الادعاء على حاكم «مصرف لبنان» بشأن سوء إدارة الدولار المدعوم

حاكم «مصرف لبنان المركزي» رياض سلامة (أ.ب)
حاكم «مصرف لبنان المركزي» رياض سلامة (أ.ب)
TT

الادعاء على حاكم «مصرف لبنان» بشأن سوء إدارة الدولار المدعوم

حاكم «مصرف لبنان المركزي» رياض سلامة (أ.ب)
حاكم «مصرف لبنان المركزي» رياض سلامة (أ.ب)

ادعت النائبة العامة الاستئنافية في محافظة جبل لبنان القاضية غادة عون، اليوم (الخميس)، على حاكم «مصرف لبنان»، رياض سلامة، ومسؤولة في البنك المركزي، بجرم «الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة» في عملية إدارة الدولار المدعوم، وفق ما أفاد به مصدر قضائي وكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المتمادي منذ العام 2019؛ فقدت الليرة نحو 80 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء، فيما لا يزال السعر الرسمي مثبتاً عند 1507 ليرات، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد المستوردة، خصوصاً الغذائية منها.
وفي محاولة للحدّ من غلاء الأسعار في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، أقرّ «مصرف لبنان» في مايو (أيار) الماضي آلية يوفّر بموجبها الدولار المدعوم؛ أي وفق سعر صرف 3900 ليرة، لدعم استيراد المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية لصناعتها.
وقال المصدر القضائي إن عون ادعت على سلامة ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف، مايا دباغ، بجرم «الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة»، كما ادعت على ميشال مكتّف، وهو صاحب شركة بارزة تستورد الدولار من الخارج، وعلى الصرّاف عبد الرحمن الفايد بجرم مخالفة قرار إداري، وإحالتهم جميعاً إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور لاستجوابهم. وأوضح أن الادعاء «مبني على معطيات تفيد بأن عملية صرف الدولار المدعوم لم تذهب كلّها في الاتجاه المحدد لها»؛ أي دعم استيراد المواد الغذائية الأساسية؛ بل «جرى توزيع مبالغ كبيرة على صرافين محظيين حققوا أرباحاً طائلة على حساب دعم الأسر الفقيرة». وكشف أن قيمة «المبالغ التي ذهبت إلى جيوب صرافين ومؤسسات مالية تفوق 5 ملايين دولار» في وقت يرزح فيه لبنان تحت عبء أسوأ أزماته الاقتصادية.
ويواجه سلامة؛ الذي كان يعدّ على مدى سنوات عراب استقرار الليرة، ضغوطاً متزايدة، وتحمّله جهات سياسية في لبنان مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وتنتقد بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها بوصفها راكمت الديون. إلا أنه دافع مراراً عن نفسه، قائلاً إن المصرف المركزي «موّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال».
وتسلّم القضاء اللبناني الأسبوع الماضي مراسلة من القضاء السويسري تتضمّن طلب مساعدة في تحقيق جنائي يجريه بشأن تحويلات مالية من لبنان.
وتتطرق المراسلة، وفق ما قال مصدر قضائي لبناني، إلى تحويلات بقيمة 400 مليون دولار، تخصّ سلامة وشقيقه ومساعدته ومؤسسات تابعة لـ«المصرف المركزي»؛ بينها «شركة طيران الشرق الأوسط» و«كازينو لبنان».
إلا إن النيابة العامة الفيدرالية في سويسرا أوضحت أن طلبها مرتبط «بتحقيق حول غسل أموال على ارتباط باختلاس أموال محتمل من (مصرف لبنان)» من دون أن تذكر أسماء المشتبه بهم.
وكرّر سلامة التأكيد على أن «أي تحويلات لم تحصل من حسابات لـ(مصرف لبنان) أو من موازناته».
ويتهم محللون ومراقبون زعماء سياسيين ومسؤولين بينهم سلامة، بتحويل مبالغ ضخمة من حساباتهم إلى الخارج، إثر مظاهرات شعبية غير مسبوقة بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ضد الطبقة السياسية، رغم فرض قيود مصرفية مشددة تمنع التحويلات المالية إلى الخارج.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.