بلينكن يباشر عمله بالتشديد على استعادة الدور القيادي الأميركي

بحث مع نظيره البريطاني سبل التصدي لإيران والتعاون بخصوص الصين

وزير الخارجية الجديد يؤدي القسم بعد المصادقة على تعيينه أمس (رويترز)
وزير الخارجية الجديد يؤدي القسم بعد المصادقة على تعيينه أمس (رويترز)
TT

بلينكن يباشر عمله بالتشديد على استعادة الدور القيادي الأميركي

وزير الخارجية الجديد يؤدي القسم بعد المصادقة على تعيينه أمس (رويترز)
وزير الخارجية الجديد يؤدي القسم بعد المصادقة على تعيينه أمس (رويترز)

باشر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يومه الأول بشحذ هِمم الدبلوماسيين الأميركيين والعاملين معهم، من أجل إعادة الاعتبار لحضور الولايات المتحدة ودورها القيادي عبر العالم، واضعاً نصب عينيه تشكيل فريق متنوع، في افتراق واضح لإدارة الرئيس جو بايدن عن نهج «أميركا أولاً» الذي اعتمدته إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.
وفي خطاب أمام الدبلوماسيين الأميركيين خلال يومه الأول كوزير للخارجية، قال بلينكن: «هذا يوم جديد لأميركا، وهذا يوم جديد للعالم»، مذكراً بدخوله الأول إلى الوزارة قبل 28 عاماً والتجربة التي عايشها منذ ذلك الحين. وأشار إلى «أهمية الاستماع إلى العاملات والعاملين في الوزارة عند التفكير بموقع أميركا في العالم وبالسياسة الخارجية الأميركية»، مضيفاً أنه يأخذ عملهم بجدية بالغة و«كوزير للخارجية لن أحبطكم». وإذ أقر بأنه الوزارة لم تعد كما كانت عندما تركها قبل أربع سنوات، مشيراً إلى أن فيروس «كورونا» قتل خمسة موظفين من الوزارة و42 عاملاً فيها عبر العالم. وأكد أن الرئيس جو بايدن مصمم على «إعادة الأمور إلى طبيعتها» في أقرب فرصة. ودعا إلى بناء وزارة خارجية تعكس التنوع في المجتمع الأميركي لتعيد اعتبار أميركا وقيمها ومثلها الديمقراطية في العالم.
وبمجرد المصادقة على تعيينه، أجرى بلينكن أولى مكالماته كوزير للخارجية، فتحدث مع نظيره الكندي مارك غارنو، مشدداً على «الشراكة الوثيقة» بين الولايات المتحدة وكندا. وقال إنه يتطلع إلى العمل عن كثب مع غارنو لتنشيط اقتصاداتنا وتعزيز الشراكة الأوسع في أميركا الشمالية والتصدي للتحديات المشتركة، بما في ذلك (كوفيد - 19) وتغير المناخ»، وفقاً لبيان أصدرة الناطق باسم الوزارة نيد برايس.
كذلك، تحدث بلينكن مع نظيره المكسيكي مارسيلو إبرارد لتأكيد «اهتمامنا المشترك بالأمن والتكامل الاقتصادي، بالإضافة إلى تركيزنا على نهج منظم وإنساني للهجرة». وناقشا العلاقة الثنائية التي تعود إلى نحو 200 عام.
وفي محادثة أخرى مع نظيره الياباني توشيميتسو موتيغي، أكد الوزيران أن التحالف بين البلدين «هو حجر الزاوية للسلام والأمن والازدهار لمنطقة المحيطين الهندي والهادي المفتوحة وفي كل أنحاء العالم»، علما بأن بلينكن سلط الضوء أيضاً على أهمية استمرار التعاون بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية. وكرر هذه النقطة في محادثة منفصلة مع وزير الخارجية الكوري الجنوبي كانغ كيونغ وها، مشدداً على «القوة والأهمية الدائمة للتحالف» بين البلدين، لأنه «محور السلام والأمن والازدهار من أجل منطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة وفي كل أنحاء العالم». ودعا إلى نزع السلاح النووي لدى كوريا الشمالية.
كما تحدّث بلينكن مع نظيره البريطاني دومينيك راب، الذي قال في تغريدة إنهما بحثا أولويات السياسة الخارجية، والطموح المشترك لمكافحة التغير المناخي وإعادة البناء بشكل أفضل بعد جائحة «كوفيد - 19». إلى ذلك، ناقش الوزيران، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» عن متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، سبل التصدي لـ«السلوك المزعزع للاستقرار» من جانب إيران، ودفع الصين إلى الالتزام بتعهداتها الدولية. كما اتفق الوزيران على «الحاجة الملحة» لتعزيز «نظام دولي قائم على سيادة القانون وحقوق الإنسان».
