قضاة ليبيا يطالبون بإبقاء مؤسستهم بعيداً عن «الصراع السياسي»

TT

قضاة ليبيا يطالبون بإبقاء مؤسستهم بعيداً عن «الصراع السياسي»

فجّر الحديث عن اتفاق الأفرقاء السياسيين في ليبيا حول تقاسم المناصب السيادية على أساس «المحاصصة المناطقية» حالة من الرفض والاستهجان بأوساط عدة، وفي مقدمتها العاملون في السلك القضائي، الذين طالبوا بإبقاء مؤسستهم التي بقيت موحدة بعيداً عن تجاذبات «الصراع السياسي».
وقال وزير العدل الليبي الأسبق، صلاح المرغني، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، إن «أخطر ما يواجه أي قضاء في العالم هو شبهة الانحياز، وهو ما يجب تجنبه»، مشيراً إلى رفضه «المحاصصة على منصبي النائب العام ورئيس المحكمة العليا» بين الأقاليم الليبية.
ومطلع الأسبوع الحالي، اتفق ممثلون عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في منتجع بوزنيقة المغربي على فتح باب الترشّح للمناصب «السياديّة» السبعة في البلاد.
وتوافق الفريقان على تولي إقليم طرابلس (منطقة الغرب) مناصب النائب العام، وديوان المحاسبة، والمفوضية العليا للانتخابات، في حين تحصل منطقة فزان (الجنوب) على المحكمة العليا، وهيئة مكافحة الفساد، بينما تحصل برقة (الشرق) على المصرف المركزي، وهيئة الرقابة الإدارية، وهو الأمر الذي أزعج جموع القضاة في حينه، وذهب المرغني إلى أن «المعيار في القضاء لا يجب أن يكون إقليمياً، بل يجب أن يظل مستقلاً وموحداً».
ورداً على تمسك كل فصيل سياسي بأكبر قدر من المناصب السيادية في إقليمه، قال المرغني «لا يجب أن يكون القضاء معروضاً عليهم للمساومة، فليتقاسموا ما شاءوا من مناصب، إلا القضاء»، مضيفاً «لو فسد القضاء، لفسد كل شيء».
كما تحدث المرغني عن وضعية القضاء في ليبيا حالياً، ومدى تأثره بالأوضاع المتوترة على مدار الأعوام السابقة، وقال بهذا الخصوص «نعم لدينا قضاء عاجز، لكن يجب ألا نفسده؛ لأنه يمكننا إصلاح العجز. لكن الفساد صعب الإصلاح إن لم يكن مستحيلاً».
وسبق أن أعلن المجلس الأعلى للقضاء الليبي رفض التفاهمات الصادرة عن حوار الليبيين في بوزنيقة، خصوصاً المتعلقة بعمل السلطة القضائية وتوزيعها على جهات ومناطق بعينها، وسجل اعتراضه في بيان رسمي عليها، مؤكداً أن أعمال الهيئات القضائية ورئاستها «منظمة بنصوص قانونية ودستورية»، وأنه لا يمكن الركون لرأي مجموعة لا تأخذ القانون الصادر عن مجلس تشريعي مُنتخب موحد بعين الاعتبار.
وبعد أن ذكر المجلس الأعلى بأن السلطة القضائية «هي الوحيدة المنتخبة» وفقاً للقانون الليبي، حذر من أن استهداف السلطة القضائية «سينال من وحدتها، ولن يقف متفرجاً على أي اعتداء على استقلالها دون سند قانوني أو دستوري».
ورأى المرغني أن «محاولة تضمين توزيع المناصب السيادية، بما يشار إليه بالمحاصصة لمنصبي رئيس المحكمة العليا والنائب العام تصطدم بالمستحيل»، وأرجع ذلك «إلى انعدام فرص قبولها من الفكر القضائي والحقوقي، ومنطق استقلال القضاء في فصله بالمنازعات بين الخصوم، بغض النظر عن انتماءاتهم».
وانتهى المرغني متسائلاً «لقد أفنينا أعمارنا في الدفاع عن استقلال القضاء، وإبعاده عن الصراع السياسي، فهلا يتعظ من يعنيهم الآمر الآن؟ أم أننا سنرى مزيداً من الانغماس لمجلس القضاء في السياسة، والاحتجاج فقط عندما يعلق به شيء من بلل هذا الصراع؟».
في السياق ذاته، تضامن مسؤول سياسي بغرب البلاد مع رفض القضاة توزيع المناصب القضائية بين الأقاليم، وقال في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، «يجب التركيز في توزيع هذه المناصب السيادية على معايير الكفاءة والنزاهة، بدلاً من المحاصصة المناطقية».
وقرر المشاركون في الحوار السياسي الليبي بالمغرب تشكيل مجموعات عمل صغيرة؛ بهدف الإعداد لعملية تقديم طلبات الترشّح لهذه المناصب الرئيسية، وتتولى هذه المجموعات تصميم نماذج الترشيح، واستقبال الطلبات والسير الذاتية للمرشحين، والتأكد من مطابقتها للمعايير والشروط المقررة، وفور الانتهاء من العمليّة سيتمّ تقديم الترشيحات إلى ممثّلين عن مجلسي النواب و«الأعلى» في ليبيا.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.