الجزائر: سخط حكومي على برنامج تناول «التطبيع الرياضي مع إسرائيل»

أثار برنامج تلفزيوني جزائري تناول عرضاً لـ«التطبيع الرياضي مع إسرائيل» حفيظة هيئة مختصة في مراقبة الفضائيات لحساب الحكومة؛ إذ احتجت على ما سمته «مسّاً بالمصلحة والأمن العموميين، وخدمة لمصالح وأجندات مشبوهة».
وقالت «سلطة ضبط النشاط السمعي البصري»، في بيان صدر ليل الثلاثاء، إنها «تحذر بعض القنوات التلفزيونية الجديدة، التي تبث برامجها دون ترخيص صادر عن وزارة الاتصال»، مؤكدة «احتفاظ الوزارة بحقها في مقاضاة كل من لا يمتثل لمقتضيات القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري»، في إشارة، ضمناً، إلى فضائية «لينا»، التي أُطلقت منذ شهر من طرف صحافيين ومذيعين، اشتغلوا سابقاً في فضائيات عدة. وبحسب الهيئة؛ المستقلة قانوناً لكنها تابعة عملياً للحكومة، «فقد ظهرت قنوات تلفزيونية جديدة، تبث برامجها من دون اعتماد أو ترخيص»، وقالت إن من مهامها «المراقبة والسهر على احترام المبادئ والقواعد، المطبقة على النشاط السمعي البصري».
وتحدث البيان عن «فوضى»، لافتاً إلى أن «القنوات التي تعمل خارج الإطار القانوني كثيراً ما تتناول مواضيع حساسة، تثير استياء الرأي العام، وتتطرق إلى طابوهات تمس بالمصلحة والأمن العموميين، وتخدم مصالح وأجندات مشبوهة». وفهمت من ذلك قضية مثيرة تفاعل معها عدد كبير من النشاطين في شبكات التواصل الاجتماعي، تتعلق بتناول موضوع «التطبيع الرياضي مع إسرائيل».
ففي سهرة الخميس الماضي، بث برنامج عنوانه: «صرا ما صرا»؛ (حدث ما حدث)، على قناة «لينا»، نقاشاً حول أحداث جارية في البلاد وفي بلدان مجاورة، وفجأة قال صحافي كان ضمن الحاضرين إنه يعارض موقف كثير من الجزائريين بشأن رفض مواجهة كروية محتملة مع إسرائيل في منافسة كبيرة، ككأس العالم لكرة القدم. ورد عليه صحافي كان معه في البرنامج بأن موقفه «يحسب على المطبعين»، وأن ذلك بمثابة «خيانة» لدى غالبية الجزائريين. وعرف البرنامج مشادات كلامية حادة بين مؤيد ومعارض لموقف الصحافيين «المتعاركين»، امتدت إلى المنصات الرقمية الاجتماعية، التي تنشر ما يثير في العادة ردود فعل الحكومة.
وأضاف بيان «السلطة» متهجماً على «لينا»، دون ذكرها بالاسم: «هذه القنوات تخلت عن الحياد والموضوعية، ولم تمتنع عن خدمة مآرب وأغراض مجموعة مصلحية؛ سواء كانت سياسية أو اقتصادية، دون أدنى احترام لأخلاقيات المهنة، وهمها الوحيد هو الشهرة وتحقيق الربح المادي، وأعلى نسبة من المشاهدة، حتى لو كان على حساب حق المشاهد في برامج متنوعة وذات جودة».
وتابع البيان موضحاً أن الإعلام السمعي البصري «هو حالياً رهينة غايات تجارية وأهداف مادية محضة، تُوقع الصحفيين، تحت شعار حرية التعبير، في فخ الذاتية وعدم المسؤولية، وتحيدهم عن الأهداف النبيلة للإعلام الثقيل، وتخضعهم للأطماع المادية على حساب القيم الوطنية، والثوابت والمواقف الدبلوماسية للبلاد».
يذكر أن السلطات أغلقت فضائيتين في السنوات الأخيرة، هما «أطلس تي في»، و«الوطن تي في»، بقرارات إدارية، ودون اللجوء إلى القضاء، وذلك على خلفية برامج انتقدت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. فيما ترفض الحكومة تمكين الفضائيات من ترددات البث، التي توزعها شركة حكومية للتلفزيون العمومي فقط.
ويوجد في المشهد الإعلامي الجزائري نحو 20 فضائية خاصة، تدفع حقوق البث عبر الساتل بالعملة الصعبة لمؤسسات موجودة بالخارج، بينما تمنع قوانين البلاد تصدير أكثر من 7 آلاف دولار إلى الخارج، ومع ذلك غضت السلطات الطرف عن ذلك، منذ إنشاء أولى الفضائيات عام 2012.
يذكر أن الإعلانات الحكومية تمثل أكثر من 65 في المائة من سوق الإشهار الموجه للإعلام، وهي مصدر الدخل الأساسي للصحف والفضائيات الحكومية والخاصة.