أمازيغ ليبيا يلوّحون باستحداث «إقليم جديد»

قيادات المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا خلال اجتماعهم في بلدية جادو أمس (بلدية جادو)
قيادات المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا خلال اجتماعهم في بلدية جادو أمس (بلدية جادو)
TT

أمازيغ ليبيا يلوّحون باستحداث «إقليم جديد»

قيادات المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا خلال اجتماعهم في بلدية جادو أمس (بلدية جادو)
قيادات المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا خلال اجتماعهم في بلدية جادو أمس (بلدية جادو)

لوّحت قيادات محلية تنتمي لمكون الأمازيغ في ليبيا باللجوء إلى استحداث إقليم إداري رابع، وكتابة وثيقة دستورية خاصة بهم، رداً على سمّوها «حقوقهم الضائعة وتهميشهم سياسياً»، معلنين رفضهم مسودة الدستور التي تم التوافق عليها في منتدى الحوار السياسي، و«مقاطعة الاستفتاء عليها في جميع مناطقهم».
واجتمع في مدينة جادو الجبلية الواقعة شمال غربي البلاد، قيادات المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا ومؤسسات مدنية ونشطاء وحقوقيون، مساء أول من أمس، معلنين رفضهم افتقار المسودة لمتطلبات حفظ الحقوق الثقافية والتاريخية للأمازيغ في ليبيا. كما أكدوا رفضهم القاطع مخرجات اللجنة القانونية التي انعقدت مؤخراً في مدينة الغردقة المصرية، بشأن الاستفتاء على مسودة الدستور «المبنيّ على المغالبة وليس التوافق»، لافتين إلى أنهم يؤيدون دستور «يُكتب داخل الوطن دون إملاءات خارجية»، ويلبّي طموحات الشعب الليبي بكل مكوناته وشرائحه.
وأشاروا إلى أن البلديات الأمازيغية في جبل نفوسة وزوارة وهي تتابع المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية، فإنها تدعم جميع الحلول السلمية، لإعادة الاستقرار الأمني لكل ربوع ليبيا، كما تؤكد «حقوق مواطنيها اللصيقة بالطبيعة البشرية».
ودعا المجتمعون في جادو «جميع المواطنين داخل الوطن وخارجه إلى مقاطعة الاستفتاء على المسودة»، داعين المفوضية العليا للانتخابات إلى اعتبار هذا البيان «قراراً رسمياً ينص على استبعاد مناطقهم من الاستفتاء على الدستور».
وأبدى المجتمعون أسفهم «لموقف إخوانهم في الدين والوطن لتجاهل حقوقهم المشروعة لتعزيز مبدأ الوحدة الوطنية»، متابعين: «هذا الأمر يدفعنا لاتخاذ خطوات عملية لاستحداث إقليم إداري رابع، وكتابة وثيقة دستورية خاصة بنا».
في السياق ذاته، رأت الدكتورة ربيعة عبد الرحمن أبوراص، الممثلة للأمازيغ في ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن «عدم الاكتراث بالأصوات المنادية والرافضة لمسودة الدستور يؤثر تأثيراً جوهرياً على شرعية الإصلاحات الدستورية والسياسية والأمنية والاقتصادية، ويؤزّم الوضع الراهن»، وذهبت إلى أن «عملية الإصلاح ينبغي ألا تشمل السلطات العامة ورأي الأغلبية فقط، بل يجب أن تتضمن جميع قطاعات المجتمع، بما فيها (الشعوب الأصلية) والأقليات القبلية والجهوية، والمنظمات غير الحكومية، والأوسـاط الأكاديمية، والأحـزاب السياسية، والمنظمات الإعلامية».
ووصفت ربيعة في بيان لها، أمس، اجتماع مكونات الأمازيغ في مدينة جادو بـ«التاريخي»، وقالت إن «الإصلاحات الدستورية لا تنتهي باعتماد دستور جديد يمرَّر في ظروف مبهمة، ولأجل مصالح شخصية وسلطوية تعيق حركة التقدم الديمقراطي والإنساني». ورأت أن «ما يجري من حراك وطني رافض للإقصاء والتهميش والمغالبة والطمس يجب ألا يلهم المشرعين الوطنيين ويرشدهم بشكل عام فحسب، بل يجب اعتبار المواقف الرافضة من (مكونات ليبية أصيلة) معياراً لتقييم الحلول القانونية والسياسية التي تُعتمد على المستوى المحلي».
وينظر العديد من الليبيين إلى تلويح الأمازيغ باستحداث إقليم رابع، إلى جانب برقة وفزان وطرابلس على أنه تهديد للوحدة الوطنية. ووصف أحمد عبد الحكيم حمزة، مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا‏، إعلان القيادات الأمازيغية بأنها «دعوة صريحة للانفصال وتقسيم ليبيا، بداعي العمل على نيل الحقوق الضائعة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».