قوى سياسية لبنانية تطالب بعقد جلسة حكومية لإقرار الموازنة

TT

قوى سياسية لبنانية تطالب بعقد جلسة حكومية لإقرار الموازنة

دفعت قوى سياسية، بينها «التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، باتجاه عقد جلسة للحكومة المستقيلة تناقش فيها مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021. تمهيداً لإحالتها إلى مجلس النواب ودراستها وإقرارها.
ويحيط باجتماع الحكومة في ظل تصريف الأعمال، جدل سياسي وقانوني، حيث ترى بعض القوى السياسية أن اجتماعها غير دستوري في ظل تصريف الأعمال، استناداً إلى المادة 64 من الدستور، بينما يرى آخرون أن الضرورات التي تتمثل بانتظام المالية العامة، وهو أهم مبادئ إقرار الموازنة للإنفاق خارج قاعدة الإنفاق الاثني عشرية، تتيح اجتماع الحكومة المستقيلة استناداً إلى تجربة سابقة في الستينيات.
ويجيز القانون اللبناني للحكومة الإنفاق وفق القاعدة «الاثني عشرية» حتى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام، وهي مهلة إضافية تُمنح للبرلمان لمناقشة الموازنة، لكن هذا العام، قدمت وزارة المال مشروع قانون الموازنة إلى الحكومة أول من أمس الثلاثاء، وجرى التأخير بسبب الظروف التي تلت استقالة الحكومة في أغسطس (آب) المنصرم، إثر انفجار مرفأ بيروت، مما يعني أن الإنفاق من خارج الموازنة سيتم إلى حين إقرارها.
وأكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أمس أن «الموازنة أهم مشروع تقوم به أي دولة»، مشدداً على أن مصلحة الدولة تقتضي اجتماعاً لحكومة تصريف الأعمال لدراسة المشروع قبل إحالته إلى مجلس النواب لإقراره وذلك بشكل استثنائي».
وأشار كنعان، في حديث إذاعي، إلى أن «الكلمة الفصل في هذا الخصوص عند الهيئة العامة لمجلس النواب مروراً بلجنة المال والموازنة»، داعياً إلى أخذ أي مبادرة في هذا الخصوص. وقال: «من موقعي أقول إن أقل الإيمان إقرار الموازنة التي يجب ألا تنتظر تشكيل الحكومة».
وأيد «الحزب التقدمي الاشتراكي» هذا الاتجاه، إذ غرّد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله عبر «تويتر» قائلاً: «أؤيد مطالبة رئيس لجنة المال والموازنة الزميل إبراهيم كنعان، بضرورة عقد جلسة استثنائية للحكومة، لإقرار مشروع قانون الموازنة، لكي تتمكن وزارات وإدارات الدولة من الاستمرار في عملها. وإلا فلا معنى وقيمة دستورية وقانونية لمبدأ تصريف الأعمال».
وينص قانون المحاسبة العمومية على أن تقوم مديرية الموازنة ومراقبة النفقات في وزارة المالية بدرس موازنات الوزارات التي وردتها حتى مهلة 31 يوليو (تموز) من كل عام، لتعمل الوزارة خلال شهر أغسطس (آب) على توحيد الموازنات وتحضير مشروع الموازنة العامة، وإحالته إلى مجلس الوزراء، الذي يفترض أن يدرس المشروع ويعدّله ويصدّقه ويحيله إلى مجلس النواب في مهلة قصوى في مطلع أكتوبر (تشرين الأول). وتبدأ اللجان البرلمانية المختصة بدراسته وإحالته إلى الهيئة العامة لإقراره. وتنفق الحكومة اللبنانية الآن على قاعدة الإنفاق الاثني عشرية، بناء على أرقام الموازنة السابقة، رغم التغييرات التي طرأت على الاقتصاد اللبناني.
وأظهر مشروع الموازنة العامة الذي أعدته وزارة المالية لعام 2021، نحو 18 ألف و260 مليار ليرة (ما يقارب 12.15 مليار دولار وفق سعر الصرف الرسمي)، مما يعني أنها أقل بأكثر من 20 في المائة من موازنة العام الماضي (ناهزت الـ17 مليار دولار في 2020)، وتنقسم إلى واردات عادية تقدر بنحو 13.5 ألف مليار ليرة (9 مليارات دولار) و4700 ألف مليار ليرة (3.15 مليار دولار) كواردات استثنائية. ونادراً ما تضمنت الموازنة إنفاقاً لتشييد أبنية أو إنشاءات أو استملاكات، مما يظهر تقشفاً كبيراً في الموازنة.
وتتصدر أرقام الموازنة موازنة وزارات الدفاع والداخلية والتربية، يليها وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية. كما تضمنت سلفة خزينة طويلة الاجل لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1500 مليار ليرة (نحو مليار دولار).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.