«محاكمة زيوس»... استعادة الوجه الإنساني للأساطير الإغريقية

مسرحية تطرح أسئلة وجودية بشأن المعرفة والحرية والشر

لقطتان من العرض المسرحي «محاكمة زيوس»
لقطتان من العرض المسرحي «محاكمة زيوس»
TT

«محاكمة زيوس»... استعادة الوجه الإنساني للأساطير الإغريقية

لقطتان من العرض المسرحي «محاكمة زيوس»
لقطتان من العرض المسرحي «محاكمة زيوس»

هل من مصلحة الإنسان أن يقرر مصيره بنفسه أم لا بد من وجود قواعد مسبقة يسير عليها؟ وهل الشر أصيل في النفس البشرية أم هو عابر ومؤقت؟ وهل المعرفة يجب منحها بالكامل للبشرية أم يجب إخفاء بعض الحقائق عنها حتى لا تشتعل الحياة على الأرض بمزيد من الحروب والصراعات والدمار؟
يوقظ العرض المسرحي «محاكمة زيوس»، المستمر حتى الرابع من فبراير (شباط) المقبل على مسرح الهناجر بالقاهرة يومياً ما عدا الاثنين، مثل هذه الأسئلة الوجودية الكبرى من سباتها العميق، ليخرج المتفرج من حالة الجمود التي وضعته فيه ضغوط الحياة اليومية ويمنحه فرصة ذهبية لفتح آفاق مختلفة من التفكير والانبهار وإعادة النظر في كثير من الأشياء التي كانت تبدو له منذ قليل حقائق وثوابت لا غبار عليها.
ووفقاً لكتاب «الآلهة والأبطال في اليونان القديمة» للمؤرخ أ. نيهاردت والصادر في دمشق 1994 بترجمة لهاشم حمادي، فإن أساطير الإغريق تمت صياغتها وفق خيال بشري محض. وبالتالي، فإن أسطورة «زيوس» الذي يُلقب في قصص خوارق الطبيعة بـ«أبو الآلهة والبشر» تتلخص في أن رب الزمن والشيخوخة «كرونوس» استطاع أن ينتزع العرش من أبيه «أورانوس» رب مملكة السماء، وحين أنجب أصبح يخشى أن يفعل معه أولاده ما فعله هو مع أبيه، فلجأ إلى حل بسيط يتمثل في ابتلاع أطفاله الخمسة من زوجته «ريا» وهم «هستيا» ربة النار، و«ديمترا» ربة الجمال والخصب و«هيرا» ربة الزواج والولادة و«هاديس» رب الظلام والعالم السفلي و«بوسديون» رب البحار. وعندما ولدت «ريا» طفلها السادس «زيوس» قامت بإخفائه في جزيرة كريت حتى لا يلقى مصير أقرانه وقدمت لأبيه حجراً في لفافة فابتلعه على أنه ابنه الرضيع. وفي الجزيرة قامت عائلة من الرعاة البسطاء برعايته، في حين تقول رواية أخرى أن بعض «حوريات البحر والغابة» هن من كن يجلبن اللبن والعسل له، وهكذا كبر زيوس ليصبح من يحكم آلهة جبل الأوليمب بعد صراعات دموية مع أبيه وأشقائه باعتباره الوريث، كما أنه هو رب السماء والصاعقة والمتحكم في قوى الطبيعة الرهيبة كالبرق والرعد ونظيره في الميثولوجيا الرومانية هو «جويبتر».
ويقول المخرج وبطل العرض عمرو قابيل، إن صناع العمل حرصوا على وجود مراجعة تاريخية للنص عبر الأكاديمية المتخصصة الدكتورة نادية البنهاوي باعتبارها أستاذة الأدب الإغريقي بهدف المصداقية، وحتى يكون الخيال في العمل مستنداً إلى حقائق موثقة، مؤكداً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، «إن الإقبال الشديد على المسرحية في ظل الإجراءات الاحترازية المشددة التي تفرضها جائحة كورونا يؤكد بما بلا يدع مجالاً للشك وجود جمهور متعطش للمسرح الراقي، الجاد والمختلف الذي يدعو المتلقي إلى إعمال العقل وفق معادلة تجمع بين متعة الفرجة وعمق المضمون».
اعتمد العمل على فكرة بسيطة للغاية تتمثل في نزعة الهالة التي تصبغها الأساطير الإغريقية على «زيوس» من حيث القوى الخارقة، وامتلاك إجابة عن كل سؤال واستعادة الوجه الإنساني له باعتباره بشراً يصيب ويخطئ، ومن ثم تجرى وقائع محاكمته ومساءلته من خلال طرح التساؤلات الخاصة بالوجود والمصير الإنساني، تتراوح الحالة النفسية لزيوس بين الفخر والخجل، القوة والضعف، الحكمة والارتباك، كما نراه يطرح أسئلة ذات صبغة فلسفية من نوعية... لماذا نقسو على من يحملون إلينا الرحمة؟ ولماذا نحاكم من يموتون من أجلنا؟ وتمتد اعترافات زيوس لتشمل قصص الحب في حياته، حيث يدافع عن نفسه حين أقام علاقات عاطفية خارج مؤسسة الزواج بأنه كان فقط يبحث عن «الحب المتبادل».
المسرحية من تأليف الكاتبة اللبنانية سونيا بوماد، في حين قامت الفنانة المخضرمة سوسن بدر بالأداء الصوتي لشخصية «عرافة المعبد» في نبرة تجمع بين العمق والسلاسة، خصوصاً أن كلماتها كانت تضع الإنسان أمام مسؤولياته عن أفعاله حتى لا يبرر إقدامه على الشر بوجود قوى خارقة تدفعه إلى ذلك. امتزجت الديكورات التي صممها عمرو الأشقر مع أزياء ريم شاهين، بالإضافة إلى الأداء الحركي لمروة مصطفى لترسم لوحة شديدة القوة والتعبير استطاعت أن تجسد بالفعل أجواء الأساطير الإغريقية قبل آلاف السنين؛ ما أضفى مصداقية على العمل وساعد على دخول المتفرج في العمل تاريخياً ونفسياً بسرعة وسلاسة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.