عشرات الجرحى والمختطفين في اعتداء مسلحين على مسيرات سلمية

الحوثيون يقمعون بالخناجر والهراوات والرصاص الحي مظاهرات مناهضة لهم

عشرات الجرحى والمختطفين في اعتداء مسلحين على مسيرات سلمية
TT

عشرات الجرحى والمختطفين في اعتداء مسلحين على مسيرات سلمية

عشرات الجرحى والمختطفين في اعتداء مسلحين على مسيرات سلمية

استمرت جماعة الحوثي في قمع المظاهرات السلمية المناهضة لها بالعاصمة صنعاء، حيث أصيب 10 متظاهرين على الأقل، بعد تعرض مسيرتهم أمس، لاعتداء بالخناجر والهراوات من قبل الحوثيين الذين استخدموا الأجهزة الأمنية، وميليشياتهم المنتشرة في صنعاء لتفريق المظاهرة بالقوة، كما اختطفوا عشرات الناشطين بينهم صحافيون وإعلاميون.
وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن «عشرات المسلحين من جماعة الحوثي بزي رجال الأمن طوقوا المسيرة الاحتجاجية في شارع الرباط، بعد أن قطعوا الطرق المؤدية إلى مكان انطلاقها، وانتشر قناصون على العمارات المطلة على الشارع»، مؤكدين أن «المسلحين هاجموا المحتجين بالأسلحة البيضاء والهراوات وأطلقوا الرصاص الحي، ما أدى إلى إصابة أكثر من 10 أشخاص بجروح مختلفة، في حين تعرض صحافيون ونشطاء لحملة اختطافات ونهب مقتنياتهم، كما منعوا الإعلاميين من تغطية المسيرة». وأكد الناشط محمد اليمني، أن الحوثيين أرسلوا طواقم عسكرية على متنها عشرات المسلحين بعضهم يرتدي اللباس المدني، والبعض الآخر بزي عسكري ومنعوا انطلاق المسيرة من المكان الذي حددوا مكانه في شارع الستين الشمالي، ما دعا منظمي المسيرة إلى تغيير اتجاهها نحو شارع الرباط، حيث تم الاعتداء عليهم هناك. ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإسقاط الانقلاب الذي قاده الحوثي والرئيس السابق، وأكدوا أهمية سحب الميليشيات المسلحة من المدن، واستعادة الأسلحة المنهوبة من معسكرات الجيش.
ونددت نقابة الصحافيين اليمنية بممارسات جماعة الحوثي ضد حرية الصحافة، بعد اعتداء مسلحيها على عدد من الصحافيين، حيث اختطفت الميليشيات سكرتير الموقع الإخباري «المصدر أون لاين»، يوسف عجلان إلى جانب إعلاميين آخرين، أثناء ممارستهم عملهم في تغطية المسيرة الاحتجاجية، وقد أطلقت الجماعة سراح عجلان بعد أخذه إلى أحد معتقلاتهم في جنوب صنعاء. ولفتت نقابة الصحافيين في بيان صحافي أمس إلى أن مصير المصور الصحافي يحيى السُّواري لا يزال مجهولا بعد مرور 3 أيام على اختطافه من قبل الحوثي أثناء تصويره اعتداء المسلحين على مسيرة بساحة التغيير بصنعاء، وحملت النقابة الحوثي مسؤولية اختطافه.
وفي محافظة تعز خرجت مظاهرات حاشدة رافضة للحوثيين ومنددين بالاعتداءات التي يتعرض لها الناشطون في صنعاء، وطالب المتظاهرون السلطات المحلية في تعز بسرعة تنفيذ قرار إقليم الجند وفقا لمخرجات الحوار الوطني، معلنين تضامنهم مع المتظاهرين في العاصمة صنعاء الذين تعرضوا للاعتداءات والاختطافات، أثناء ممارستهم حقهم السلمي في التظاهر.

