الجزائر: «حركة مجتمع السلم» تخشى «تزوير» الانتخابات البرلمانية

TT

الجزائر: «حركة مجتمع السلم» تخشى «تزوير» الانتخابات البرلمانية

حذرت حركة «مجتمع السلم» الجزائرية (معارضة إسلامية) من «تزوير» الانتخابات البرلمانية المبكرة التي تعهد الرئيس عبد المجيد تبون بتنظيمها هذا العام، ودعت إلى «اتخاذ إجراءات تهدئة سياسية وقضائية، لتوفير بيئة سليمة، ومحفزة لاستقبال الاستحقاقات القادمة بإطلاق سراح معتقلي الرأي». وعقد الحزب الإسلامي الأكبر في البلاد، أمس، اجتماعاً لـ«مجلسه الشوري» بالعاصمة، لبحث مسودة قانون الانتخابات التي أعدتها الرئاسة وعرضتها على الأحزاب لإبداء الرأي فيها. وقال عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب، في مؤتمر صحافي سبق الاجتماع، إنه يتخوف من «أعمال التزوير التي طالت كل الاستحقاقات فيما مضى، ما نجم عنها أغلبية غير عاكسة لإرادة الشعب». في إشارة ضمناً إلى هيمنة الأحزاب الموالية للسلطة على غرفتي البرلمان.
وشدد مقري على «أهمية أن تبقى أجهزة الدولة على الحياد» في الاستحقاق المرتقب، وبدا غير مقتنع بدور «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، بذريعة أن تعيين رئيسها وتعيين أعضائها يتم بقرار من رئيس السلطة التنفيذية.
وأضاف مقري بخصوص اقتراحات حزبه بشأن مسودة قانون الانتخابات الجديد، أنها «تهدف إلى محاربة مكامن التزوير، وذلك من خلال إتاحة الكتلة الناخبة للأحزاب للتحقق منها، ووضع اللجان الانتخابية البلدية والولائية تحت وصاية السلطة الوطنية للانتخابات، وتغليظ عقوبة التزوير، لمنع أي تواطؤ بين المترشحين ومؤطري الانتخابات».
ويعتقد بأن الرئيس تبون سيوقع على مرسوم استدعاء الكتلة الانتخابية، إيذاناً بقرب موعد الاستحقاق التشريعي، وذلك بعد عودته من ألمانيا؛ حيث أجريت على قدمه عملية جراحية من تبعات الإصابة بـ«كورونا».
من جهته، دعا رئيس «مجلس شورى» الحزب الإسلامي، الوزير الأسبق عبد القادر سماري، في بيان إلى «تسريع اعتماد الأحزاب والجمعيات قيد التأسيس، وفتح المجال السمعي البصري العمومي والخاص، لجميع الأحزاب للتعبير عن مواقفها، بخصوص القضايا الوطنية والإقليمية والدولية». ولفت إلى «مخاطر محاولات تهديد الوحدة المجتمعية الراسخة للشعب الجزائري، بالاستقطاب الآيديولوجي والنزاعات العرقية، وخلق صراع وهمي بين مكونات الهوية الوطنية»، في إشارة إلى الخلاف الأزلي بين أنصار «تمسك الجزائر بأصولها الأمازيغية»، ومؤيدي «عروبتها وانتمائها الإسلامي».
يشار إلى أن مشروع تعديل قانون الانتخابات كان محل انتقاد قطاع من أحزاب المعارضة وأحزاب ناشئة، بحجة أنه «يشجع على بقاء حزبي السلطة: (جبهة التحرير الوطني) و(التجمع الوطني الديمقراطي)، مسيطرين على البرلمان». بينما اعتبرت جل أحزاب المعارضة نفسها غير معنية بهذا المشروع. ويرتقب أن يتم حل «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع)، (ولايته تنتهي العام المقبل)، وإجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية 2021.
وأكد «المجلس الشوري»، وهو أعلى هيئة ما بين مؤتمرين، أن «الحركة إذ تؤكد جاهزيتها لكل الاستحقاقات والمواعيد السياسية، فإنها تعتبر أن الجزائر أمام فرصة متجددة لتحقيق عتبة سياسية مقبولة للتوافق على رؤية مشتركة، لمقابلة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والإكراهات الإقليمية والدولية، وسانحة لتوسيع قاعدة الحكم، واسترجاع ثقة المواطنين في مؤسساتهم».
كما دعا «المجلس» السلطات إلى «تعزيز وتفعيل الدور الدبلوماسي، بما يحمي المواقف الثابتة للجزائر من الإكراهات الإقليمية الجديدة في الحدود الجنوبية والشرقية والغربية، ويوفر لها الفرصة لاختيار التحالفات الخادمة للمصالح السياسية والاقتصادية والأمنية والاستراتيجية للجزائر»، في إشارة – ضمناً - إلى التطورات الإقليمية الأخيرة، المتمثلة باعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، وإقامة علاقات بين المغرب وإسرائيل.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.