تفرقت على المشترين أواني مطعم الفندق الذي يديره الطباخ الشهير ألان دوكاس. ومع غروب شمس الجمعة، ستتركز الأنظار على واحدة من أهم قطع المزاد وهي لوحة للفنان أندريه لوفاسور كانت تزين صالة الاحتفالات السنوية الخيرية الراقصة في الإمارة، طوال 40 عاما.