وكان مجلس الشيوخ صادق بأكثرية 78 صوتاً مقابل 22 على تعيين بلينكن (58 عاماً) ليصبح الوزير الرقم 71 للخارجية الأميركية التي تأسست قبل 231 عاماً، في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة اختبارات على جبهات متعددة، بما في ذلك جائحة «كوفيد - 19» التي فتكت حتى الآن بنحو 2.1 مليوني شخص في كل أنحاء العالم، وبينهم أكثر من 400 ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها، ودمرت الاقتصادات في العديد من الدول، بالإضافة إلى التحديات الناشئة من صعود الصين، ومن تصاعد التوتر في الشرق الأوسط بسبب عدوانية إيران حيال جيرانها. وبذلك صار بلينكن مكلفاً أيضاً بتنفيذ التزام الرئيس جو بايدن عكس عقيدة إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب «أميركا أولاً» التي أضعفت التحالفات الدولية للولايات المتحدة. ومرت المصادقة على بلينكن بسلاسة، إذ عبر عدد من الجمهوريين عن سعادتهم بعدد المرات التي توافق فيها بلينكن معهم، ولا سيما إقراره بأن الرئيس السابق دونالد ترمب كان محقاً في اتخاذ موقف أكثر حزماً حيال الصين، على الرغم من اختلافه مع بعض التكتيكات التي استخدمتها الإدارة السابقة، وإشارته أيضاً إلى أنه سيدعم الإبقاء على بعض العقوبات المتعلقة بالإرهاب على النظام الإيراني رغم رغبة إدارة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، الذي انسحب منه ترمب عام 2018.
وبعيد المصادقة على تعيينه، أدى بلينكن اليمين في حفل خاص أقيم في وزارة الخارجية. وكرر ما قاله سابقاً: «لا تزال القيادة الأميركية مهمة» في العالم، مضيفاً أنه «عندما لا نكون منخرطين، عندما لا نقود، فمن المحتمل أن يحدث أحد أمرين. إما أن تحاول دولة أخرى أن تحل محلنا، ولكن ليس بطريقة من المرجح أن تعزز مصالحنا وقيمنا. وإما ربما بالسوء ذاته، لا أحد يفعل ذلك، ثم تنتشر الفوضى». وتعهد أن تتعامل إدارة بايدن مع العالم بكل تواضع وثقة، قائلاً: «لدينا قدر كبير من العمل للقيام به في الداخل لتعزيز مكانتنا في الخارج».
في الوقت ذاته، جادل بلينكن أن أميركا يجب أن تكون منفتحة على التعاون مع خصوم مثل الصين وروسيا، وبخاصة فيما يتعلق بالتحديات العابرة للحدود الوطنية مثل فيروس «كورونا» وتغير المناخ. وهو عمل سابقاً نائباً لوزيرة الخارجية ونائباً لمستشار الأمن القومي خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وتعهد أن يكون قوة رائدة في محاولة الإدارة لإعادة صوغ علاقة الولايات المتحدة مع بقية العالم بعد أربع سنوات شكك فيها الرئيس ترمب في التحالفات القديمة.
وخلال وجوده على رأس وزارة الخارجية، يتوقع أن يساعد كبير الدبلوماسيين الأميركيين في إعادة بناء برنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة، والذي كاد ترمب أن يفككه بعدما قيّد بشكل جذري عدد اللاجئين المقبولين كل عام.
ويرث بلينكن قوة عاملة محبطة للغاية ومستنزفة في وزارة الخارجية بسبب السياسات التي اعتمدت في الإدارات السابقة. على الرغم من أن الوزارة أفلتت من التخفيضات المقترحة لأكثر من 30 في المائة من ميزانيتها لمدة ثلاث سنوات متتالية، فإنها شهدت عدداً كبيراً من الاستقالات من الرتب العليا والمتوسطة، واختار العديد من الدبلوماسيين التقاعد أو ترك الخدمة الخارجية نظراً للفرص المحدودة للتقدم في ظل إدارات كانوا يعتقدون بأنها لا تقدر خبراتهم. ويقول موظفو الوزارة إنهم سيراقبون عن كثب عدد من سيرتقون إلى مناصب عليا في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي في عهد بايدن وبلينكن. وحتى الآن، ذهب العديد من المناصب العليا إلى المعينين السياسيين الخارجيين أو المسؤولين المهنيين السابقين الذين تركوا الحكومة قبل أو خلال عهد ترمب. لكن العديد من الأدوار الرئيسية لا تزال شاغرة، بما في ذلك عدد من المناصب المساعدة لوزير الخارجية التي يمكن أن تذهب إلى المسؤولين المهنيين الحاليين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».