حيلة من المخ... لماذا يبدو الماضي أفضل من الحاضر غالباً؟

الحنين إلى الماضي الوردي حيلة يلعبها المخ علينا عندما نشعر أننا ضعفاء أو مثقلون بالأعباء (أرشيفية)
الحنين إلى الماضي الوردي حيلة يلعبها المخ علينا عندما نشعر أننا ضعفاء أو مثقلون بالأعباء (أرشيفية)
TT

حيلة من المخ... لماذا يبدو الماضي أفضل من الحاضر غالباً؟

الحنين إلى الماضي الوردي حيلة يلعبها المخ علينا عندما نشعر أننا ضعفاء أو مثقلون بالأعباء (أرشيفية)
الحنين إلى الماضي الوردي حيلة يلعبها المخ علينا عندما نشعر أننا ضعفاء أو مثقلون بالأعباء (أرشيفية)

أحياناً ما نقع في براثن الاعتقاد أن كل شيء في الماضي كان أفضل وأسهل بكثير. ولكن هذه إحدى الحيل التي يلعبها المخ علينا، لا سيما عندما نشعر أننا ضعفاء أو مثقلون بالأعباء.
غير أنه من الناحية الفعلية نادراً ما يكون هذا هو الحال وهو أن الأشياء كانت أفضل «بشكل موضوعي» في الماضي.
ويشير علماء النفس إلى هذا النمط الخاطئ من التفكير بالماضي الوردي، وأن هذا تحيز إدراكي مدروس بشكل جيد، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
يحدث هذا لأننا عندما نفكر في الماضي من المرجح أننا نفكر في الأشخاص والأحداث والأماكن والأشياء بشكل مجرد. وعندما نفكر في الأشياء بشكل مجرد من المرجح أننا نركز على العموميات الإيجابية بشكل عام وليست التفاصيل الجوهرية التي أحياناً ما تكون قاتمة، حسبما ذكر موقع «سيكولوجي توداي».
على سبيل المثال، إذا تذكرت عطلة قضيتها مع أسرتك، فلنقُل قبل خمس سنوات، فمن المحتمل أنك سوف تتذكر الحوارات الممتعة والطعام الجيد الذي تناولته. ومن المرجح أنك لن تتذكر كم كانت الأريكة التي نمت عليها لخمسة أيام متتالية غير مريحة، ناهيك بمدى التوتر الناجم عن قضاء الوقت مع أسرتك الممتدة لأسبوع كامل.
بمعنى آخر، تزول التفاصيل السلبية من الأحداث الماضية من ذاكرتنا مع الوقت بينما تظل الأوجه الإيجابية. ومن الجيد أن هذا يحدث، حيث إنه يبقينا في حالة ذهنية إيجابية في الحاضر. وإذا لم تعمل أدمغتنا على هذا النحو فسوف يكون هناك احتمال أقل أن نقوم بنفس العطلة العام التالي أو القيام بأنشطة أخرى مهمة لصحتنا النفسية.
وفي الواقع، الأشخاص الذين يميلون لتذكر الخبرات السلبية أكثر من الإيجابية من المحتمل أنهم يعانون من اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب.
وهذا يقود إلى أن الماضي الوردي هو تحيز معرفي ولكن مثل الكثير من التحيزات المعرفية، يخدم غرضاً مهماً.
ومن الجيد دائماً التعامل مع مشاعر الحنين إلى الماضي بقدر صحي من التشكيك. وتشير أبحاث علم النفس بشكل عام إلى أن أفضل أيامنا أمامنا وليست خلفنا.
وتعقبت إحدى الدراسات منحنى التفاؤل لدى الأشخاص على مدار الوقت. ووجد الباحثون أن التفاؤل كان أقل في العشرينيات من العمر ثم ارتفع تدريجياً في عمر الثلاثين والأربعين ليصل إلى الذروة في الخمسينيات من العمر ثم يتراجع بعد ذلك.
بمعنى آخر، هناك دليل جيد على القول إن أسعد الأيام في المستقبل. وحتى إذا لم تكن كذلك، فيظل من المهم افتراض ذلك. يجب أن يتجنب المرء النظر إلى الماضي بدرجة من الولع. ولكن من نفس المنطلق، يجب عدم استغلال الماضي كعذر لتكون غير سعيد في الحاضر.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.