قدري جميل لـ«الشرق الأوسط»: اتفقنا على الأوضاع الإنسانية.. ومناقشة الحل السياسي لاحقا

ممثل الجبهة الشعبية أكد جدية العمل على تغيير النظام بشكل سلس

د. قدري جميل، ممثل الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير السورية المعارضة
د. قدري جميل، ممثل الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير السورية المعارضة
TT

قدري جميل لـ«الشرق الأوسط»: اتفقنا على الأوضاع الإنسانية.. ومناقشة الحل السياسي لاحقا

د. قدري جميل، ممثل الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير السورية المعارضة
د. قدري جميل، ممثل الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير السورية المعارضة

أعرب د. قدري جميل، ممثل الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير السورية المعارضة نائب رئيس الحكومة السابق، عن ارتياحه لنتائج عمل الأيام الأربعة التي استغرقتها مباحثات ممثلي مختلف فصائل المعارضة في ما بينهم من جانب، ومع الوفد الحكومي السوري من جانب آخر. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن المنتدى كان أول لقاء مباشر جمع مختلف أطياف المعارضة منذ بداية الأزمة السورية، مما يعني أن اللقاء جمع السوريين نظاما ومعارضة، حكومة ومعارضة».
وأضاف أنه إذا كان النظام أعد لقاء تشاوريا في يوليو (تموز) 2011، فإن حضور المعارضة كان طفيفا بسبب مقاطعة الكثيرين، وكانت الأزمة السورية في بدايتها، مما جعله يبدو أقرب إلى اللقاء الشعبي من كونه لقاء لمعارضين. أما اللقاء الثاني فكان في جنيف واقتصر على فصيل واحد، بمعنى احتكار تمثيل المعارضة، كما أنه كان غير مباشر أي من خلال وسيط. ومن اللافت للنظر أن الذي كان وحيدا في جنيف 2 (ويقصد به الائتلاف الوطني السوري)، كان أيضا وحيدا في مقاطعته عمليا لمشاورات موسكو».
وطالب جميل بضرورة التكيف مع الواقع الجديد، ونوه بأن «جنيف 2» فشل بسبب التمثيل الأحادي فيه للمعارضة السورية. وقال إنه وعلى الرغم من أن لقاء موسكو كان لقاء غير رسمي، تشاوريا وقصيرا، فإنه «جمع أطيافا واسعة من المعارضة ممن لم يشاركوا في السابق». وأكد اللقاء على الوعي بضرورة طرح الحلول السياسية بين السوريين. ومضى ليقول «إن لقاء موسكو تحضير لعملية مديدة لن تتوقف إلا مع بدء الحل السياسي وإنجازه».
وحول المشاكل التي صادفها المجتمعون في هذا اللقاء، قال جميل إن المجتمعين لم يواجهوا أي مشاكل، وإنما ركزوا مشاوراتهم حول كيفية بدء الحوار والآليات والعناوين المحتملة «لذلك اتفقنا على إعطاء الروس صلاحية تشكيل لجنة متابعة، لأن الروس وسيط نزيه بيننا نثق به لإعداد لقاء آخر في موسكو مع جدول أعمال في غضون شهر». وأضاف أن الاجتماع المقبل سيكون فرصة لدعوة الأطراف التي لم تحضر لقاء «موسكو 1»: «ومن المفروض أن تجرى الاستفادة من (ثغرات) هذه التجربة».
أما عن انطباعاته عن مدى إيجابية الوفد الحكومي في النقاشات التي تمت، فقال جميل إن الوفد الحكومي لديه «صلاحيات محددة وليست محدودة». وقد صرح بأنه ينظر إلى جميع المعارضين كشركاء، كما أنه من الواجب العمل معه من أجل الوصول إلى نصف المسافة بين الطرفين.
ويتفق قدري جميل مع ما قاله سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في لقائه أول من أمس مع المشاركين في منتدى موسكو، حول ضرورة إقدام كل الحاضرين على التنازلات المتبادلة وبلوغ الحلول الوسطى. وقال جميل «اتفقنا على إرجاء النقاط الخلافية». واستدرك بقوله «إلا أن هناك نقاطا اتفقنا على عدم إرجائها وهي الملفات العاجلة في سوريا، مثل القضايا الإنسانية، كالإفراج عن المعتقلين السياسيين، والإغاثة، والمناطق المحاصرة والمخطوفين». أما ما يخص الحل السياسي فقال إنه «تأجل إلى حين»، لضرورة التركيز على الأوضاع الإنسانية التي تظهر نتائجها مباشرة.
وانتقد جميل التعليقات التي تحدثت عن فشل لقاء موسكو حتى قبل أن يبدأ بقوله «هذا الكلام متسرع. اللقاء حقق الهدف المطلوب منه ولم يفشل كما ادعى من لم يشاركوا فيه». وتابع «كلنا متفقون على أن المشاورات تجرى تحت سقف بنود (وثيقة جنيف 1)، وإن كانت تتضمن قضايا تحتاج إلى تفسير بسبب ما يكتنفها من غموض مقصود، مثل (تشكيل الهيئة الانتقالية)، فهناك من يفسرها على أنها (رحيل الرئيس)، بينما يفسرها آخرون على أنها تنتهي بتشكيل (حكومة وطنية موسعة)، وهذا الموضوع غير مفسر، وقلت في الاجتماع إننا كسوريين يجب أن نقوم بتفسيره، نظرا لأننا إذا لم نفعل ذلك فسوف يأتي آخرون لتفسير هذه النقطة. ولذا يجب الاتفاق حول ذلك بشكل واضح وشفاف». وقال جميل بضرورة وجود ضمانات من جانب الأصدقاء، وبما يكفل بناء الثقة بين كل الأطراف، وهو ما يتطلب المزيد من الوقت والجهد لإقرار الحل السياسي.
وعما يقال حول انخفاض سقف المطالب والتوقعات في موسكو من جانب بعض المشاركين خشية تعرضهم للملاحقة في الداخل بعد عودتهم إلى الوطن، نفى جميل هذا الادعاء وقال إن ذلك ليس صحيحا.. «فنحن نطالب علنا بالتغيير الشامل للنظام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ونحن موجودون في الداخل في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير».
وحول مطلب تنحية الرئيس بشار الأسد قال الدكتور قدري جميل «توجد بعض الفصائل اليمينية التي تطالب فقط بترحيل الرئيس. ترحيل الرئيس قضية فوقية لا تمس جوهر النظام. نحن نريد إعادة النظر في ذلك. الخطر في هذا الحديث أنه يجري لخداع الناس بأنه إذا تغير الرئيس فذلك يعني تغيير النظام، وهذا ما لن نسمح به». وتابع «إننا جادون في تغيير النظام بشكل سلس وتدريجي سريع». وكررها مبتسما «تدريجي سريع»، فيما أضاف أنه «لن تكون هناك مشكلة في ذلك، إذ إن الشعب استطاع أن يقول كلمته ويختار من يريد في ظل المنظومة الجديدة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».