«الحركة الإسلامية» في إسرائيل تنسحب من «القائمة المشتركة»

على خلفية التفاهمات مع نتنياهو

«المشتركة» تحتفل بفوزها في الانتخابات الإسرائيلية خلال مارس الماضي (أ.ف.ب)
«المشتركة» تحتفل بفوزها في الانتخابات الإسرائيلية خلال مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الحركة الإسلامية» في إسرائيل تنسحب من «القائمة المشتركة»

«المشتركة» تحتفل بفوزها في الانتخابات الإسرائيلية خلال مارس الماضي (أ.ف.ب)
«المشتركة» تحتفل بفوزها في الانتخابات الإسرائيلية خلال مارس الماضي (أ.ف.ب)

وسط إحباط جماهيري من الخلافات والتوتر على الساحة العربية الانتخابية في إسرائيل (فلسطينيو 48)، فشلت جهود رئيس «لجنة المتابعة العربية العليا»، محمد بركة، وغيره من الشخصيات، لإنقاذ «القائمة المشتركة» من التفكك. وبعد ساعات قليلة من الاجتماع، مساء أمس الأربعاء، ببيته في «شفا عمرو»، أعلن رؤساء الأحزاب العربية عن انسحاب «الحركة الإسلامية»، من دون أن يستبعدوا محاولات أخرى لإعادتها.
وقالت مصادر مقربة من الأطراف إن «القائمة العربية الموحدة» و«الحركة الإسلامية»، برئاسة النائب منصور عباس، قدمتا، أمس الأربعاء، طلباً إلى لجنة الكنيست بالانفصال عن «القائمة المشتركة»، وبذلك أعطت الإشارة الأولى لتفكيك الوحدة. وقد اتهمها الفرقاء الآخرون في «المشتركة» بالإقدام على خطوة انقسامية صريحة، لكن «الحركة الإسلامية» نفت ذلك، وقالت إن هذا مجرد إجراء تقني متّبع في كل انتخابات، من أجل تسهيل ترتيب العمل في صناديق الاقتراع يوم الانتخابات بين مركبات «المشتركة».
وقالت «الحركة الإسلامية» إنها متمسكة بـ«القائمة المشتركة» وبالوحدة، «والدليل على ذلك؛ أننا أبلغنا رؤساء الأحزاب الثلاثة استعدادنا قبول الشرط الذي وضعوه، وهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هو خط أحمر، والتزمنا بألا نوصي رئيس الدولة بتكليفه بتشكيل الحكومة. وقلنا إن هذا يتماشى مع نهجنا بألا نكون في جيب أحد. ولكن، بالمقابل قدمنا مطلبين، لا يمكننا قبول الشراكة من دونهما؛ الأول: أن تعلن (المشتركة) مع أي من الأحزاب اليهودية الأخرى مستعدة أن تتعامل لتحصيل مطالب مجتمعنا العربي الحارقة. والثاني: أن تعلن (المشتركة) بوضوح أنها لن تصوّت إلى جانب قوانين تخالف عقيدة مجتمعنا المحافظ».
وعدّ أحد قادة «المشتركة» المطلبين تعجيزيين. وقال إن «(الحركة الإسلامية) متفقة مع نتنياهو على الشراكة بينهما بعد الانتخابات، وهي تغطي على ذلك بطرح مطالب جانبية. ففي موضوع الأحزاب التي سنتعاون معها بعد الانتخابات، يبتّ به بعد الانتخابات عندما تكون الصورة واضحة، وسنعرف أي أحزاب تبقى. وأما عقيدة مجتمعنا، فهي قضية تتعلق بمشكلة افتعلوها لنا عندما طرح قانون يمنع تعذيب المثليين وفرض علاج قسري عليهم... راحوا يهاجموننا هم والمتدينون اليهود بدعوى أننا نؤيد المثلية. وهم بذلك يشوهون موقفنا حتى يثيروا الناس ويلهوها عن القضايا الكبرى ويغطوا على علاقاتهم مع نتنياهو».
وفي اجتماع «شفا عمرو»، أمس، واصلت مركبات «القائمة المشتركة»؛ («التجمع»، و«الجبهة»، و«العربية للتغيير»، و«الإسلامية الجنوبية») محاولاتها، من أجل تسوية الخلافات وعودة اللحمة إلى «القائمة المشتركة». لكن الجهود فشلت؛ فـ«الإسلامية» تمسكت بشروطها، والأحزاب الأخرى عدّتها شروطاً تخريبية للتغطية على ارتباط «الإسلامية» برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ولا يستبعد المراقبون أن يواصل منصور عباس و«الحركة الإسلامية الجنوبية»، مع أطر وشخصيات عدة، تشكيل تحالف بديل لـ«المشتركة». وذكرت مصادر سياسية أن عباس التقى مع مازن غنايم، رئيس بلدية سخنين السابق والرئيس السابق لـ«لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية»، لينضم إلى قائمة مستقلة مع «الإسلامية». وقد أكد غنايم، أمس، أنه اجتمع مع منصور عباس في الأيام السابقة، «ولكن لم يتم الاتفاق على شيء». كما كشف النقاب عن اتصالات بين عباس وحزب «ناصرتي»، بغرض التحالف في الانتخابات المقبلة.
في المقابل، اتفقت الأحزاب الثلاثة الأخرى من «المشتركة» على الإبقاء على «القائمة» حتى لو انسحبت منها «الحركة الإسلامية». وفي هذه الحالة سيخوض العرب الانتخابات منقسمين، وقد بات واضحاً من الآن أن انقساماً كهذا سيؤدي إلى خسارة فادحة؛ فقسم كبير من الناخبين العرب سيمتنع عن التصويت، وقسم منهم سيصوت للأحزاب اليهودية، ويتوقع أن يحصل كل من «ميرتس» و«الليكود» على مقعد واحد من العرب. وسبق أن حدث هذا الأمر في عام 2019 عندما كانت «المشتركة» ممثلة بـ13 مقعداً؛ إذ دبت فيها الخلافات على أسس شخصية، بالأساس، وانقسمت إلى مجموعتين، وكانت النتيجة أن القائمتين معاً حصلتا على 10 مقاعد، أي إنهما خسرتا 3 مقاعد. وعندما تعلم الأطراف الدرس واتحدوا من جديد؛ حصلوا على 15 مقعداً.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.