اعتدى المسلحون الحوثيون في مدينة الحديدة بغرب اليمن، أمس، على المشاركين في المسيرة الرافضة للوجود الحوثي، بالإضافة إلى قيام الميليشيات الحوثية بمنع أبناء تهامة الذين قدموا من مديريات شمال الحديدة من الدخول إلى المدينة والمشاركة في المسيرة الجماهيرية الحاشدة التي خرجت للمطالبة بطرد جميع الميليشيات الحوثية المسلحة من إقليم تهامة، عموما، ومحافظة الحديدة على وجه الخصوص، ورفع المتظاهرون شعارات تؤكد التمسك بإقليم تهامة دون هيمنة أو وصاية، وقال قائد الحراك التهامي، عبد الرحمن شوعي، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحوثيين اعتدوا على المشاركين في المسيرة أمام قلعة (الكورنيش) التاريخية، على ساحل البحر الأحمر، وقاموا باعتقال بعض المشاركين، بالإضافة إلى إصابة البعض منهم والميليشيا الحوثية تقوم بملاحقة الناشطين واعتقالهم وإخفائهم في سجون خاصة».
وأكد شوعي أن «المسلحين الحوثيين أطلقوا الرصاص الحي على المسيرة السلمية التي تندد وتطالب بخروج المحتلين من أرض تهامة مما أدى إلى جرح البعض منهم، وقاموا بعمليات استفزازية ولولا تدخل الحكماء وضبط النفس وعدم الانجرار إلى الاستفزاز الذي قام به الحوثيون، لكانت هناك نتائج لا تحمد عقباها لأن الميليشيا الحوثية تريد المصادمة مع المشاركين في المسيرة ومواجهة المنددين برفض وجودهم في تهامة ورفض وجود جميع الميليشيات المسلحة داخل تهامة».
وأكد القائد الميداني أن «الحراك التهامي لن يظل مكتوفي الأيدي أمام هذه الميليشيا المسلحة والتصرفات الهمجية غير الأخلاقية ومن حق أبناء تهامة أن يعبروا عن رفضهم لهذا الاحتلال»، وحذر «الحوثيين من التمادي وألا يظنوا أن أبناء تهامة سيسكتون على الوضع الراهن وما تقوم به الميليشيا الحوثية وسيكون هناك رد لأن الرد التهامي سيكون مؤلما ولا يتوقعونه، والأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت»، على الصعيد ذاته، علمت «الشرق الأوسط» أن المسلحين الحوثيين قاموا بعملية تمشيط واسعة في مدينة الحديدة وملاحقة للناشطين المشاركين في المسيرة وأن من جرى اعتقالهم من المشاركين في المظاهرة، جرى نقلهم إلى معسكر مديرية الضحي، الذي يبعد بضعة كيلومترات عن عاصمة المحافظة والتابع للفرقة الأولى مدرع (سابقا)، في الوقت الذي تستمر فيه جماعة الحوثي المسلحة بمطاردة شباب الثورة من الحراك التهامي وإطلاق الرصاص الحي عليهم.
وأكد أحد المشاركين في المسيرة لـ«الشرق الأوسط» أن « مجاميع حوثية مسلحة اعترضت المشاركين القادمين من جميع مديريات محافظة الحديدة القادمة للمشاركة في المسيرة المطالبة بطرد المسلحين الحوثيين وإعلان رفضهم للانقلاب ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي»، وقال المتظاهر إن «ميليشيا الحوثيين منعتهم من دخول المدينة، إلا أن البعض منهم استطاع الدخول والمشاركة، في الوقت الذي أكد المشاركون في المسيرة أنهم لن يقبلوا بغير مدينة خالية من الميليشيات المسلحة وأنهم لن يقبلوا الذل مهما كانت الصعاب، لأن المسيرات أقوى من الرصاص ولأن ثورتهم شعبية ومطالبهم شرعية ومستمرون في نضالهم السلمي».
وتكتسب محافظة الحديدة أهمية خاصة بالنسبة لليمن وتحديدا المحافظات الشمالية، فهي الميناء الرئيسي في شمال البلاد ومنطقة زراعية وتمد خزينة الدولة بمليارات الريالات سنويا من عائدات الميناء والجمارك والضرائب، إضافة إلى المواد الغذائية والخضراوات والفواكه والثروة الحيوانية، وتتزايد أهمية الحديدة بالنسبة للعاصمة صنعاء ومحافظات الشمال، مع توجه الجنوب نحو الانفصال.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.